طاهر باقر: اليمن تحقق النصر المصغر وبقي النصر الاكبر

طاهر باقر
اعلان الرئيس الاميركي “دونالد ترامب” وقف اطلاق النار من جانب واحد باتجاه اليمن هو بمثابة اعلان هزيمة في حرب لم يحقق الامريكي اهدافه فيها فهو الذي اقحم نفسه في هذه الحرب من اجل وقف هجمات اليمنيين ضد موانئ الكيان الاسرائيلي والسفن التي تغذيه بالطعام والبقاء، فشل في وقف تلك الهجمات.
ورغم الخراب والدمار الا ان التدخل الاميركي لم يساهم في اضعاف حركة انصار الله بل زادها رسوخا في قلوب اليمنيين وشهرة في الامتين العربية والاسلامية وذلك انها تناضل في سبيل قضية عادلة هي القضية الفلسطينية، ومن اجل ايقاف حرب شعواء يشنها هتلر العصر “بينيامين نتنياهو” ضد الشعب الفلسطيني.
الرئيس ترامب يفكر بعقلية التاجر، ومع دخول الصاروخ اليمني الجديد “الفرط صوتي” حيز الخدمة شعر بانه حان موعد الخروج من اللعبة قبل ان يدفع الاثمان الباهضة نتيجة تدخله المجحف في اليمن لمساعدة ربيبه المدلل نتنياهو والذي يناضل من اجل البقاء في السلطة من خلال الاستمرار في الحرب وايجاد المبررات القانونية لعدم استدعائه من قبل القضاء واحتمال اعتقاله وان يصبح مجرما ومعتقلا في السجن بعدما ناضل ليصبح بطلا قوميا لليهود.
هناك لحظة دقيقة ستكون حاسمة في اية حرب وهذه اللحظة اصبحت مؤاتية لليمنيين بعد ان دكوا مطار “بن غوريون” بصاروخهم الفرط صوتي، وحققوا من خلاله انتصارهم الاول وقد لاحظ العالم كله هذا الانتصار وادرك الجميع ان ماحققه اليمنيون لم يتكمن احد غيرهم من فعله فقد عبر الصاروخ اليمني من اربعة انظمة دفاع جوي والخبراء يقولون انها تسعة انظمة، هذه الانظمة التي بنيت لمواجهة هجمات تنفذها دولا عظمى، هي فشلت في مواجهة صاروخ انصار الله وهذه القضية ذات دلالات كبيرة للامة العربية التي خدروها بكلمات الفشل والهزيمة وانها عاجزة على مواجهة الجيش الذي لايقهر”لقد اثبتت حماس وانصار الله ان هذا الجيش يمكن قهره”.
فشل منظومات الدفاع الجوي الصهيونية معناه ان مقدرات “اسرائيل” اصبحت بيد حركة انصار الله، هي الآن يمكن ان تفرض شروطها وان تأخذ التعويضات وان تفك الحصار وان تعيد بناء مطارها ومينائها وان تطلب مايحلو لها وماتشاء، كما يفعلون هم عندما يستولون على مقدرات بلد ضعيف فيفرضون شروطهم عليه.
تصريحات ترامب المباشرة والعفوية تشي بحقيقة الموقف الضعيف للادارة الاميركية في هذه الحرب وتكشف العجز الاميركي والغربي في مواجهة ارادة الشعوب التواقة للحرية والانعتاق من الهيمنة الاميركية.
واليوم يجب ان تقف الشعوب العربية والاسلامية الى جانب الشعب اليمني ودعمه بكافة الامكانيات والموارد التي يحتاجها من اجل تطوير برنامجه العسكري الذي اصبح فخرا للامة والشعوب العربية التي هي بحاجة الى هذا النصر وان كان بهذا الحجم الصغير من اجل شحن همتها وعزيمتها لمواجهة العدوان على ارادتها وكيانها “ان دعم اليمن هو بمثابة نصرة لغزة”.
اليوم؛ الدولة الوحيدة التي بامكانها ان تقلب المعادلة وان تغير الموازين لصالح قضايا الامة هي اليمن وان تقديم الدعم لهذا البلد هو دعم لقضايا الامة وعلى راسها القضية الفلسطينية، يجب ان نحقق الاستمرارية في الانتصارات من اجل رفع معنويات الامة كمقدمة لمشاركتها في هذه المعركة الكبرى والفاصلة مع قوى الشر.
لقد حاولت اجهزة الاعلام التي لاتنتمي لقضايا الامة ان تقلل من اهمية الضربة الصاروخية والصفعة الكبرى التي وجهتها حركة انصار الله للكيان الصهيوني وان تعتمد مقولة ترامب بشأن وقف اطلاق النار وان حركة انصار الله هي من توسلت من اجل الاتفاق على وقف اطلاق النار وذكرت تلك الوسائل بان الاعلان هو بمثابة “استسلام” من جانب الحركة، لكننا اذا فهمنا العلاقة بين اعلان ترامب وقف اطلاق النار وبين الصاروخ اليمني المدمر، ندرك ان الصاروخ اليمني هو الذي غير معادلة الحرب!
طبيعة الرد “الاسرائيلي” على الضربة الصاروخية اليمنية تكشف مدى الوجع الصهيوني الذي رافقها، وحاول من خلالها ان يظهر بصورة الطرف القوي والمسيطر على مجريات الحرب وراح يشن غارات موسعة على اليمن وعلى منشآته المدنية مثل مطار صنعاء وميناء الحديدة ومعمل الاسمنت؛ هجمات لاقيمة لها من ناحية الحرب العسكرية خاصة مع الاعلان عن هدفها وهو تحييد النظام الصاروخي اليمني ومنع انصار الله من اطلاق الصواريخ باتجاه “اسرائيل”.
هجمات اسرائيلية متكررة على اهداف كانت قد قصفت من قبل؛ هي لوكانت ناجحة ومفيدة، لكان الاميركان انفسهم قد اعلنوا انهم قد حققوا هذا المنجز بعد مئات الغارات التي شنوها على اليمن وافرغوا معها المخزون الاستراتيجي لصواريخهم مما خلق خللا في الميزان الاستراتيجي الاميركي لصالح روسيا والصين.
ومع الصواريخ الجديدة التي يمتلكها اليمن تستطيع حركة انصار الله ان تحول حاملات الطائرات الاميركية الى رماد، وافضل قرار يمكن ان يتخذه ترامب هو ان ينسحب ويترك نتنياهو يواجه مصيره الاسود، ومع التحول الاسترايجي الذي خلقه الصاروخ اليمني الجديد نتوقع ان يعلن ترامب وكبشارة للعالم عن وقف اطلاق النار في حرب غزة وكانه هو المتفضل على العالم وليس الصاروخ اليمني الذي غير كافة المعادلات وقلب الطاولة على نتنياهو.
الصاروخ اليمني حقق النصر المصغر وهاهو الرئيس ترامب يعترف بهذا النصر من خلال المطالبة بوقف اطلاق النار، غير اننا بحاجة الى المزيد من الصواريخ لتأكيد النصر المؤزر ولكي يدرك العالم ان الكيان هو الذي يعيش اوضاعا متأزمة وليست المقاومة وان نتنياهو هو الذي يجب ان يقدم التنازلات وليست حماس.
كل الامة يجب ان تقف وراء اليمنيين لانهم مثلما صنعوا الصاروخ المدمر للكيان الصهيوني هم يتمكنون من تطوير قدراتهم وصنع الصواريخ التي تطيح بالطائرات الاميركية والصهيونية وتنتهي اسطورة التفوق الاسرائلي الجوي وعندها ستنتهي اسطورة الجيش الذي لايقهر.
كاتب عراقي