اسيا العتروس: هل هناك أبشع من موت الاطفال جوعا؟

اسيا العتروس: هل هناك أبشع من موت الاطفال جوعا؟

اسيا العتروس
كيف يمكن أن نطلب من طفل جائع أن يكون صبورا مع احساس يمزق أحشاءه ؟و كيف يمكن لام أو أب أن يتحمل مشاهد أطفاله و هم يتضورون جوعا و لا يجد ما يقدمه لهم ؟ هل هناك أبشع وأقسى من أن يموت المرء جوعا ليس لان الطعام مفقود و لكن لان هناك كائن سادي متوحش يتحدى العالم و يرفض دخول المساعدات الغذائية الانسانية العاجلة الى أصحابها .. الجوع كافر و لم يعد لاهل غزة من  خيار أمام موت الضمير الانساني و تلاشي القيم الكونية سوى انتظار أن يأتي الموت على عاجل بسبب القصف أو أن يكون موتا بطيئا تطول معه المعاناة و الالم ..خبرت غزة كل أنواع القتل و الموت قصفا او حرقا أو ردما بيتن جثث كاملة أو أشلاء مقطعة ..
هذا حال غزة و حال أهلها جميعا فمن لم يمت بالقصف الذي يلاحقهم على مدار الساعة مات جوعا و عطشا ..منذ الثاني من مارس الماضي يمنع الاحتلال دخول أي مساعدات الى قطاع غزة دون أن يتوقف عن الترويج أن حماس تسرق المساعدات من أصحابها و تستحوذ عليها ,,و يبدو أن أكاذيب ناتنياهو وجدت لها صدى لدى الرئيس الامريكي دونالد ترامب الذي خرج يتبجح بدوره معلنا أنه سيقوم بارسال بعض الغذاء الى غزة لان حماس تخطف المساعدات ..حديث ترامب لا يخل من الاحتقارلانسانية الانسان الغزاوي  والدوس على أبسط حقوقه في البقاء والحياة على أرضه وهو يشير الى اعتزامه ارسال “الفتات ” الى غزة معتقدا وأنه في ذلك تجسيد للقيم الانسانية الكونية , ما  يقوم به ترامب يمكن اختزاله في كلمة غسان كنفاني عن وقاحة البشر بقوله “انهم يسرقون خبزك ثم يعطونك منه كسرة ثم يأمرونك أن تشكرهم على كرمهم يا لوقاحتهم “
لا يختلف خطاب الرئيس الامريكي ترامب عن خطاب حليفه ناتنياهو الذي يعتمده لكشف أهداف الادارة الامريكية المرتقبة في المنطقة في الايام القليلة القادمة قبل زيارة ترامب المرتقبة الى السعودية ..    يستمر عدد الاطفال الذين فقدوا الحياة بسبب الجوع و انعدام الحد الادنى من الغذاء في ارتفاع مستمر بعد استئناف كيان الاحتلال حرب الابادة ارتفع العدد الى 57 طفلا فقدوا الحياة تحت أنظار عائلات لا تملك الا أن تحصي أنفاس فلذات اكبادها بعد أن عجزت عن انقاذهم , لم يبقى في غزة ما يسد الرمق حتى الاعشاب و الصبار الذي كان يقتات منه أهل غزة لم يعد متوفرا و ان توفر فانه لا يمكن أن يقدم غذاء لاطفال  يعانون سوء التغذية ..منذ الثاني من مارس 2024 أوقفت إسرائيل دخول المساعدات بكافة أنواعها إلى قطاع غزة، قبل أيام من استئناف الحرب و فشلت لاحقا كل الاصوات الداعية الى فتح المعابر و نقل المساعدات الغذائية الانسانية الى غزة و لم تشفع جثث الاطفال و صرخات الاهالي في كسر الحصار و فتح سجن غزة أمام المنظمات الانسانية الدولية ..لم يعد بالتالي لكل الارقام و الاحصائيات حول حصيلة الضحايا والجوعى و المشردين و المرضى في غزة من معنى  أمام تصلب و توحش كيان الاحتلال المدعوم دوما من حلفاءه في الغرب .. ..لم يعد المسؤولون في الدول الكبرى  و أصحاب السعادة و المقامات يتحرجون او يخجلون مما يحدث في غزة بل هم معنيون بالبحث عن الذرائع و التبريرات لكيان الاحتلال .. اجتماعات اعلى الهيات القضائية الاممية تجتمع تعقد المحاكمات المفتوحة تستمع لخبراء القضاء الدولي تستعرض وثائق الادانة والشهادات المدوية عن جرائم الاحتلال و لكنها لا تذهب الى أكثر من ذلك و غالبا ما تسقط قراراتها بالضربة القاضية أمام الفيتو الامريكي …
صحفية وكاتبة تونسية