د. كاظم ناصر: الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين والدعوة للجهاد

د. كاظم ناصر
أصدر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يضم تحت لوائه حوالي 95 ألف عالم مسلم من مختلف الطوائف عبر لجنة الاجتهاد والفتوى التابعة له فتوى شرعية ” بوجوب الجهاد المسلح ضد الاحتلال الإسرائيلي”، وطالبت الفتوى التي صدرت بتاريخ 28 مارس/ آذار الماضي بتدخل عسكري فوري من الدول العربية والإسلامية لوقف عدوان دولة الاحتلال على غزة، وبإعادة النظر في معاهدات السلام التي وقعتها بعض الدول العربية معها، وحرمت أي شكل من أشكال التطبيع معها، وطالبت أيضا بفرض حصار شامل عليها برا وبحرا وجوا، وبدعم المقاومة عسكريا وماليا وسياسيا، ودعت إلى تشكيل حلف إسلامي للدفاع عن الأمة.
وعلى الرغم من ان هذه الفتوى جاءت متأخرة زمنيا ومن المتوقع أن تظل حبرا على ورق، إلا ان صدورها يعتبر تطورا إيجابيا لكونها تتناقض مع فتاوى وخطب وجهود ” علماء السلاطين ” الذين بذلوا كل جهد ممكن للدفاع عن خذلان أولياء أمرهم الحكام العرب، ونافقوا وزعموا كذبا وبهتانا ان هؤلاء الحكام يبذلون كل جهد ممكن لوقف المجازر في غزة ونصرة الشعب الفلسطيني.
وتماشيا مع خنوع علماء السلاطين لإرادة أسيادهم ردت دائرة الإفتاء المصرية يوم الإثنين 11/ 4/ 2025 على هذه الفتوى واعتبرتها غير شرعية وقالت إن ” من قواعد الشرع ان تكون الدعوة للجهاد تحت راية الدولة وقيادتها السياسية وأي تحريض للأفراد على مخالفة دولهم والخروج على قرارات ولي الأمر يعد دعوة إلى الفوضى والاضطراب والإفساد في الأرض.”
فعن أي أولياء أمر يتكلم شيوخ دائرة إفتاء مصر؟ وهل مخالفة دولهم والخروج على قراراتهم ستسبب الفوضى والاضطراب أم ستكون بداية لا بد من حدوثها لتغيير هذا الواقع العربي الكارثي؟ وهل يتوقعون بأن هؤلاء الملوك والأمراء والرؤساء العرب الذين لا هم لهم سوى الاستمرار في الحكم سيسمحون لشعوبهم برفع لواء الجهاد والمشاركة فيه؟ وألا يدرك مشايخ دار الإفتاء المصرية وغيرهم من كبار رجال الدين العرب بأن حكامنا لا يمثلون شعوبهم، وإنهم فشلوا فشلا ذريعا في وقف المجازر التي ترتكبها دولة الاحتلال ضد أهلنا في غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا، وفشلوا في حماية أقطارهم وشعوبهم ومنع دولة الاحتلال من التوسع، ومكنوا اعداء أمتنا من الهيمنة على المنطقة ونهب ثرواتها والتحكم بقراراتها المصيرية وبمستقبلها، وطبع بعضهم معها بينما ينتظر الأخرون دورهم للتطبيع؟ أي إن دولة الاحتلال أصبحت تتحكم بأمن ومستقبل أمتنا العربية وهؤلاء الشيوخ ما زالوا منشغلين في إصدار فتاوى تبرر الخنوع والاستسلام للحكام، ولا علاقة لها بصحيح الدين، ولم يحركوا ساكنا لتحذير الأمة من المصائب التي تنتظرها، ولاستنهاضها، وإعدادها للتصدي لأعدائها، وقيادتها لتغيير واقعها واسترداد كرامتها وحماية أقطارها.
حقيقة أن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين فعل ما لم يفعله الأزهر ومنظمة العالم الإسلامي ودور الإفتاء في الدول العربية، لكن هذه الفتوى التي أصدرها غير كافية ولا تستجيب لإرادة الشعوب العربية التي تتوق للجهاد، ولا تسمي الأمور بأسمائها، ولا توضح للشعوب من هم الحكام العرب الذين يتآمرون، ويحاصرون شعوبهم، ويطبعون مع دولة الاحتلال، ويمررون لها الطاقة والغذاء، ويقودون الأمة إلى الهاوية، ونتمنى لو أن هذه الفتوى تضمنت خطة للتحرك الميداني والقيادة وتحريك الشعوب وعدم الاكتفاء بالمناشدات!
كاتب فلسطيني