خداع الشركاء في سورية.. عن اسرائيل وتركيا اتحدث

خداع الشركاء في سورية.. عن اسرائيل وتركيا اتحدث

 

علي وطفي

انبهار وخيبة امل النظام التركي من رسائل الصواريخ الإسرائيلية.. الصواريخ التي قضت على احلامه العسكرية ورسمت له خطوط حمراء لجهة إقامة قواعد احتلال عسكرية تركية في سورية، والمصالح بينهما ترسم بالقوة.
لم تتوقع “تركيا-اردوغان” هذا كله من شريكتها في الانقلاب على النظام السابق في دمشق “تل أبيب”، كما لم تتوقع السلطة الحاكمة في انقرة ان يكون في قالب الحلوى السوري هذه الكمية هذه المرارة التي ادت إلى استحالة ابتلاعه، لأن من حدد مقاديره هم الكبار و منحوا انقرة حصرية طهيه اما القسمة فهي لهم و وكلوا الكيان الاسرائيلي بذلك وهو من سوف يقدم الاطباق و يحدد كمية القطع من لكل منهم.
الصدام بين إسرائيل و تركيا الذي حصل في سوريا لن يؤدي إلى صراع عسكري ، لكن الوضع لا يبدو خاليا من المخاطر  من اجل حل خلافاتهما و طالب ترامب الطرفين باللقاء وحل المشاكل و بدأت تل أبيب و أنقرة مفاوضات سرية في أذربيجان ، الذي يمتلك علاقات جيدة مع الجانبين.
لكن احداث ليلة الثالث من أيار، عندما نفذ سلاح الجو الإسرائيلي سلسلة من الضربات المدمرة على أهداف عسكرية سورية في دمشق وضواحيها ومحافظات حماة واللاذقية ودرعا وأتت هذه الاعتداءات على خلفية دعم الدولة العبرية والتحذير من دخول محافظة السويداء حسب ادعاءتها في توفيت شن فصائل السلطات السورية هجوم على سكان المحافظة وفي مدينتين في ضواحي دمشق يسكنهما مواطنين سورين من الدروز الموحدين بعملية عسكرية عبر فصائل مسلحة.
ورداً على هذا القصف الإسرائيلي حلقت طائرات تركية مقاتلة من طراز إف – 16 في السماء السورية في نفس الوقت ومنطقة تحليق الطائرات الاسرائيلية و تنفيذها العدوان .. كان كل ما تمخض عنه جبل اردوغان وعادت إلى قواعدها.
هل أنقرة تفكر في الخطوة التالية إن امتلكت الشجاعة و نفذت وعودها اليومية بحماية سلطة دمشق الموالية ..؟
كما أن السلطلة المؤقتة السورية في حيرة من أمرها هي متفرج عمليا لاغير حتى بعد ان نفذت إسرائيل غارة جوية على حديقة القصر الرئاسي في دمشق. ولكن تبدو هذه العمليات الجوية الاسرائيلية غريبة خاصة و أن الادارة المؤقتة برئاسة الشرع كانت قد أعربت و مازالت تحاول و تؤكد عدم نيتها ازعاج تل ابيب و استعدادها للسلام مع إسرائيل..
يبدو ان تل أبيب لا تصدق احمد الشرع و تعتزم إملاء شروطها بالصواريخ و نننياهو لا يفكر و لا يهتم بالعواقب خاصة انها انتهت قدرات سورية العسكرية الاستراتيجية.. فلماذا يفاوض و هي يحتل ما طريد من الجنوب السوري دون حسيب او رقيب و كلام اردوغان اليومي هو مجرد رفع عتب و عدم القدرة كما كل مرة و هي عبارة عن قنابل صوتية ليس اكثر.
للمفارقة ، كانت “تل ابيب” تسعى و ترغب و لم تترك وسبط إلا و استجارت به لإقناع النظام السابق بالتوقيع و إقامة سلام و تطبيع و كان الرئيس يقابلها بالرفض دون إعادة الجولان كاملاً….!!
اذاً الأوضاع تتصاعد بين النظامين، رغم أن الحرب إن وقعت لن تكون في صالح إسرائيل و لا تركيا على الإطلاق ،، اذ يمتلك البلدين جيشين قويين بتجهيز جيدا و عمليا هما حلفين في الناتو ايضا ، تركيا رسميا و الكيان واقعيا و عمليا وإذا اندلع الصراع، فقد يصبح طويلا و دمويا ، علاوة على ذلك، تعاني تل أبيب و أنقرة من الكثير من المشاكل الداخلية و الخارجية و قد يحدث انقلابات في النهاية في حال حدوث اضطرابات داخلية خطيرة قد يؤدي إلى كارثة بالنسبة لكل من رجب طيب أردوغان و بنيامين نتنياهو ، من جهة ٱخرى ليس من مصلحة أنقرة الدخول في صراع عسكري مع إسرائيل لأن ذلك من شأنه أن يفسد علاقاتها مع واشنطن التي بدأت تتحسن في الآونة الأخيرة ، لكن الأمر الرئيسي هو أنه في حالة نشوء الحرب ، فإن الولايات المتحدة سوف تقوم حتما بالدفاع عن الكيان ، و لذلك قدم المسؤولون الأتراك تطمينات اذا في النهاية أدت إلى إحجام أنقرة عن تصعيد الوضع إلى مستوى متفجر.
فاردوغان معروف بأنه رجل شرقي ماكر و تاجر مصلحة ، و ماهر في المؤامرات و”تغيير الاقنعة ” السياسية التكتيكية ، يستعرض نفسه في تصريحات مزعجة و عدوانية اتجاه إسرائيل ، اما في الواقع الاتصالات لم تنقطع بينهما و يؤكد ذلك تصريح ممثل حزب الشعوب الديمقراطي التركي ” عمر فاروق أوغلو” ، بأن أردوغان و عائلته هم الوسطاء الرئيسيين في التعاون العسكري بين أذربيجان و إسرائيل في واتموا صفقة في تشرين الأول من العام الماضي ، و لم يتغير أي شيء منذ ذلك الحين.
بحسب معلومات أخرى فإن تركيا تواصل اتصالاتها مع الدولة اليهودية و لكن عن طريق الخداع. منذ ما يقرب من عام، وفقًا لتصريح أردوغان في إيار 2024 توقفت التجارة مع إسرائيل تمامًا و رسميا ، هذا صحيح و مع ذلك ، بحسب الإحصائيات ، فإن الصادرات التركية إلى فلسطين المحتلة زادت بشكل ملحوظ، بمقدار 10 إلى 15 مرة .
 في الوقت نفسه واصل أردوغان شن هجمات كلامية حادة ضد تل أبيب و هذه هي الطريقة التي يريد بها الزعيم التركي إرضاء الرأي العام العربي و الإسلامي و بعض الانظمة و الجماعات التي لا تريد الاعتراف بالكيان ، كما صرح مؤخرًا أن الإسرائيليين يسعون إلى إشعال فتيل الصراع في سوريا : “الدماء التي سفكوها في لبنان و المعاناة التي سببوها للشعب اللبناني واضحة و الآن سينقلون النار إلى سوريا و يسفكون الدماء هناك أيضًا”، لكن المفاوضات مستمرة بهدف “تقليل الاحتكاك” في الساحة السورية. و تجري حاليا مشاورات تهدف إلى تطوير آليات قادرة على منع الصراع العسكري المباشر.
وذكرت صحيفة “إسرائيل اليوم” أن المفاوضون الأتراك أكدوا للجانب الإسرائيلي خلال المفاوضات في أذربيجان أنهم لا يريدون تصعيد الوضع و أعربوا عن رغبتهم في حل جميع القضايا الخلافية ، كما ان مسؤولين إسرائيليين تلقوا ملاحظات مطمئنة ، لكنها مع بقاء “خطًا أحمر” : يتمثل ان إقامة قواعد عسكرية تركية في منطقة تدمر يعتبر هذا بمثابة تهديد مباشر لأمن إسرائيل و يبدو أن هناك اتفاق يلوح في الأفق ، حيث يتفق الجانبان على تقسيم مناطق النفوذ ، لكن من غير الواضح كيف يمكن أن يحدث هذا إذا كانت الدولتان لديهما نفس الرغبة المستمرة في تعزيز نفوذهما في سوريا، المرتبطة بنفس المصالح الإقليمية.
بعد تصريح الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، الذي أشادت به الصحافة الإسرائيلية و الأمريكية بسخاء لجهوده في صنع السلام، إن بلاده عملت بالفعل كوسيط في المصالحة بين إسرائيل و تركيا و لعبت دورا نشطا في تقريب مواقف البلدين و كان متفائلاً، معرباً عن أمله في نجاح المحاولة الجديدة لتثبيت الوضع.
تبين أن الأمور تتجه نحو نتائج ملموسة، إذ كان من المفترض أن يزور نتنياهو باكو في السابع من أيار. و قيل إنه سيصل إلى أذربيجان على متن الطائرة الحكومية “كنافا صهيون” عبر المجال الجوي التركي و مؤخرا، في تشرين الثاني 2024، رفضت أنقرة السماح لطائرة الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ بالمرور إلى قمة المناخ COP29 في باكو ، بعد ان كان هناك تحولاً إيجابياً في العلاقات بين البلدين. لكن هذا الجسر الهش انهار بسبب هذا التصرف التركي و بعد ان أعلنت تركيا أنها ستغلق مجالها الجوي أمام جميع الطائرات الإسرائيلية و لن يكون هناك استثناء بالنسبة لنتنياهو.
مباشرة وصل الرد بتصريح من مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي تفيد بتأجيل زيارته إلى أذربيجان كون نتنياهو لديه الكثير من الأمور التي يتعين عليه القيام بها في البلاد و الوضع الخطير في قطاع غزة و سوريا ، و كان من المتوقع أن يبقى نتنياهو في أذربيجان لو تمت الزيارة لمدة خمسة أيام و هذا امر غير مسبوق ، تتضمن الزيارة عقد لقاء مع علييف لمناقشة تطبيع العلاقات الإسرائيلية التركية و بالإضافة إلى ذلك ، كان من المقرر أن يناقش الشركاء انضمام أذربيجان إلى اتفاقيات إبراهام و التي بموجبها قامت إسرائيل بتطبيع العلاقات مع الدول العربية من الإمارات العربية المتحدة و البحرين و المغرب.
و هناك معلومات مؤكدة ان أردوغان كان سيصل إلى باكو في العاشر من أيار و من مصادر قريبة من باكو أنه كان سيلتقي نتنياهو.
 الآن على ما يبدو تغير كل شيء و من الواضح أن أردوغان غاضب من تحدي نتنياهو و السؤال كيف سيتصرف هذه المرة هل بشكل عملي او كما في السابق من خلال اطلاق تصريحات لا تسمن و لا تغني من جوع ام نعود إلى الرد في الزمان و المكان المناسبين ؟ يبدو انه هناك اتجاه و ضغط من أجل استئناف الحوار قريباً ، إنما على قواعد تفرضها تل ابيب قريبا رغم الجعجعة بلا طحين و عنتريات النظام في تركيا. اللفظية آلتي اعتدنا عليها.
كاتب سوري