بالامس بغداد.. واليوم غزة.. ألا نستحي؟

بالامس بغداد.. واليوم غزة.. ألا نستحي؟

د. محمد المعموري

أمة بكت من أقدارها الأمم واستعطفت من ذلها الهمم، وابتعدت عن ديارها الغيرة، فأصبحت تستجدي من أعدائها فقط بقاء أو حتى وجود مزيف بين الأمم. ألا نستحي ونحن ننظر إلى شعب اليمن يمزق، ونحن نتشفى بهم وهم تتقطع أوصالهم؟ ألا توجد نقطة غيرة في جباهنا ونحن نستبشر بسقوط أطنان من الحمم عليهم؟
ننتظر “العواجل” لقتلهم ونستلذ بحرقهم ونستبشر بقدوم أسلحة الموت لتسحق ديارهم. ألا نستحي!.
 لقد تفاخرنا بأبن أبي طالب حيدرة، ونحن نسمع قصته الشهيرة مع عمرو بن أبي ود العامري، ذاك الجبار المغوار الذي جاء بتاريخه كله ليكون ماض سحيق أمام عقيدة وثبات الإمام علي، الفتى الذي وضع إيمانه كله أمام عينه لينصر الإسلام، خرج عليه ليس فقط لقتاله، وإنما ليمسح عن تاريخه كل كبريائه ويضع حياة ذاك المتغطرس بين ثلاثة أمور اقلها الموت واعظمها الدخول في عقيدة الاسلام او يكون خاضعا ومترددا فيسمح له بالرجوع سالما دون سيفه الى مكة … انها شروط العزة والكبرياء والبطولة انها شروط الواثق من عقيدته الذي لا يرى للموت هيبة امام عينه الذي وضع مبادئ دينه وامته وتاريخه امام عينه فتلاشى جبروت بن ود واصبح يدنو منه كما دنى الموت فاخذ بناصيته فسحقه بثبات المؤمن وثقة العابد المتوكل على الله، هل سمعنا بهذه القصة وهل استرجعناها ونحن نُهدد بأساطيل وطائرات واذاعات وتلفاز ومحطات التواصل الاجتماعي وكأنها عمرو بن الود يتحدى الاسلام فهل خرج من بيننا “علي ” لينهي تلك لعنجهية ام اننا… الا نستحي…!
عندما أصبح ميزان كرامة الأمة والإسلام فوق ميزان لعنجهية والتكبر، انتهى الأمر بمقتله على يد علي الذي كان همه نصرة دينه وكسر انف هذا المتكبر وسحق كبريائه ليعلو دين الله وينتصر وليبقى في امة العرب من يكون علم يهتدى به، ولكننا مع الاسف فقدنا البوصلة واصبحت الغشاوة تعلو ابصارنا فلم نجد طريقا ينصرنا ولكننا التمسنا عدوا يذود عنا فيقتل اخواننا لكي يبقينا حتى حين فينقض علينا واحدا واحد وسنصفق لكل عدوان على اي عاصمة عربية جديدة ستقع تحت وطأة اعدائنا وسينتهي الامر بان تقطع ايدينا وتهشم رؤوسنا وتهدم بيوتنا على اشلائنا وسيقولون بعد حين كان هناك عرب في تلك الاراضي فيمحو ذكرنا .
ألا نستحي ونحن أبناء الأبطال وأركان كعبتنا تموج بأنفاسنا وتزدحم فيها أجسادنا، ونكبر ونصلي ونصوم ونحن نقتل ابنائنا ونهتف لمن يقتلهم ونستبشر بقدومه؟ ألا نستحي ونحن نأكل ونشرب وننام وتلهينا شبكات التواصل الاجتماعي عن إخواننا وهم يذبحون بالسيوف أو يقتلون جوعًا؟
ماذا سيحدث؟
بالأمس قتلنا أبناء بغداد واستقدمنا المحتل من أرضنا، وبعدها غزة وما أدراك ما غزة جريحة بكت وذبيحة استغاثت وأمة تغافلت عن آلامها، قدمنا غزة للمذبحة وانتظرنا موتها ولم يرف لنا جفن أو تحركت فينا شيمة الأبطال. ألا نستحي!
بالأمس بغداد وغزة، واليوم صنعاء، وغدًا لناظره قريب. سنرى ما سيحصل لأمة العرب وكم عاصمة ستسقط وكم رأس ستقطفه سيوف الأعداء. وسنبقى نهرج ونصفق للأعداء. ألا نستحي!.
كل ما مر على العرب من اهوال ومصائب لا يمكن لنا ان نقارنها بما تمر به الامة العربية فإننا اليوم لسنا فقط ضعفاء ولكننا لا نمتلك حتى الضعف اننا اصبحنا لا نعلم معنى ان يقتل عربي او ان تسبى عربية اصبحنا اليوم نرى اطفالنا يتضرعون جوعا ونحن ونحن ننام بتخمة “كروشنا”، ماذا ننتظر فهل اعتبرنا او فكرنا بان المشروع ليس غزة واليمن وبغداد هل ايقنا بان المشروع ان تحتل كل عواصمنا هل فكرنا بان ما تتعرض له الامة العربية هو اقسى ما تعرضت له؟
شبكات التواصل “العربية ” تتشفى بغزة وتنقل لنا دمارها  ، وتعيد على اسماعنا قصف اليمن واختراق ارضها ، وتنتظر ان يطأ العدو ارضنا.. ماذا ننتظر، الا نستحي؟
الله المستعان
كاتب وباحث عراقي