نيويورك تايمز: ما مدى واقعية المخاوف بشأن “نهاية النظام العالمي”؟

نيويورك تايمز: ما مدى واقعية المخاوف بشأن “نهاية النظام العالمي”؟

نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية مقالاً يشير إلى بقعة ضوء في ظلام التشاؤم السائد في الوقت الحالي؛ حيث يقول الكاتب الدكتور أميتاف أشاريا، وهو أستاذ في العلاقات الدولية، إن “الفوضى بعد نهاية النظام الأمريكي ليست حتمية”.
ويوضح أشاريا أن المخاوف في هذا الشأن تستند إلى مفاهيم غربية خاطئة لخص تصحيحها في نقطتين: الأولى هي أن العقود السبعة الماضية لم تكن جيدة لجميع دول العالم كما كانت للدول الغربية بشكل خاص؛ والثانية هي أن مبادئ النظام نفسها ليست من اختراع الغرب.
ويشرح المقال النقطة الأولى بأن المدافعين عن النظام الحالي يرون أنه حال دون اندلاع حروب كبرى، وحافظ على نظام دولي مستقر ومزدهر، لكنّ أشاريا يؤكد على أن هذا “السلام” اقتصر على بعض الدول وحسب.
فعلى الرغم من أن هذا النظام نجح في جلب السلام للغرب، بحسب أشاريا، إلا أنه ساهم في إحداث الفوضى في دول غير غربية، كما حدث في التدخلات الأمريكية في فيتنام والعراق وأفغانستان.
أما بالنسبة للنقطة الثانية، فيؤكد المقال على أن فكرة التعاون بين الدول، تسبق بزمن طويل ما ذكره الدبلوماسي الأمريكي الراحل هنري كيسنجر في كتابه “النظام العالمي”، عن “الوفاق الغربي” الذي نشأ بعد هزيمة نابليون عام 1815.
وأشار المقال إلى نظام دبلوماسي قديم يعود إلى 3000 عام، يُعرف بـ “رسائل تل العمارنة”، وهي مراسلات دبلوماسية بين الحكام المصريين وممثليهم في مملكتي كنعان وأمورو وقادة المملكة المجاورة.
ويصف المقال نظام “تل العمارنة” وهو اسم مدينة في صعيد مصر، بأنه كان قائماً على مبادئ المساواة والمعاملة بالمثل، فيما بين القوى العظمى في ذلك الوقت، موضحاً أن نظام “الوفاق الأوروبي” استمر لأقل من قرن، مقابل نظام تل العمارنة الذي حافظ على السلام لضعف هذه المدة تقريباً، أي لنحو قرنين.
كما أشار المقال الذي نشرته نيويورك تايمز إلى أقدم اتفاق ينص على القواعد الإنسانية للحرب، بين مصر والحيثيين في نحو عام 1269 قبل الميلاد، بما يسبق اتفاقيات جنيف لعام 1949.
وبالتالي فإن الاعتراف بجذور هذه المفاهيم في العصور القديمة، يعطي الأمل في “إمكان بقائها في عالم لا تُهيمن عليه أمريكا” بحسب أشاريا الذي ألف كتباً حول أفول نجم الغرب ونهاية النظام الأمريكي العالمي.
ومع ذلك، يرى المقال أن النظام القديم لم يمت بعد، وأن الولايات المتحدة لا تزال أقوى دولة في العالم بفضل قوتها العسكرية، وهيمنة الدولار، والقاعدة التكنولوجية الأمريكية الهائلة؛ إلا أنه لا يرجح أن يصمد نظامها العالمي حتى أواخر هذا القرن.
ويرى أشاريا في التغيرات الاقتصادية الطارئة سبباً يدعو للتفاؤل، حيث إن “إدراك أن النظام الأمريكي ليس النظام الوحيد الممكن، وأنه بالنسبة للعديد من الدول ليس حتى نظاماً جيداً أو عادلاً، يسمح بالأمل في أن نهايته قد تبشر بعالم أكثر شمولاً”.
ويبشر المقال في ختامه بأن في الإمكان الوصول إلى عالم “أكثر عدلاً” تشكله مجموعة عالمية من الدول، دون الاقتصار على الولايات المتحدة أو الصين أو حفنة من القوى العظمى. (بي بي سي)