الأردن يحذر من المساس بأمنه إثر توترات بفعاليات دعم غزة

عمان/ ليث الجنيدي/ الأناضول
حذّر رئيس الوزراء الأردني جعفر حسان، الأربعاء، من أي محاولات للمساس بأمن المملكة الداخلي، وذلك بعد أيام من وقفة احتجاجية لدعم غزة في العاصمة عمان شهدت هتافات مسيئة من بعض المشاركين فيها للأجهزة الأمنية والجيش.
جاء ذلك خلال كلمة له في جلسة لمجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، وفق ما أوردته وكالة الأنباء الرسمية.
وتواصل المملكة الاستمرار في حراكها الدبلوماسي؛ لتحشيد موقف دولي يؤدي في نهايته إلى وقف حرب الإبادة على قطاع غزة.
** الفعاليات والتطورات الأخيرة
سمحت السلطات الأردنية منذ بدء حرب الإبادة الاسرائيلية على قطاع غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 ، بإقامة مئات الوقفات والمسيرات التضامنية، مراعيةً الترابط الديموغرافي والجغرافي الذي يربط شعبي البلدين.
وغطت تلك الفعاليات معظم محافظات المملكة، إلا أن المركزية منها كانت في ثلاثة مناطق بالعاصمة عمان، هي وسط البلد، وأمام مسجد الكالوتي قرب سفارة اسرائيل، وأمام مسجد عباد الرحمن بالصويفية على بعد 3 كيلو مترات من سفارة الولايات المتحدة الأمريكية.
لم تخلُ الفعاليات من تدافع بين المتظاهرين وقوات الأمن، لكن غالبيتها كانت تنتهي بسلام، إلا أن الوقفة الأخيرة يوم الجمعة، أمام مسجد عباد الرحمن بمنطقة الصويفية غرب العاصمة عمان، شهدت هتافات مسيئة للجيش والأجهزة الأمنية.
تلك الهتافات أدت إلى تفاعل كبير على وسائل التواصل الاجتماعي، وسط مطالبات بتوقيف المسيئين، وهو ما تم بالفعل.
ومساء الثلاثاء، أقيمت وقفة قرب سفارة تل أبيب بمنطقة الرابية بالعاصمة عمان، شهدت أيضا احتكاكا مع قوات الأمن والتي على إثرها تم توقيف بعض المتسببين، وفق مقاطع مصورة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي.
** تعليق رسمي
وتعليقاً على المعطيات السابقة، أكد حسان، أن “لا أحد أقرب إلى الشعب الفلسطيني من الأردن، ولم يقدم أحد للقضية الفلسطينية كما قدم الأردن بقيادته الهاشمية على مر التاريخ بالدم والشهداء والمواقف التي لا تتبدَّل”.
وشدد على أن “مواقف الأردن لا تتبدل وسياساته مشهودة وواضحة”.
وأردف حسان: “هذا واجبنا ومستمرون فيه بقيادة جلالة الملك، أردنياً وعربياً ودولياً، ودون كلل”.
واعتبر أن “مصلحة الأردن فوق كل شيء وقبل كل شيء، وأن لا أحد يملي على الأردنيين ما يفعلونه”.
وتابع حسان: “لن يُسمح لأي طرف أو جهة أن تتدخل في الشأن الأردني أو في خياراتنا وقراراتنا وثوابتنا”.
وأكد على أنه “سيتم التعامل دون تردد أو تهاون مع كل من يهدد أمن الأردن وسلامة شعبه، سواء كان في الداخل أو الخارج”.
واستدرك: “كما لن يسمح أيضا بأن تسوق علينا مخططات وقرارات خارج سياساتنا وأهدافنا الوطنية، أو التضحية بمصالحنا العليا التي تقررها الدولة فقط”.
** الأردن أولا
وفي إشارة إلى ما شهدته وقفة الجمعة، قال حسان: “لن يسمح لمجموعات تحرِض على الدولة ومؤسساتها، أو تتاجر بالأرواح وتحاول توظيف مشاعر شعبنا الوطنية النبيلة الصادقة لأهدافها”.
كما بين أن “ثبات الشعب الفلسطيني على ترابه الوطني اليوم هو هدفنا وأولويتنا، وهذا الأمر لا يكون إطلاقاً بالعبث بأمن الأردن واستقراره وسلامة شعبه وأرضه”.
واستطرد حسان: “حدودنا وأمننا يحميه جيشنا العربي المصطفوي وأجهزتنا الأمنية الساهرة”.
وأكد على أن “واجب الدولة في ظل ما تشهده المنطقة من أزمات وصراعات، الحفاظ على أمنها واستقرارها وحماية أبناء شعبها”.
ولفت حسان، إلى أنه “عندما يتعلق الأمر بأمن الأردن واستقراره وسيادته فلا أولوية تتقدم على الأردن، ولا قرار غير قرار الدولة في هذا الأمر، وهذا ثابت لا نقاش فيه”.
وقال: “الأردنيون لا يقبلون مزاودة أو إساءة لدورنا المشرف ومواقفنا التي يشهد لها كل منصف”.
وتابع حسان أن الأردنيين “لا يقبلون أيضاً أن يحاول البعض استغلال مشاعر الغضب والألم الصادقة بسبب التوحش الذي يواجهه الأشقاء الفلسطينيون على يد إسرائيل والمأساة، التي نتألم لها جميعاً في غزة؛ للتقليل من جهودنا أو ضرب منعتنا وصلابة نسيجنا الوطني”.
وأضاف: “بمقدار حرص الدولة على صون حق الأردنيين في التعبير عن الرأي والتضامن مع أشقائنا، فهي في المقابل مؤتمنة على حماية الأردن وتطبيق القانون ومنع الإساءة أو التجاوز على مؤسساتنا وجهود أبنائها وبناتها التي نفخر ونعتز بهم”.
وشدد حسان، على أنه “لن يُسمح بزرع بذور الفتنة بين أبناء الشعب الواحد”، مضيفا: “كلنا أردنيون بانتمائنا الصادق وإخلاصنا ومحبتنا وإيماننا بهذا البلد العظيم وهويته الوطنية وقيادتنا الهاشمية الحكيمة”.
وأكد على أنه “لن تكون هناك فرصة لاستغلال الإساءات التي يطلقها البعض من الخارج والداخل لهويتنا وسيادة مؤسساتنا، لخلق صدع في ركن هذا الوطن المنيع، وبين شعبه المخلص الأمين”.
** سحب السفير
في الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، سحب الأردن سفيره من تل أبيب، على خلفية حرب الإبادة الجماعية المتواصلة التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، ما أدى إلى احتقان سياسي في العلاقات بين الجانبين.
وهو احتقان مدفوع بإصرار إسرائيلي على مواصلة الإبادة في غزة، يقابله، وفق محللين أردنيين، حراك أردني لدحض روايات تل أبيب وبيان المآرب الحقيقية لما تقوم به في الأراضي الفلسطينية المحتلة، واستفزازاتها المستمرة لدول المنطقة.
قرار الأردن استدعاء سفيره غسان المجالي وعدم إعادة سفير إسرائيل روجيل بن موشيه راحمان إلى عمان كان نقطة تحول في العلاقات؛ إذ أتبعته المملكة بوقف توقيع اتفاقية مع إسرائيل لتبادل الطاقة مقابل المياه.
ومنذ استئنافها الإبادة الجماعية بغزة في 18 مارس/ آذار الماضي، قتلت إسرائيل 1482 فلسطينيا وأصابت 3688 آخرين، معظمهم أطفال ونساء، وفق وزارة الصحة بالقطاع الأربعاء.
وبدعم أمريكي مطلق ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 جرائم إبادة جماعية في غزة، خلّفت أكثر من 166 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.