بين ابتهال أبوالسعد وجبر حماد: الكوفية العربية تختصر تاريخ الأمة

بين ابتهال أبوالسعد وجبر حماد: الكوفية العربية تختصر تاريخ الأمة

 

 

ياسر أبوغليون

ثمة طقوس إنجليزية عتيقة تتمثل في رفع القبعة (Hat tip)‏ بوصفها دلالة واضحة على مقدار الاحترام والاعتزاز والتقدير في ثنائية: أنا والآخر.
نظير ما سبق نجد أمثلة حية في الواقع العربي وأحداثه المفصلية، ومثال ذلك التعاضد القومي والأخوة الجامعة بين ضفتي النهر كبوصلة تشير إلى مستوى التلاحم، فالتوافد الشعبي إلى بيت الشهيد ماهر الجازي وصل إلى قمته حين رفع شيخ قبيلة الجراوين جبر حماد عقاله كبروتوكول عشائري يحمل دلالات عميقة على التضامن مع الأخوة والتقدم لهم بآيات الشكر والعرفان.
في حين جاءت حادثة المهندسة ابتهال أبوالسعد في رميها للكوفية على المنصة بمثابة صفعة مدوية على وجه شركتها شركة مايكروسوفت إزاء ذلك التواطؤ مع الإبادة الممنهجة في غزة هاشم.
كشفت المهندسة ابتهال عن كون نماذج الذكاء الاصطناعي من شركتي مايكروسوفت و”أوبن إيه آي” تم استخدامهما كجزء من برنامج عسكري يحدد أهداف القصف خلال الحرب على غزة، مما ترتب عليه آلاف الضحايا الذين نحتسبهم عند الله.
ما يثير الدهشة ليس فقط المرأة التي وقفت وتكلّمت، بل في رجال هذا الزمان الذين صمتوا، واختاروا التراجع والنكوص
على الأعقاب، وهادنوا الظلم وكأنهم لا يرون بشاعته، فكان أن ملأت امرأة حرة فراغ الرجولة، بشجاعة لا تُقاس بالنوع،وإنما بالمواقف، أما الجبن فلا يصنع كرامة، ولا يغيّر واقعًا.
يقولون وقولهم حق: زميلها خذل الدين بلحيته وهي نصرته بصوتها فكانت لحيته عورة وكان صوتها شهامة ومروءة !!
قراءات في موقف ابتهال:
الفهم الصحيح للحرية أتاح للمهندسة نزع الستار عن المنبطحين والمطبعين، وحتى وإن كان الثمن الفصل وفقدان المستقبل الوظيفي، فكان هذا تنبيه للأجيال القادمة بأن القدوات التي تحتذى هي أمثال المهندسة ابتهال أبوالسعد في موقفها التاريخي المشرف.
في المقابل من الواضح أن شركات متعددة في آسيا وفي غيرها من السهل أن تستقطب عبقرية المهندسة ابتهال، وليس أدلَّ على ذلك من قيام رجل الأعمال الكويتي: عبد الله الدبوس بالإعلان عن عرض وظيفي تكريمي لها، فمن ترك شيئا لوجه الله عوضه الرحمن خيرًا منه.
صحيح أن هذه الأيقونة المتفردة في السلوك والانتماء فقدت بعضًا من حطام الدنيا في الحسابات المادية، إلا أنها ربحت الكثير بمعايير الدين والنبل والإنسانية، ومن ذلك تعاطف العالم الحر، وشهادة التاريخ فربحت البيع.
الفاضلة ابتهال أبوالسعد: رسالتك وصلت: لا يمكن بحال من الأحوال أن تعلو المصالح أيًّا كانت على الخيارات الأخلاقية.
كاتب من الاردن