محمد نديم أنجم بييديا: دموع على وجوه الجنة

محمد نديم أنجم بييديا: دموع على وجوه الجنة

 

 

 محمد نديم أنجم بيديا
ادلهمت الأجواء الزرقاء وجوهها بما تلبد في سماءها من الحقد والبغضاء وابتلت الآراضي خدودها بما جاشت به سطوحها من العدوان والكراهية وانشقت مروج كشمير، الفردوس على الأرض، أثلاما متفرقة مستهدفة للقبض الذي لا يعرف قاموسه كلمة من الإحسان والتحنان، وذلك كله على إثر ما اعترى (باهالجام) بجامو وكشمير الخاضعة للإدارة الهندية، سويسرا الهند، من كارثة إرهابية ترتبت على سفك دماء عشرات السياح بقساوة تقشعر لها الجلود، مما انتهى إلى احتدام قيظ الحرب فيما بين الهند وجمهورية باكستان الإسلامية.
وقد استفحل هذا الصراع على نحو مأساوي، إذ أذكى أواره إطلاقُ سلسلة من الطائرات المسيرات تداولتها كلتا الدولتين على طول حدود (جامو وكشمير) في غضون أيام معدودة بعد أن أعلنت جبهة المقاومة، المتمثلة في فرع من جماعة (لشكر طيبة) الإرهابية المتمركزة في باكستان، مسؤوليتها عن الهجوم. إلا أن تحت حجاب الشعارات الوطنية الجوفاء ما يتمثل في المؤشرات على المناورات الخبيثة تستغلها الأحزاب السياسية ظفرا بأحط مآربها وأدنى مطامعها. وما عادت تدابير الدفاع الوطني إلا مجرد أوسمة زخرفية يتباهى بها الساسة على أنقاض أرواح المدنيين.
وما هذا النزاع بعقيدتي إلا نتاج أفسد المستنقعات السياسية حيث يلوّح كل طرف براية الدفاع عن سيادة الوطن والحياض عن الحدود لجهة الأمن والاستقرار ولكن ما هي ،من قناعتي، غير مرتع وخيم يصلح للاستفادة من العقائد الدينية إلى جانب الشعارات الوطنية النارية أسلحةً تُسلّ على رقاب الحوارات السلمية وروح التسامح والتعاطف، من حيث يتقلب الشعب من كلا الجانبين في أتون هذه الفتنة الدامية، يغلي بين فكيها، فلا يدوي لأنينه صدى في الأسماع ولا يعرض لدمائه حرمة في الأبصار، مما يجسد الهمجية بأبشع صورها والوحشية بأقبح ملامحها.
لماذا الحرب يا تُرى؟ عندما تدور رحاها على الناس تصمت ألسنتهم وتنطق أسنتهم، وفيما تكشر عن أنيابها تعانقت الصوارم والحناجر وتلاصقت المدافع والقنابل، فلا ترى إلا رؤوسا تسقط ودماء تراق وأعضاء تتطاير وأشلاء تتناثر وجثثا تتزايل إلى أن  يتيتم على آثارها الأطفال وتترمل الحلائل وتثكل الأم أولادها، فيرجع العساكر من ميدان الحرب وشبع الرصاص من لحمهم وارتوت السيوف من دمهم فعادت ألوفهم مئات ومئاتهم عشرات.
 تُرى، أفي هذا الوادي، والثلوج أكاليله والجنى والعبير تيجانه، وتخايل الأرضُ فيه خيلاء الفتاة في أبهى أبرادها، غدا، مع الزقزقة يدمدم الرصاص؟ و هل مع النسمة تهب الزوبعة ومع البرعمة تنفجر القنابل؟
فأنّى لنا هذا الداء يا تُرى، وأنّى المنفذ من هذه الوصمة على جبين الإنسانية؟ السلم في هذا المنوال لا يتولد في المؤتمرات الدولية دائما ولا في الحوارات السلمية، غير أنه تتفتق بذوره في قلوب الناس وأفكارهم أحيانا، فلو دمرنا كل أساطيلنا وأفنينا دباباتنا ومدافعنا وغيرها من الآلات الشيطانية وسككنا قنابلنا محاريث وسبكنا بنادقنا أجراسا وحوّلنا كل ثكناتنا إلى معابد ومياتم لما تملصنا مع ذلك من آفات الحرب وكابوسها ما لم نجرد قلوبنا من شوائب الطمع والحقد في سياسة البلاد وإدارة الأمم، وننقِّ أفكارنا من الوهم بأن للإنسان الحق أن يتلفظ بكلمة تثير نعرة طائفية أو تستغل الله لضرب عباده، ونُراعِ بذور الإنسانية بكل معانيها في مزرعة الضمائر، إلى أن تنمو جنائن للخير والسلام في تربة الخواطر.
طالب السنة الأولى في الماجستير قسم اللغة العربية وآدابها
الجامعة العالية – كولكتا، الهند