د. محمد السعيد إدريس عن أحداث الهند وباكستان: حرب بالوكالة وأستبعد تطورها لنووية وأتوقع نجاح الوساطة السعودية

القاهرة – “رأي اليوم”- محمود القيعي:
قال د. محمد السعيد إدريس مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية إن الحرب التي اندلعت- فجأة- بين الهند وباكستان لن تتطور إلى مواجهة عسكرية شاملة وحرب نووية، لأن في ذلك سيكون دمارا تاما للبلدين الجارتين، متوقعا ألا تتجاوز حدود المناوشات العسكرية .
وأضاف لـ “رأي اليوم” أن هناك أسلحة تكتيكية يتم استخدامها الآن لتحقيق مكاسب سياسية، لافتا إلى أن قضية كشمير قضية تاريخية لم تحل حتى الآن ، وجزء منها الانقسام الدولي والصراع الأمريكي الصيني الذي حل محل الصراع الأمريكي السوفييتي.
وقال إن هناك خلافات تقليدية تاريخية مستمرة بين الصين والهند، مشيرا إلى أن ذلك أحد العوائق المهمة لمجموعة “بريكس”، حيث إن الدولتين أساسية في “بريكس”.
وقال إن الصين تتجه إلى باكستان لإقامة علاقات مهمة، ومنها طريق الحرير، لافتا إلى أن باكستان ورقة مهمة للصين في الصراع مع الهند.
ويلفت إلى أن أمريكا تقف مع الهند في مواجهة الصين وأطراف أخرى، مؤكدا أن الصراع الدولي ينعكس بشكل واضح في الحرب التي نشبت بين الهند وباكستان.
وردا على سؤال: هل يمكن اعتبار ما يحدث بين الهند وباكستان حربا بالوكالة بين أمريكا والصين؟
يرى د.إدريس أن الحرب بالوكالة لم ولن تتوقف، مشيرا إلى أنها كانت مستمرة بأشكال مختلفة بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية ، وتجلى ذلك في دخول أمريكا أفغانستان لتحارب الاتحاد السوفيتي، واستخدمت في ذلك باكستان، ودخلت حينها أطراف عربية منها المملكة العربية السعودية ومولت باكستان لتصنيع القنبلة النووية تحت مسمى القنبلة النووية الإسلامية، ولم تستخدم أبدا لردع الكيان الصهيونى ولو مرة واحدة.
ويتابع قائلا: “صحيح أن باكستان دولة إسلامية، ولكنها كانت حليفا لأمريكا، وقبلها كانت حليفة لبريطانيا. وعلينا أن نعلم أن باكستان والهند كانتا يوما ما دولة واحدة تحت الامبراطورية البريطانية، وفي 49 تم فصل باكستان عن الهند، وظلت كشمير معلقة بين الدولتين، حيث أعطيت للهند وشعبها باكستاني، وكانت كارثة”.
وبحسب مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية فإن كشمير مشكلة كبرى عصية على الحل، بسبب الحدود التي أقامتها بريطانيا( أصل الداء)، موضحا أن كل الصراعات العربية- العربية كانت بريطانيا هي السبب وراءها؛ لأنها هي التي رسمت الحدود التي لم تكن موجودة أصلا.
ويرى إدريس أن الصراع بين الهند وباكستان هو صراع بالوكالة بين أمريكا والصين، مثلما كان في الماضي صراعا بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية، مؤكدا أن
من المستحيل أن تتطور الحرب الهندية الباكستانية لحرب نووية، بل مجرد مناوشات وسيتم عمل مقايضات من بوساطة دولية وسينتهي الصراع، لافتا إلى أن هناك وساطة سعودية يتوقع أن تنجح لأن للمملكة علاقات جيدة مع كلا الطرفين.
ويوضح أن الهند لعبت وقتا ما دورا مهما كمؤسسة لدول عدم الانحياز إبان نهرو، مع جمال عبد الناصر وتيتو، في الوقت الذي كان باكستان مع الكتلة الغربية، في الوقت الذي كانت التيارات الإسلامية( الإخوان بالذات) كانت تأخذ على عبد الناصر تحالفه مع الهند الهندوسية ضد باكستان الإسلامية.
ويتابع قائلا: “في هذا الوقت كانت باكستان الإسلامية مع إسرائيل وكذلك إيران تحت راية الشاه كانت مع أمريكا وإسرائيل”.
وعن رؤيته للأحلاف الآن، يرى إدريس أنه صراع أمريكي صينى بالأساس، مشيرا إلى أن أمريكا تقيم تحالفا مع الهند واليابان ومع كوريا الجنوبية ومع استراليا لمواجهة الصين، وسمى ذلك ب ” نيتو شرق آسيا “.
ويقول إنه في وقت ما كانت الهند تقود حركة عدم الانحياز والعالم الثالث، والآن أصبحت ورقة أمريكية، لذلك رأينا رئيس وزرائها العنصري حليف إسرائيل وحليف أمريكا يعلن في مؤتمر دول العشرين الذين عقد في نيودلهي عام 23
الطريق الاقتصادي الجديد من بومباي لجبل علي بحريا، ثم بريا من جبل علي إلى الإمارات والسعودية والأردن وفلسطين المحتلة..عسقلان وغزة.
ويقول إن من أجل ذلك غزة مطلوبة بما فيها من ثروات غاز ونفط بكميات مهولة، فضلا عن أنها منفذ إلى الطريق الجديد الذي سيربط الهند وآسيا، وسيجعل إسرائيل دولة محورية.
وهاجم إدريس رئيس الوزراء الهندي الذي يسعى لقيادة الجنوب، مؤكدا أنه لا يستطيع ذلك بسبب انحيازه للتكتل الأمريكي.
وعن الأوراق التي تملكها باكستان الآن، يرى إدريس أن الصراع تاريخي وستظل قضية كشمير عصية على الحل طالما لم يتم حلها دوليا قانونيا.
ويذكّر بأن الهند صنعت قنبلة نووية لقهر باكستان، فتدخلت دول عربية ” السعودية “لتمويل باكستان لإنشاء قنبلة نووية بخبرات أمريكية، ثمنا لفتح الأراضي الباكستانية وتخليق تنظيم القاعدة” أسامة بن لادن والظواهري” ؛لمحاربة روسيا في أفغانستان.
وقال إن باكستان ضياء الحق أبرمت تلك الصفقة وفتحت أراضيها لتوريط الاتحاد السوفيتي في أفغانستان ليغرق، وهذا يؤكد أن القاعدة صناعة أمريكية.
وقال إدريس إنه سمع بأذنه يوما ما في دولة عربية خليجية خطيبا يمنيا راحلا يقول إن ابنه استشهد في أفغانستان، والحمد لله أنه لم يستشهد في فلسطين، لأن من يموت في أفغانستان فهو شهيد من أجل الإسلام، ومن يموت في فلسطين فهي ميتة من أجل وثنية نتنة للوطن، أما الجهاد في أفغانستان فهو جهاد عقيدة.
وبعد أن انتهت الحرب في أفغانستان وجدوا أنفسهم يطردون من أفغانستان، وتم التخلص منهم من قبل أمراء الحرب في أفغانستان.
وعن إمكان دعم إسلامي لباكستان في هذه الحرب الضروس؟
يرى إدريس أنه لا يوجد مشروع إسلامي الآن كي يتبنى دعوة دعم باكستان على أساس إسلامي، مشيرا إلى أن باكستان لا تطرح نفسها على أنها مشروع إسلامي، لأنها ببساطة دولة علمانية.