بعد لقاء أبو ظبي واعتراف الشرع بالمفاوضات غير المباشرة.. متى ستنضم “سورية الجديدة” لسلام ابراهام؟

بعد لقاء أبو ظبي واعتراف الشرع بالمفاوضات غير المباشرة.. متى ستنضم “سورية الجديدة” لسلام ابراهام؟

عبد الباري عطوان

لم يفاجئنا الاعلام العبري بكشفه عن تفاصيل جديدة حول لقاء احمد الشرع (الجولاني) بمسؤولين إسرائيليين اثناء زيارته اللافتة الى أبو ظبي في 13 نيسان (ابريل) الماضي، لان هذا التطبيع المتدرج هو “شرط” امريكي غربي للاعتراف بالنظام السوري الجديد، ورفع الحصار الاقتصادي والسياسي عنه.
موقع 124 الإسرائيلي هو الذي كشف عن هذا اللقاء السري “غير الرسمي” المنسق مسبقا بإشراف اماراتي حكومي مباشر، وقال “ان الاجتماع جمع السيد احمد الشرع رئيس المرحلة الانتقالية في سورية، الى جانب عناصر استخبارات وأمن سوريين ورجال أمن إسرائيليين سابقين”، ونقل الموقع عن مصدر سوري كبير “ان المحادثات ركزت على المسائل الأمنية فقط، فضلا عن تقديم مقترحات لترتيبات أمنية حول جبل الشيخ، ووجود الجيش الإسرائيلي في المناطق العازلة”.

 

***

لم يصدر، وحتى كتابة هذه السطور، أي نفي من السلطة الانتقالية السورية المؤقتة لهذه الأنباء، ولا من دولة الامارات التي استضافت هذا اللقاء الفريد من نوعه، ولكن الرئيس الشرع اكدها بشكل غير مباشر في مؤتمره الصحافي المشترك الذي عقده مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون اثناء زيارته لباريس عندما اعترف امس الأربعاء “بوجود مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل عبر وسطاء من اجل تهدئة الأوضاع وعدم فقدان السيطرة”، ومن غير المستبعد انه كان يشير الى هذه اللقاءات في أبو ظبي، وربما أخرى برعاية الوسيط الاماراتي المكلف بهذه المهمة، سواء من دولة الاحتلال، او الولايات المتحدة الامريكية.
دولة الاحتلال تسيطر حاليا على معظم الجنوب السوري، وتبعد قواتها حوالي 20 كيلومترا عن العاصمة دمشق، وقصفت طائراتها محيط القصر الجمهوري، واهداف على بعد خطوات من المقر الرسمي للرئيس الشرع، مثلما قصفت خمسة قواعد ومطارات عسكرية في عدة مناطق ومدن سورية أخرى مثل “التي فور” في حمص، وأخرى في حماة وريف حلب في رسالة واضحة لتركيا التي كانت تخطط للنواجد في هذه القواعد.
“تطبيع” الادرة السورية الحالية مع دولة الاحتلال يسير بالتدرج، وكانت البداية إعلانها من اليوم الأول، وعلى لسان متحدث باسم وزارة خارجيتها، بأنها “لن تسمح لسورية بأن تشكل مصدر تهديد لاي طرف في المنطقة بما في ذلك إسرائيل”، وتأكدت هذه السياسية بعدم حدوث أي صدام او تصدي للتوغل الإسرائيلي في الأراضي السورية الجنوبية بما في ذلك المنطقة العازلة وجبل الشيخ، واقامتها تسع قواعد عسكرية لتعزيز هذا الاحتلال الذي سيستمر الى اجل غير مسمى، حسب المسؤولين الإسرائيليين، ولا ننسى الإشارة في هذه العجالة الى اللقاءات التي اجراها وزير خارجيتها مع قادة الجالية اليهودية في نيويورك.

 

***

الرئيس الشرع قال في أحد تصريحاته التي ادلى بها اثناء المؤتمر الصحافي في باريس “مارسنا أفعالنا القتالية بكل شرف وامانة حتى تحررت سورية”، ولكنه لم يشر مطلقا الى الاحتلالات الإسرائيلية في الجنوب السوري، أو متى سيتم استخدام الأفعال القتالية لتحريرها، ام انها “ثورة” في اتجاه واحد، أي في الشمال فقط، وضد السوريين؟
يبدو ان إقامة سفارة اسرائيلية في قلب دمشق يرفرف على صواريها العلم الإسرائيلي بات وشيكا جدا، وأكثر ما نخشاه ان تنتهي سورية العروبة بالتطبيع والتفكيك، والفوضى المسلحة.. والأيام بيننا.