زياد أحمد سلامة: أي إسلام يريده: محمد شحرور وسعد الدين الهلالي

زياد أحمد سلامة: أي إسلام يريده: محمد شحرور وسعد الدين الهلالي

 

زياد أحمد سلامة

أعاد شخص نشر تصريحات للدكتور سعد الدين الهلالي على صفحة (القرآنيون ساحة الحوار) وسبق للهلالي نشر تصريحاته هذه على منصة (×) حيث طالب الهلالي الأستاذ بجامعة الأزهر، بعودة الاسم الأصلي لعلم العقيدة “علم الكلام” لأن لفظ العقيدة يوحي بالقدسية وهو مبني على نظريات فلسفية. وقال:«أطالب بتغيير اسم علم الشريعة إلى علم الفقه لأن الشريعة كلام الله والفقه فهم البشر». كما طالب بتغيير اسم الفتوى إلى “الرأي” حتى لا يكون لها قدسية وهي من فهم البشر.
ولما تم الاعتراض على هذه الأقوال؛ كتب أحدهم على تلك الصفحة”: “كنتم تقولون ان شحرور مهندس مدني فما أدراه بالحديث ؟ الان سعد الهلالي دكتور بدرجة الاستاذية في الشريعة ورئيس قسم الفقه المقارن بجامعة الازهر فهل هو الآخر لا علاقة له بالدين ؟
نقول: ليس الأمر بالشهادة العلمية التي يحملها الشخص ولا بتخصصه ولا مكانته العلمية والاجتماعية، إنما الأمر في الأخذ والرد بناء على فحوى الخطاب، فكم من عالم ضل على علم، وقد ذم الله تعالى من قبل بني إسرائيل إذ حرفوا كلام التوراة عن مواضعه، فقال تعالى (مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ ۚ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَٰكِن لَّعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا *النساء46) وكذلك ذم الله تعالى بني إسرائيل لأنهم لم ينتفعوا بعلم التوراة والعمل بها فقال تعالى (مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا ۚ بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ ۚ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ*الجمعة5) وقال عن رجل آخر ضل بعد علم، (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِيَ آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ *وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ*سَاء مَثَلاً الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَأَنفُسَهُمْ كَانُواْ يَظْلِمُونَ*الأعراف:175-177).
ومن أمثلة الذين ضلوا بعد علم: ابن الراوندي وابن أبي العوجاء وغيرهم، ومن المعاصرين الذين يؤخذ عليهم مهاجمة ثوابت الفكر الإسلامي ومهاجمة السنة الشيخ محمود أبو رية وكتبه (أضواء على السنَّة المحمَّدية. أبو هريرة شيخ المضيرة. قصَّة الحديث المحمَّدي) ومن الأزهريين الذين هاجموا السنة النبوية الدكتور أحمد صصبحي منصور والذي تشكل أفكاره العمود الفقري في مهاجمة السنة وإنكارها، وغيرهم، ولكنهم إجمالاً بقوا على الهامش، وإن حاول العلمانيون النفخ في أقوالهم.
نعود لسعد الهلالي، الذي درس في الأزهر وتخرج فيه ثم التحق بكلية الشريعة والقانون بالقاهرة عام 1973 وتخرج منها 1978 وعين بها معيداً سنه 1979 وتدرج في سلم وظائفها حتى الأستاذية. ظل الهلالي دائم الظهور على الفضائيات ويدلي بفتاوى إشكالية، وكثيراً ما عارضه علماء أزهريون بوصفها بالشاذة، وقال المتحدث باسم جامعة الأزهر بأن أقوال الهلالي لا تُمثل الأزهر من قريب أو بعيد، بل تمثل شخصه. وقد ردّت هيئة كبار العلماء ببيان جاء فيه أن قضية الميراث بين الرجال والنساء من “القضايا التي زادَ فيها تجاوُزُ المضللينَ بغير علمٍ في ثوابتَ قطعيَّةٍ معلومةٍ مِن الدِّينِ بالضرورةِ”، واعتبرت أن هذه القضية من تقسيم القرآن الكريم المُحكَمُ للمواريثِ وأن الاجتهاد الصادر فيها غير مقبول لكونها من المسائل قطعية الثبوت والدلالة، وأن المخالفة فيها مخالفة لصريح القرآن، وقال الشيخ علي جمعة، مفتي مصر السابق، عن الهلالي بأن “عنده خلل منهجي”، وأن الهلالي لا سلف له في أقواله وفتاواه.
ومن أقوال الهلالي الإشكالية:
• قال خلال مداخلة هاتفية على فضائية “العاصمة” المصرية بأن الرسول صلى الله عليه وسلم مات والمسجد الأقصى كان في قبضة النصارى، ومن ثم لا يجب الآن إثارة حرب بسبب رغبة اليهود والمستوطنين في اقتحامه. وقال: لا يجب أن ندافع عن المسجد الأقصى حتى لا ندخل فى حرب دينية مع اليهود”. وقال بأنه لا يجوز التضحية بنفس الإنسان لحماية مبنى يقدسه البشر سواء كان المسجد الأقصى أو الكعبة، وقال بأن أرواح الفلسطينيين أهم من المسجد الأقصى.
• المساواة في الميراث بين الذكور والإناث، وقامب تبرير مشروع قانون تونس لترك التحاكم إلى الشريعة الإسلامية فيما يتصل بتوزيع الميراث بين الذكور والإناث، وقال بأن هذا من حق المجتمع، وادعى أنه “صحيح فقهيا ولا يُعارض كلام الله”، وخلال استضافته في برنامج “الحكاية” الذي يقدمه الإعلامي عمرو أديب على قناة “ام بي سي مصر”، قال: إن على الفقيه أن يُعَدِّل فتاواه مع تطور الزمن، مضيفا: “ربما نصل إلى ما وصلت إليه تونس بعد عشرين أو ثلاثين سنة إن شاء الله”. تبرّأت جامعة الأزهر من تصريحات الهلالي حول الميراث، إذ صرّح عباس شومان، مستشار شيخ الأزهر أحمد الطيب وأمين هيئة كبار العلماء، بأن المواريث لم يسمع طالب فقه بأنه يجوز لغير أصحابها من حكومات أو علماء أن يتدخلوا فيها نيابة عنهم.
• الشرع غير ملزم، والفقه آراء، ودين الله يمكن تعطيله.
• أفعال النبى “صلى الله عليه وسلم” ليست دينا، وأقواله “صلى الله عليه وسلم” وجه من أوجه التفسير المحتملة للقرآن الكريم.
• الإسلام هو القرآن ولا وجود للشريعة، أي إنه لا يأخذ بالعمل بالسنة النبوية. (وإن لم ينكرها علانية)
• إن تحكيم الشريعة ليس واجبا، إذ إنه ما من قول أو فعل إلا وله مخرج في الدين، وقال: “وإذا تم ضبط المجتمع بقوانين مدنية وعقابية وإدارية، فإنها ستكون عبارة عن انتقاءات من جُملة أوجه فقهية عديدة يراها المجتمع هي الأصلح لزمنه ووضعه”، وهو ما يجعله يُنكر مفهوم “الإجماع” عند الفقهاء، فليس هناك قطعي في الدين عنده، وهو ما يجعله مؤسِّسا لمفهوم ديني، أو دين جديد كما يراه البعض باسم المصلحة والخلاف الفقهي، ويقول: “وحيث إن الأوجه الفقهية إنسانية الاستنباط وليست معصومة، فمن حق المجتمع أن يسعى دائما إلى تغيير كل وجه قلّت مصلحته أو فاتت إلى وجه فقهي آخر يكون الأصلح للزمان الجديد بأوضاعه المختلفة”
• القرآن مجرد هدي عام، وليس أحكاما ملزمة، وما يختاره الشعب يكون هو التفسير الراجح.
• نصف الشهادة تكفيك لتكون مسلما، وكون الشخص يؤمن بمحمد “صلى الله عليه وسلم” أم لا فهذا “هو ونيته”. وكل المصريين مسلمون حتى لو لم يؤمنوا بالنبي محمد “صلى الله عليه وسلم”، واكتفوا فقط بنطق الشهادة دون الإقرار بنبوة النبي “صلى الله عليه وسلم”.
• الخمر ومنه البيرة حلال، مادام أنه لم يُسْكِر.
• تأييده للدولة في مسألة الطلاق الشفهي باعتباره أمرا لا يقع.
• إذا ماتت الراقصة وهى خارجة للعمل تعد شهيدة، وأجر عامل الخمر حلال، وأجر محفِّظ القرآن الكريم حرام.
• يجوز شرعا الزواج من ابنة الزوجة بعد موت أمها أو طلاقها.
• يمكن للإنسان استفراغ الغريزة الجنسية في غير إطار الزواج.
• عام 2012، أصدر الهلالي كتابه “الإسلام وإنسانية الدولة”، تصدى فيه لفكرة تطبيق الشريعة الإسلامية باسم الدين، ودعا لإعادة قراءة الدين قراءة إنسانية، إذ إن الشارع قد “ترك للمسلمين فهم نصوصه بآليات إنسانية” بيد أن أُطروحته التي سعت لتنحية الشريعة الإسلامية، دفعت مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر للرد عليه، واعتبرت أن الكتاب طعن في الدين ذاته، وليس طعنا في تيار الإخوان فحسب. وردَّ المفتي السابق “علي جمعة” عليه في تقرير نشرته مجلة الأزهر بعنوان “كتاب فيه عدوان على الشريعة الإسلامية”. وصف جمعة آراء الهلالي بأنها أخطاء وخطايا، وأن الكتاب مليء بالمغالطات في فهم الدين وطبيعة الدولة، بدعوى الاجتهاد في أمور ثبت أصلها من حيث الحجية والدلالة بنصوص قطعية لا تحتمل الشك والريب، ومثال ذلك وصف الهلالي للدولة الإسلامية بالعلمانية، وحثه المجتمعات الإسلامية بألا تأخذ بالحدود المقررة في الشريعة، والدعوة إلى إنسانية مُعلمنة، وغير ذلك من الأخطاء.
• قال في محفل سياسي وعسكري ضم رجال الجيش والشرطة بعد الانقلاب على الرئيس مرسي ومجيء السيسي: “ابتعث الله رجلين لمصر، كما ابتعث موسى وهارون من قبل، فما كان أحد من المصريين يتخيل أن السيسي ومحمد إبراهيم من رُسل الله عزّ وجلّ”. وهذه المقارنة استفزت شيخ الأزهر أحمد الطيب فرد شخصيا على الهلالي في بيان جاء فيه أن “الأزهر الشريف يهيب بالمنتسبين إلى العلم والفقه عدم الاسترسال في هذا المجال الذي يمس نزاهة العلم والعلماء ويُدخل الأنبياء والرسل في مقارنة لا تصح ولا تجوز في الجدل السياسي”.
• يقول الأستاذ” أحمد رمضان” في مقال له بعنوان”:”سعد الدين الهلالي”.. من نبوة السيسي إلى إنكار المواريث” نُشر على موقع ” الجزيرة نت” بتاريخ( 29/11/2018): يعمد الهلالي في برامجه لعرض الآراء الفقهية المختلفة على الناس، مهما كانت ضعيفة أو شاذة، وتركها بين يديهم للاختيار، وذلك بدعوى نفي “الوصاية الدينية” على المجتمع.
شحرور والهلال يلتقيان في الفكر الحداثي والقرتءة المعاصرة للقر’ن
أقوال الهلالي هذه وغيرها تؤدي إلى تمييع الفكر الإسلامي بعقيدته وفقهه وأحكامه، وهي تلتقي بتيار الحداثة والذي من أبرز وجوهه محمد شحرور، درس الهندسة المدنية في جامعة موسكو، وحصل على الدكتوراه في الهندسة المدنية بتحصص ميكانيك تربة وأساسات.
ومن أقوال أصحاب اتجاه القراءة المعاصرة والحداثيين والتي لها شبيه ومقابل بأقوال الهلالي
• “الإسلام هو التسليم بوجود الله، وباليوم الآخر. فإذا اقترن هذا التسليم بالإحسان والعمل الصالح، كان صاحبه مسلماً، سواء أكان من أتباع محمد (الذين آمنوا) أو من أتباع موسى (الذين هادوا) أو من أنصار عيسى (النصارى) أو من أي ملة أخرى غير هذه الملل الثلاث كالمجوسية والشيفية [إحدى الديانات الهندوسية] والبوذية (الصابئين).
• إباحة الخمر بحجة عدم وجود النهي في الموضوع والآية تطلب مجرد الاجتناب.
• إباحة الربا.
• إباحة الزنا تحت مسمى المساكنة، ويُشترط لاعتبار العلاقة الجنسية بين ذكر وانثى غير زوجين علاقة زنا أن تكون على مرأى ومشهد من الناس، أما لو تمت بالخفاء، فلا يُسمى زنا
• القرآن كتاب مفتوح ومتاح أمام جميع الناس للنظر فيه وتدبر آياته بغض النظر عن المستوى العلمي لمن يقوم بهذه العملية، وهذا يؤخذ من عدم وجود رجال دين في الإسلام، أو أي سلطة مركزية يمكن الرجوع إليها لتصحيح عملية التدبر والتفسير.
• القرآن نص إلهي المصدر ولكنه نص تاريخي، وهو نص متطور فما كان يُناسب واقعاً تاريخياً في زمن مضى فليس بالضرورة أن يناسب هذا العصر، أو العصور اللاحقة.
• السنة نص تاريخي لا تكون مصدرا للفقه ولا غيره.
• تدبر أصحاب القراءة المعاصرة في هذا الوقت غير ملزم للناس في الأزمنة القادمة، شأن القراءات السابقة.
• اللغة ابنة وقتها ولهذا فالنصوص متطورة ومتغيرة.
• لانفصال عن التراث بشكل عام، ومن أصحاب القراءة مَن يعلن عداءه وقطيعته من التراث جملة وتفصيلاً، فلا ينبغي التعامل مع السنة النبوية ولا الفقه ولا أصول الفقه ولا السيرة النبوية ولا حتى معاجم اللغة العربية مهما كانت عراقتها، ومنهم من يصرح بأن هذه العلوم هي علوم بشرية استحدثها الناس، فهي مجرد (اجتهادات بشرية) غير ملزمة لأحد.
• إنكار وجود إطار سياسي محدد للدولة في الإسلام، وليس في الإسلام نظام للحكم، وللناس اختيار النظام المناسب لهم
• لا وجود لما يُسمى بالحجاب، فاللباس أمر عُرفي يقرره الناس حسب ظروفهم، وكذلك عورة المرأة.
• وغير ذلك كثير.
لم يكن ظهور تيار الحداثة من فراغ، أو بلا أيدٍ تحركه، فقد عمد المستشرقون والعلمانيون ومؤسسات البحث الغربية إلى مواجهة الإسلام فكرياً بالتشكيك في الإسلام وثوابته والعمل على تفكيكه فعملوا على اختراق الإسلام من داخله، وإثارة البلبلة حول الركائز التي بقوم عليها، من خلال التشكيك بالحديث الشريف والفقه الإسلامي وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصول الفقه، ورأوا أنه لا بد أن يتم ذلك على أيدي المسلمين أنفسهم:
هذا ما نقرأه بوضوح في “تقرير التنمية الإنسانية العربية لعام 2005″ والذي عنوانه:” نحو نهوض المرأة في الوطن العربي (التقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، برنامج الخليج العربي لدعم منظمات الأمم المتحدة الإنمائية، المكتب الإقليمي للدول العربية، ويقع التقرير في 292 صفحة وطبع في الأردن عام 2006)، فتقول الرئيسة الإقليمية لمكتب الدول العربية للبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة وهي عربية من اليمن إن تقرير “التنمية الإنسانية العربية”:” ليشدد على الحاجة لإزالة بذور التمييز ضد النساء في التقاليد العربية وعلى تنمية الاجتهاد (البحث التأويلي) في المسائل الدينية للتغلب على عوائق التراث الثقافي”.
ويقول د. جوزيف مسعد عن هذا التقرير: ويسعى التقرير إلى:” تناول التحولات في المواقف وإصلاح الإطارات الثقافية. وبالأخص سيقوم بتحديث التأويل والفقه عبر التبني الشامل للقراءات المتنورة للاجتهاد، ويتوجب على الأخير أن ينعتق من عبودية المؤسسات والشخصيات الدينية القائمة ليصبح حقاً وواجباً على كل مسلم متعلم، امرأة كان أم رجلاً، لها وله القدرة على الانخراط في دراسة دينها أو دينه” ويقول د. مسعد: وهكذا فإن دعوة التقرير للإصلاح لا تهدف إلى تقديم قراءات فقهية جديدة للقرآن من قبل مسلمين، بل بالأحرى تهدف إلى جعل القراءات الفقهية الجديدة متماشية مع التشريعات الليبرالية “الدولية”
وقال التقرير في عبارات واضحة القصد في القفز على الفقه (التقليدي) والمجيء بـ (فقه عصري/ حداثي):” لقد منح القرآن البشر (نساءً ورجالاً) وضعية سامية على الأرض. وإذا كان الفقهاء المسلمون قديماً أوفياء لاحتياجات أعرافهم ومتطلبات مجتمعهم فإن تلك الأعراف والمتطلبات لم تعد تكفي حاجيات عصرنا ومجتمعنا. ولذا فإن الرجوع إلى القوانين الدولية التي تُقصي كافة أشكال التمييز بين الرجل والمرأة لا تتناقض بأي حال مع المعتقد الديني، حيث إن هذه القوانين أقرب إلى روح النصوص الدينية فيما هي أيضاً أقرب إلى التغييرات التي تَحْدُث في المجتمعات العربية المعاصرة”.
ويقول التقرير أيضاً بعد أن دعا إلى إصدار قانون واحد للأحوال الشخصية في البلدان العربية:” ينبغي على المشرعين العرب أن يعملوا على تبني التأويلات الأكثر تنوراً في الشريعة والقوانين الدينية الأخرى لتحقيق الانسجام مع مبدأ المعاملة المتساوية للرجال والنساء، انسجام يتوافق مع النوايا العامة للقانون الديني الإسلامي وقوانين غير المسلمين”.
التقرير يريد أن يفتح (باب الاجتهاد) لمن يعرف ولمن لا يعرف، فينقل د. جوزيف مسعد عن ذلك التقرير: ” وبما أنه “لا كهنوت في الإسلام” فإنه يتبع من ذلك أن مبادرات في التشريع كهذه ينبغي أن تُحرَّر من قبضة المؤسسات والشخصيات الدينية، بل بالأحرى ينبغي أن يُصبح التأويل المستقل حقاً وواجباً على كل مسلم مؤهل، امرأة كان أم رجلاً، لها وله القدرة على الانخراط في دراسة دينها أو دينه”
ويشرح نادر فرجاني الكاتب الرئيس للتقرير “موقف التقرير من الإسلام بتكرار دعوة التقرير لتأويلات جديدة للعقيدة الدينية والآراء الفقهية بقوله:” إقامة مثل هذه النهضة في الوطن العربي تتطلب إفساح مجال الاجتهاد الفقهي لوضع قواعد الاتساق بين هذه النهضة الإنسانية بمفهومها الشامل، والمقاصد الكلية للشريعة الإسلامية، تجاوزاً لكثير من التأويل الفقهي الذي استشرى في عصور الانحطاط، مكرساً للقهر والاستبداد مورِّثاً التخلف، ومن ثم لاستباحة الأمة من اعدائها”.
ضم فريق التقرير وخاصة المجلس الاستشاري، عدداً من المفكرين الإسلاميين (المستنيرين)!، كما ضم بعضاً من غلاة العلمانيين الذين كانوا يرون أن الاعتبارات العلمية والأكاديمية تتطلب عدم الخوض في أمور الدين ولو في علاقته بموضوعات التقرير”.

عمان / الأردن