هل يكتفي أردوغان ويُسلّم رئاسة تركيا لغيره؟.. ما هي خطّة “الاستقالات الجماعية” وهل تنتظرها “الفجلة الكبيرة” و”أمانة الشعب”؟.. كيف جمّع حظر حساب المُعتقل أمام أوغلو الأتراك حوله؟ ومن ينجح في إرساء الأخوّة مع الأكراد؟

هل يكتفي أردوغان ويُسلّم رئاسة تركيا لغيره؟.. ما هي خطّة “الاستقالات الجماعية” وهل تنتظرها “الفجلة الكبيرة” و”أمانة الشعب”؟.. كيف جمّع حظر حساب المُعتقل أمام أوغلو الأتراك حوله؟ ومن ينجح في إرساء الأخوّة مع الأكراد؟

عمان- “رأي اليوم”- خالد الجيوسي:

تتلقّى المُعارضة التركية فيما يبدو “لكمات” مُحكمة التوجيه من قبل حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وذلك بعد استحكام الحزب الحاكم “العدالة والتنمية” في إغلاق الطريق أمام مُنافسها اليتيم رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، وزجّه في السجن على خلفيّة اتهامات بالفساد، يبدو أنه جرى تقديمها إعلاميًّا بشكل جيّد، حيث الرجل بات مقيّدًا بمقاطع فيديو حول اجتماعات قيل إنها مشبوهة لنقل واستلام أموال، جرى إغلاق الكاميرات فيها، ما جعل الشارع التركي وفق وجهة نظر السلطات ينحرف عن دعمه قليلًا، أو التعاطف معه.
ومع هذا تشير استطلاعات للرأي أن شعبية إمام أوغلو في ارتفاع منذ اعتقاله، مما يعزز وجهة النظر التي تراه المنافس الرئيسي لأردوغان في الانتخابات الرئاسية المقبلة المقرر إجراؤها في 2028.
إضافة إلى ذلك، ذهبت السلطات التركية بعيدًا حين حظرت السلطات التركية حساب رئيس بلدية إسطنبول المعتقل أكرم إمام أوغلو عقب قرار من البرلمان الأوروبي بالاستمرار بتجميد عملية انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي المُجمّدة فعليًّا مُنذ عام 2018.
يبدو أن حساب إمام أوغلو على إكس له تأثيره، وحضوره، فالرجل الذي يُتابعه 10 ملايين شخص كان قد دعا الشعب التركي في آخر منشوراته “قبل الحظر” إلى الاحتجاج ورفع الصوت، الأمر الذي عدّته السلطات “تحريضًا على ارتكاب جريمة”، وقررت محكمة في إسطنبول لاحقاً تنفيذ الحظر.
صحيح أن صوت إمام أوغلو بات مقيّدًا تمامًا حاليًّا، باعتقاله، ثم حظر حسابه التواصلي لمنعه من التواصل مع الشعب التركي، لكن هذه الخطوة رئيس بلدية أنقرة، وحّدت المعارضة، ودفعت منصور ياواش رئيس بلدية أنقرة، للإعلان أن حسابه الذي يستخدمه في حملاته الانتخابية سيتم استخدامه من قبل إمام أوغلو حتى رفع حظر الوصول المفروض على حسابه، كما وحّد حظر الحساب الشعب التركي خلف إمام أوغلو، فوضع الأتراك صورة الأخير صورة حساباتهم تضامنًا معه.

تحتاج المعارضة التركية حاليًّا للتحرّك سريعًا، ويبدو أن الخطوة الأولى تتعلّق بقرار حزب الشعب الجمهوري المُعارض الذهاب نحو انتخابات باكرة في نوفمبر العام الجاري، عبر تقديم “استقالات جماعية” من البرلمان، تهدف إلى خلق شغور في عدد كاف من المقاعد البرلمانية، مما يفرض دستوريا إجراء انتخابات تكميلية في بعض الدوائر.
هذا التحرّك بحسب صُحف تركية محلية، يستند إلى المادة الدستورية التي تنص على إجراء انتخابات فرعية لمرة واحدة في الدورة التشريعية، إذا تجاوز عدد المقاعد الشاغرة نسبة 5% من إجمالي عدد مقاعد البرلمان التركي، أي ما يعادل 30 مقعدا من أصل 600.
ويبدو أن الفرصة سانحة أمام المعارضة التركية، حيث يتواجد 8 مقاعد شاغرة، مما يعني أن استقالة نحو 22 نائبا من نواب الحزب قد تفي بالحد الأدنى المطلوب قانونيًّا.
زعيم حزب الشعب الجمهوري المُعارض، أكّد من جهته على أن خيار الانتخابات النصفية مطروح بجدية على الطاولة، مضيفا أن “توفر 30 مقعدا شاغرا سيجبر الدولة على فتح صناديق الاقتراع خلال 90 يوما”، وفق نص الدستور، كما حذر من أن أي محاولة لتعطيل هذا المسار أو رفض استقالات النواب قد تكلف الحكومة ثمنا سياسيا باهظا.
تبحث المعارضة التركية بكل حال عن ورقة أخرى مُساندة لورقة اعتقال إمام أوغلو، وهي تدرك أن الحزب الحاكم قادر على تعطيل الانتخابات المبكرة، عبر رفض هذه الاستقالات، وهو ما تمتلكه الأغلبية الحاكمة في البرلمان، وبالتالي تعطيل الذهاب لانتخابات مبكرة، وهو ما يخلق جدل سياسي، ومناوشة، تستطيع من خلالها المُعارضة التركية حشد الشارع مجددًا ضد ما تعتبره أو تصفه بحسب مراد جان إيشيلداق، نائب رئيس لجنة الانضباط في حزب الشعب الجمهوري، بـ”الانحدار السياسي الراهن”.
الرئيس أردوغان، حتى الآن على الأقل، يُناور على صعيد الذهاب لانتخابات مبكرة، وقال في أكثر من مناسبة على أن تركيا ستكمل دورتها الانتخابية حتى عام 2028، مشيرا إلى أن “البلاد بحاجة إلى تركيز كامل على التحديات الاقتصادية والأمنية، لا إلى استنزافها مجددًا في أجواء انتخابية”.
كما اتخذ زعيم حزب الحركة القومية دولت بهتشلي (حليف أردوغان) نبرة أكثر حدة، واصفا مطالب المعارضة بأنها “غير واقعية”، ومؤكدا أن التحالف الحاكم لن يفرط بـ”أمانة الشعب” التي منحت الرئيس أردوغان ولاية جديدة قبل أقل من عامين.
يحدث هذا، مع إعلان حزب “العمال الكردستاني” عقد مؤتمر يبحث حلّ الحزب وإلقاء أسلحته الأسبوع الماضي، الأمر الذي لاقى ترحيبًا شبه عام بالخطوة التي تُعدّ تمهيدًا لإنهاء “مشكلة الإرهاب” وحلّ “المشكلة الكردية” في تركيا.
وحول هذا الإعلان، الذي رحّب به أردوغان، أكد زعيم المعارضة التركية رئيس حزب “الشعب الجمهوري”، أوزغور أوزيل، أن حزبه يقول: نعم لتركيا خالية من الإرهاب، مضيفاً: نؤيد تماماً إلقاء المنظمة الإرهابية (حزب العمال الكردستاني) سلاحها، وهو أمر متوقع هذه الأيام. نتوقع اتّخاذ خطوات مشتركة لتصحيح الممارسات الخاطئة في البرلمان، وأولاها إنهاء ممارسة الوصاية، وإطلاق سراح السجناء السياسيين”.
وقال أوزيل: لم نكن يوماً من بين من ينكرون القضية الكردية، وقلنا دائماً إنه ما دام الأكراد في تركيا يقولون إن هناك مشكلة كردية، فهذا معناه أن هذه المشكلة موجودة.
وأسقط زعيم المعارضة أوزيل مسألة حل حزب العمال الكردستاني، وإلقاء سلاحه على الواقع السياسي للمعارضة قائلًا: نتوقع اتّخاذ خطوات مشتركة لتصحيح الممارسات الخاطئة في البرلمان، وأولاها إنهاء ممارسة الوصاية، وإطلاق سراح السجناء السياسيين.
وأضاف أوزيل: حتى لو فشلت هذه العملية ولم يفوا بوعودهم للأكراد، فإننا في نهاية المطاف سنصل إلى السلطة، وسنعمل بالتأكيد على إرساء الأخوّة بين الأتراك والأكراد”.
ثقة المعارضة التركية التي تظهر في تصريحات زعيم أكبر أحزابها بالوصول إلى السلطة في نهاية المطاف، تطرح تساؤلات فيما إذا كان الرئيس أردوغان سيقبل بالذهاب باكرًا للانتخابات مُقابل حق الترشّح حيث ينص الدستور التركي على قدرة الرئيس على الترشح للانتخابات الرئاسية في حال أجريت في وقت مبكر، أم تنجح المعارضة في خطّة استقالاتها، وتُجبره على خوض انتخابات لا يُريدها ضد المُنافس الأشرس إمام أوغلو، ويضطر مُجبرًا لإخراج “حبّة فجله الكبيرة” التي كان توعّد بها حزب الشعب الجمهوري وقادته، ثم ينتظر حتى العام 2028، ويُجري تعديلًا على الدستور، والذي ينص حاليًّا على حصر الرئاسة بولايتين اثنتين فقط.