محمد خير شويات: قليل من الواقعية مطلوب!

المهندس محمد خير شويات
بالوقت الذي يئن به كل ذو نفس إنسانية وجعاً وحرقة على الإبادة التي يتعرض لها البشر والشجر والحجر في قطاع غزة عل أيد أبشع بني البشر وفي ظل صمت عربي وإسلامي ودعم غربي حاقد على كل ما هو “مسلم” تتعالى أصوات هنا وهناك مطالبة بتحرك الجيوش وكسر حاجز الصمت والخروج من دائرة التلويح الخجول بالشجب والتنديد لكسر الحصار والتلوبح بالعين الحمراء للسياسة الصهيونية ومن يقف ورائها!!
هذا الصمت ليس مقتصراً على بلد دون آخر من تركة سياكس وبيكو!! بل تجاوز حدود المشيخات الممزقة والأشلاء المبعثرة وليس من العدل المطالبة من شلة “الدعسة الفجائية” بحرمان الشارع العربي والإسلامي “الشعبي” بالصمت أيضاً وتوجيه الإتهام لكل من يسأل أنظمة الحكم عن أسباب الإنبطاح أو الرضوخ المؤقت لإرادة علج البيت الأبيض وكلبه المسعور!!
برأيي الشخصي .. فإن تحميل المسؤولية وواجب كسر الحصار للجانب الأردني ليس طرحاً موفقاً أو واقعياً في ظل الأزمة الحالية أو حتى إمتداد الصراع مع الجانب الصهيوني!! فالأردن يتحمل عبء إستضافة “مكررة” للجوء لم تنقطع ولم تقتصر على مخرجات النكبة أو النكسة بل إمتدت للتعامل مع مخرجات الحرب الأهلية بلبنان بسبعينات القرن الماضي، والصراع الداخلي السوري إبان فترة حكم حافظ الأسد، وازمات العراق والخليح المتتالية، وليبيا، واليمن ، وسوريا في عهد بشار وغيرها!!
فالأردن له تاريخ يشهد له كل منصف بإغاثة الملهوف وقد تُرجم ذلك مِراراً على الصعيدين الشعبي والرسمي حيث إحتضن الشعب من أوى اليه من الأشقاء!! ووفرت الدولة ضروف المعيشة رغم شح الموارد للاجئين بما في ذلك من خدمات التعليم والصحة والمأوى والمياه – على شحها – بل ومنحت أغلبية المُهجَّرين الجنسية الأردنية وحق التملك والوظيفة والخدمة العسكرية والتجارة وغير ذلك من مستلزمات الحياة في وقت لم تمنحهم تلك الإمتيازات أي من الدول المجاورة الأخرى!!
لقد سطر الجيش الأردني بدماء أبناء العشائر من منتسبي الجيش العربي الباسل تاريخاً مُشرِّفاً بالمواجهة والصمود ولا أدل على ذلك من معركة الكرامة!!
إذاً فلماذا كل هذا الضجيج من الطرفين اليوم؟؟
فليس من العدل أو الإنصاف تحميل الأردن واجباً عجزت عنه كافة مشيخات العرب والمسلمين!! وبذات الوقت ليس هنالك حق “لجبهة الدعسة الفجائية” من المتسلقين من أبواق النظام والفاسدين مصادرة حق الناس بالتعبير عن سخطهم على الصمت الذي لم يعتنقه الأردن دوناً عن غيره!! ولماذا كل تلك السهام التي توجهها بعض الجهات من ذوي الأجندات المشبوهة ضد الأردن وتتناسى النفوذ الذي تتمتع به “أم الدنيا” التي تولت قيادتها أمر الحصار وإغلاق المنفذ الوحيد!! أو سلطة المال التي تتمتع بها مشيخات النفط “دون إستثناء”!! أو القوة النووية التي تمتلكها باكستان والسلاح المتطور الذي تمتلكه تركيا؟؟ والقوة البشرية التي تمتلكها دول شرق أسيا وغيرها!!
بعض الإنصاف مطلوب!! وتحميل الأردن وزر الصمت مرفوض!! وخطير لا سيما في ظل ظروف لن تخدم إلا مصلحة الصهاينة الذين يعلنون صراحة رغبتهم بالسيطرة على الأوصال المشرذمة مما تبقى من حدود سايكس وبيكو والسيطرة التامة على سوريا ولبنان والأردن ومصر وبلاد الحرمين والعراق!!
الكل مطالب بالإنصاف وضبط النفس والإبتعاد عن الإنزلاق لانه لن يتوقف عند عتبات القصور بل سيدمر كل شيء!! والخسارة لن ينفرد بها أحد بل ستطال الجميع!!
حمى الله تعالى الأردن شعباً وجيشاً وأرضاً وسماءاً!! وحمى إخواننا المستضعفين المظلومين فوق كل أرض وتحت كل سماء هو ربها،،،
كاتب اردني