إعلام عبري يكشف خطة الجيش الإسرائيلي لضم منطقة رفح التي تشكل خمس أراضي قطاع غزة إلى المنطقة العازلة التي تحظر إسرائيل على الفلسطينيين الوصول إليها ويعتبرها إبادة للمدينة الواقعة جنوب القطاع

القدس / عبد الرؤوف أرناؤوط:
كشفت صحيفة “هآرتس” العبرية، الأربعاء، أن الجيش الإسرائيلي يستعد لضم منطقة رفح، التي تشكل خمس أراضي قطاع غزة “إلى المنطقة العازلة التي تحظر إسرائيل على الفلسطينيين الوصول إليها”، معتبرة أن تلك العملية بمثابة “إبادة” للمدينة الواقعة جنوب القطاع.
وقالت الصحيفة إن المنطقة العازلة التي يستعد الجيش الإسرائيلي لإنشائها تبلغ مساحتها 75 كيلومترا مربعا وتقع بين طريقي فيلادلفيا وموراج وتضم مدينة رفح والأحياء المجاورة لها، جنوب القطاع الفلسطيني.
وأضافت “هآرتس” أنه بموجب ضم مدينة رفح والأحياء المجاورة للمنطقة العازلة “لن يسمح الجيش الإسرائيلي للسكان (الفلسطينيين) بالعودة إلى منطقة رفح وينظر في هدم جميع المباني فيها”.
وحتى الساعة 12:30 (ت.غ) لم يعلق أي من المسؤولين الفلسطينيين أو حركة “حماس” على ادعاءات الصحيفة العبرية، بشأن استمرار تل أبيب في إبادتها لغزة أملا في فرض سيطرتها على مزيد من أراضي القطاع الفلسطيني.
وبدعم أمريكي مطلق ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 جرائم إبادة جماعية في غزة، خلّفت أكثر من 166 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.
– “جيب” داخل إسرائيل
وفي السياق، اعتبرت “هآرتس” أن ضم مدينة بحجم رفح إلى المنطقة العازلة الإسرائيلية الجديدة “سيحول قطاع غزة إلى جيب داخل الأراضي الإسرائيلية، ويبعده عن الحدود المصرية”.
وأوضحت: “منطقة رفح واسعة حوالي 75 كيلومترا مربعا، أي ما يقرب من خمس مساحة قطاع غزة بأكملها، وفصلها عمليا يحول القطاع إلى جيب داخل الأراضي الإسرائيلية”.
ورأت الصحيفة أن الحديث عن ضم رفح للمنطقة العازلة يستند إلى طلب ناتج عن قرار القيادة السياسية بتجديد الحرب ضد قطاع غزة في مارس/ آذار الماضي، وعلى خلفية تصريح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأن إسرائيل ستسيطر على مناطق واسعة في قطاع غزة.
واعتمدت الصحيفة العبرية في هذا الطرح على مصادر في المؤسسة العسكرية، مشيرة إلى أن الخطة المطروحة بشأن رفح والمناطق المحيطة بها بمثابة “تكرار لما تم فعله في شمال قطاع غزة”.
ونوهت قائلة: “الجيش بات يدرك أن إسرائيل لن تحصل على الأرجح على دعم دولي لعملية مطولة في قطاع غزة، حتى من الولايات المتحدة، وأن التهديدات التي أطلقها أعضاء الحكومة بشأن منع المساعدات الإنسانية لن تترجم على الأرجح إلى سياسة فعلية، ولذلك، يستعد الجيش الإسرائيلي لتركيز حملته على الأماكن التي يعتقد أنها ستشكل ضغطا على قيادة حماس”.
وسبق وأعلن نتنياهو قبل أيام شروع الجيش الإسرائيلي في إقامة ما سماه “محور موراج” ليفصل رفح عن مدينة خان يونس، ويكون موازيا لمحور فيلادلفيا على الحدود بين غزة ومصر.
وتأتي مزاعم الصحيفة العبرية رغم فشل تل أبيب في فرض سيطرتها الكلية في مناطق شمال قطاع غزة، حيث حاولت على مدى أشهر إخلاء مناطق بيت لاهيا وجباليا من الفلسطينيين أملا في إيجاد منطقة عازلة أوسع تفصل مستوطناتها عن القطاع.
وفي هذا الشأن، نقلت “هآرتس” عن جنود بالجيش الإسرائيلي انتقادهم لسياسات تل أبيب طوال مسار الحرب.
وقال قادة وجنود احتياط للصحيفة إن “الجيش يكرر الرسائل من بداية الحرب، دون النظر إلى الواقع في عينيه”، معتبرين أن العمليات العسكرية التي تشنها تل أبيب تعيدهم “إلى نقطة البداية”.
وأضافوا: “يعود (الجيش) لتدمير ما تم تدميره، دون أن يعرف أحد إلى متى، وما هو هدف العملية، وما هو الإنجاز العملياتي الذي تحتاجه القوات لإنجاز المهمة”.
وبحسب الصحيفة فإنه “إلى جانب عدم الثقة بالأهداف، هناك أيضا تساؤل عن المخاطر غير الضرورية التي تتربص بالجنود”.
وقال ضابط إسرائيلي آخر للصحيفة: “جميع المنازل في غزة على وشك الانهيار، فقدنا العديد من الجنود في انهيارات لهذه المباني، وقضينا ساعات طويلة في انتشالهم من تحت أنقاض”.
وتابع: “إذا لم يفهم قادة الجيش الإسرائيلي أن الجنود يموتون في حوادث عملياتية غير ضرورية، فإنهم سيواجهون مفاجأة”.
– خطة إبادة رفح
وفي سياق متصل، زعمت “هآرتس” أنه في إطار استعدادات الجيش الإسرائيلي لفصل مدينة رفح عن خان يونس “يعمل بالفعل على توسيع محور موراج، وتدمير المباني على طوله”، مشيرة إلى أنه في بعض المناطق “سيكون عرض المحور مئات الأمتار، وحتى أكثر من كيلومتر واحد”.
وأضافت أنه بحسب مصادر في المؤسسة الأمنية فإنه “لم يتم اتخاذ القرار بعد بشأن ما إذا كان سيتم الاحتفاظ بمنطقة رفح بأكملها منطقة عازلة، دون دخول المدنيين، كما حدث في مناطق أخرى صنفت على أنها مناطق عازلة، أو هدم جميع المباني وتدميرها، ما يؤدي فعليا إلى إبادة مدينة رفح”.
وأبرزت الصحيفة في تقريرها أن النشاط الجديد الذي يقوم به الجيش الإسرائيلي في المنطقة لا يقتصر على المنطقة الواقعة بين محوري موراج وفيلادلفيا، دون توضيح.
لكن “هآرتس” أشارت إلى أنه في الآونة الأخيرة، بدأ جنود اتخاذ مواقعهم على طول محيط المدينة بالكامل، فيما يبدو أنها “خطوة تمهيدية” في مسار فصل رفح كليا عن القطاع.
– مناطق الموت
ومنذ بداية الحرب في أكتوبر 2023، أقامت إسرائيل منطقة عازلة على طول حدود قطاع غزة مع إسرائيل من كافة الجهات إضافة الى محور فيلادلفيا على الحدود بين القطاع ومصر، بحسب الصحيفة ذاتها.
وفي مايو/ أيار 2024، احتلت إسرائيل محور فيلادلفيا والجانب الفلسطيني من معبر رفح البري بين غزة ومصر، وهو ما ترفضه الفصائل والسلطة الفلسطينية والقاهرة.
وتمنع إسرائيل الفلسطينيين من الوصول إلى هذه المناطق التي توصف بأنها “منطقة الموت حيث يطلق الجنود الإسرائيليون النار على كل من يقترب منها”، وفق “هآرتس”.
وقالت الصحيفة: “مع بداية الحرب في أكتوبر 2023، أعلن الجيش الإسرائيلي نيته إنشاء منطقة عازلة على طول حدود قطاع غزة، والتي من شأنها إبعاد التهديدات للمستوطنات المحيطة إلى مسافة تراوح بين 800 متر و1.5 كيلومتر”.
ووفقا للصحيفة تبلغ المساحة الإجمالية للمناطق العازلة التي أنشأتها إسرائيل داخل قطاع غزة أو على طول حدوده، نحو 60 كيلومترا مربعا، أي أكثر من 16 بالمئة من أراضي القطاع، وهي المناطق التي كان يعيش فيها نحو ربع مليون غزي حتى 7 أكتوبر 2023.
الأناضول