عباس يزور لبنان لإقناع الفصائل الفلسطينية بتسليم سلاحها وإخلاء المخيمات مع أي مظاهر تسلح.. ضغوط عربية لإخلاء لبنان من السلاح بكل أنواعه وحركة “حماس” ستكون العقبة وقد تضع شروطها

غزة – خاص بـ”رأي اليوم”- نادر الصفدي:
من المقرر أن يتوجه الرئيس الفلسطيني محمود عباس، خلال الأيام القليلة المقبلة إلى لبنان للتباحث في مسألة تسليم كافة أسلحة الفصائل الفلسطينية ووضعها بيد الدولة اللبنانية.
وأكدت مصادر عربية، أن هناك تواصل جرى في الساعات الماضية بين السلطة الفلسطينية والمسؤولين في لبنان، وتم التباحث أكثر من مرة حول تسليم سلاح فصائل المقاومة داخل لبنان ومخيماتها، بناء على تفاهمات سيتم الاتفاق عليها خلال الفترة المقبلة، وفق ما يتم تناقله عبر وسائل الإعلام.
وذكرت أن عباس سيقود بنفسه هذا المخطط، وذلك بناءً على طلبات وجهت له من قبل دول عربية وكذلك لبنان، بأن تبقى خالية تمامًا من أي سلاح غير سلاح الدولة، وقطع الطريق على إسرائيل لأي ذريعة لاستهداف لبنان وإشعال نار الحرب مجددًا فيها.
ولفتت المصادر ذاتها، أن هناك توقعات بان تستجيب كافة الفصائل لتسليم سلاحها “الثقيل والمتوسط” على كافة الأراضي اللبنانية بما فيها المخيمات، لكنها توقعت أن تكون هناك عقبة في إقناع حركة “حماس” بهذه الخطوة أو فرض الحركة بعض الشروط على الطاولة.
ولم تعلن الفصائل الفلسطينية أنها تبلغت قراراً رسمياً بنزع السلاح داخل المخيمات أو تسليم موقوفين، بل تقول المصادر إن “السلاح لن يكون عائقاً أمام الدولة، لكن المطلوب مقاربة جماعية، ولجنة حوار فلسطينية – لبنانية”.
وأكدت أن “وجود فصائل المقاومة في المخيمات لا يعني أنها متمردة على السيادة، بل هو نتيجة تراكمات تاريخية لا يمكن تجاوزها بسهولة”.
ويعود جذور السلاح الفلسطيني في لبنان إلى اتفاق القاهرة عام 1969، الذي منح منظمة التحرير الفلسطينية حق التسلح والتنقل داخل لبنان. ورغم إلغاء الاتفاق في عام 1987، ظل السلاح الفلسطيني في لبنان قائماً، ولا سيما مع بقاء بعض الفصائل المسلحة الموالية لسورية خارج سلطة الدولة.
في لبنان، تنشط مجموعة من الفصائل، أبرزها حركة فتح، التي تأسست عام 1959 بقيادة ياسر عرفات، وهي أكبر فصيل في منظمة التحرير الفلسطينية وتُعدّ عنصراً أساسياً في السلطة، فيما تنشط “كتائب شهداء الأقصى” التابعة لها في عدد من المخيمات. إلى جانبها، تقف حركة حماس، التي تأسست عام 1987 وتتمتع بحضور تنظيمي لافت، رغم التوترات التاريخية مع “فتح”.
وتحضر أيضاً “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين” التي أسسها جورج حبش عام 1967، والتي، رغم تراجع نفوذها، لا تزال تحافظ على مواقع رمزية.
أما “الجبهة الشعبية – القيادة العامة”، المنبثقة منها عام 1968 بقيادة أحمد جبريل، فاحتفظت بمواقع عسكرية خارج المخيمات في مناطق البقاع بدعم سوري (تسلّمها الجيش اللبناني في أعقاب سقوط نظام بشار الأسد، في ديسمبر/كانون الأول الماضي). إلى جانب هذه القوى الفصائلية، برزت مجموعات سلفية متشددة مثل “عصبة الأنصار” و”جند الشام”، خصوصاً في مخيم عين الحلوة، وهي تُعد من بين الأشد تطرفاً والأكثر تعقيداً في التعامل الأمني.
ويوجد 12 مخيماً فلسطينياً رسمياً يعيش فيها نحو 110 آلاف لاجئ فلسطيني، وفق إحصاء الجامعة الأميركية في عام 2015. معظمهم من اللاجئين الذين هجّرتهم النكبة من قرى الجليل ومدن الساحل الفلسطيني، وقد حُرموا حقوقهم المدنية، ومُنعوا من العمل في أكثر من 30 مهنة.
ومن المقرر أن يزور الرئيس عباس بيروت في 21 مايو (أيار)، في وقت تسعى السلطات اللبنانية إلى نزع السلاح الخارج عن سلطتها على الأراضي اللبنانية، بما فيها مخيمات اللاجئين الفلسطينيين.
وأكد الرئيس اللبناني جوزيف عون في مقابلة صحافية الأسبوع الماضي أن السلطات تتحرّك لنزع السلاح الثقيل والمتوسط على كل الأراضي اللبنانية، بما فيها المخيمات الفلسطينية.
وبموجب اتفاق طويل الأمد، تتولى الفصائل الفلسطينية مسؤولية الأمن داخل المخيمات الفلسطينية التي يمتنع الجيش اللبناني عن دخولها.
ويُقدّر عدد اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في هذه المخيمات المكتظة بنحو 250 ألفاً، وتنتشر فيها مجموعات من حركة فتح ومن حركة حماس وفصائل مسلحة أخرى.
ومنذ 27 نوفمبر (تشرين الثاني)، تاريخ دخول اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و”حزب الله” حيز التنفيذ في لبنان، بعد مواجهة دامية استمرت أكثر من عام على خلفية الحرب في قطاع غزة، تبدي السلطات اللبنانية حزماً لبسط سيطرتها على كامل الأراضي اللبنانية ومنع كل وجود مسلح خارج القوات الشرعية.
ونصّ اتفاق وقف إطلاق النار على تفكيك سلاح حزب الله وتطبيق القرار الدولي 1701 الذي ينص على نزع سلاح كل المجموعات المسلحة غير الشرعية.
وأعلن الجيش اللبناني في الأيام الأخيرة تسلّمه من حركة حماس ثلاثة فلسطينيين يشتبه بضلوعهم في عمليتي إطلاق صواريخ باتجاه الأراضي الإسرائيلية في 22 و28 مارس (آذار)، في ظل وقف إطلاق النار.
كما أوقف الجيش في أبريل (نيسان) لبنانيين وفلسطينيين ضالعين في عمليتي إطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل التي ردّت بقصف جنوب البلاد والضاحية الجنوبية لبيروت.
ورغم اتفاق وقف إطلاق النار، تواصل إسرائيل تنفيذ ضربات تقول إنها تستهدف عناصر في حزب الله أو “بنى تحتية” عائدة له أو فصائل لبنانية أو فلسطينية أخرى.