جدلٌ بعد موافقة البرلمان المصري على قانون الفتوى: هل يعد فعلاً تضييقاً على الهلالي ومن معه؟ ولماذا اعتبر البعض المادة 8 غير دستورية؟ وما هو موقف المسؤولين عن الفتوى في مصر وبقية الدول الإسلامية حول الفيديو المتداول لتفجير الأقصى؟

القاهرة – “رأي اليوم”- محمود القيعي:
تشهد مصر في الساعات الأخيرة جدلا هائلا بعد إقرار البرلمان المصري بصفة نهائية قانون الفتوى، وهو القانون الذي استبشر به البعض خيرا، فيما عبر آخرون عن قلقهم منه وسخطهم عليه.
اللغط حول القانون كان متنوعا ومتباينا، حيث رأى البعض أن المادة 8 من القانون تتعارض مع الدستور المصري وتنتهكه بسبب نص على الحبس.
من جهته طالب خالد البلشي نقيب الصحفيين بإلغاء عقوبة الحبس الواردة في المادة (٨) من مشروع قانون تنظيم إصدار الفتوى الشرعية المقدم من الحكومة لمجلس النواب فيما يتعلق بمخالفة مواد نشر وبث الفتاوى.
وأعرب خالد البلشي في خطابه إلى المستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب المصري عن رفضه لنص المادة (٨) من مشروع القانون، التي تضمنت الحبس لمدة 6 أشهر، على مخالفة مواد القانون المتعلقة بنشر وبث الفتاوى وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه، ولا تزيد على مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين ، مؤكدًا أن ذلك يُعد مخالفة صريحة لنص المادة (71) من الدستور المصري، وكذلك المادة (29) من قانون تنظيم الصحافة والإعلام رقم (180) لسنة 2018م.
وأوضح نقيب الصحفيين في خطابه أن النص الدستوري والقانوني يمنعان توقيع عقوبات سالبة للحرية في الجرائم المتعلقة بالنشر أو العلانية، مما يمثل ضمانة دستورية لحماية حرية الصحافة والإعلام في مصر.
وتنص المادة (8 ) من مشروع القانون “مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد منصوص عليها في أي قانون آخر، ومع عدم الإخلال بقانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام الصادر بالقانون رقم (180) لسنة 2018م، يعاقب كل مَن يخالف حكم المادتين (3)، (7) من هذا القانون بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر، وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه، ولا تزيد على مائة ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، وفي حالة العودة تضاعف العقوبة، ويكون الشخص الاعتباري مسئولًا بالتضامن عن الوفاء بما يحكم به من تعويضات إذا كانت المخالفة قد ارتكبت من أحد العاملين لديه وباسم الشخص الاعتباري ولصالحه”.
وطالب نقيب الصحفيين بحذف عقوبة الحبس المنصوص عليها في المادة (٨) من مشروع القانون، لما تمثله من تهديد لاستقلالية العمل الصحفي، وإعاقة لدور الإعلام في نشر المعرفة وتعزيز الحوار المجتمعي.
وأكد النقيب أن هذه المطالبة تأتي إيمانًا بأهمية الحفاظ على حرية التعبير والصحافة كحق دستوري، وتعزيز المناقشة المجتمعية البنّاءة، بما يحقق المصلحة العامة.
وعبر البلشي عن أمله أن تلقى هذه الملاحظات اهتمام مجلس النواب ودعمه، من أجل الوصول إلى قانون متوازن يحفظ حقوق جميع الأطراف المعنية، ويتوافق مع نصوص الدستور المصري.
إقرار البرلمان المصري قانون الفتوى بهذه السرعة اعتبره البعض ردا وكبحا لجماح الشيخ سعد الدين الهلالي صاحب الفتاوى الصادمة لاسيما في الفترة الأخيرة.
قانون الفتوى يُقيّد إصدار الفتاوى الشرعية بجهات بعينها هي:
الأزهر، ودار الإفتاء، ومجمع البحوث الإسلامية، ولجان محددة من الأوقاف. ويُروَّج لهذا القانون باعتباره خطوة لضبط الفوضى ومنع الفتاوى المتطرفة.
الكاتب سيد مشرف يرى أن خلف هذا التنظيم، تلوح تساؤلات خطيرة: هل نمنح رجال الدين سلطة مقننة على الشأن العام؟ وهل نحن بصدد تأسيس سلطة دينية توازي السياسية، تحت غطاء “تنظيم الفتوى”؟
ويضيف أن مصر دولة مدنية، تحكمها تشريعات وضعية مستمدة من القانون الفرنسي، ولا تحدد الأحوال الشخصية هوية الدولة.
ويتابع قائلا: ما الداعي لإسناد الفتوى إلى مؤسسات دينية بقرار برلماني؟
ويخلص إلى أن المخاوف تتزايد من تداخل الدين في إدارة الدولة، ومن تحول الفتوى إلى سلطة نافذة تتجاوز دورها التوجيهي.
ويختتم متسائلا: هل نحن على أعتاب “ولاية الفقيه” بنكهة سُنّية؟ وهل يبقى القرار مدنيا حين تُصبح الكلمة العليا لمن يعتمر العمامة؟
هل ستصبح الفتوي سلطة فوق القانون المدني؟
يأتي إقرار البرلمان المصري قانون الفتوى تزامنا مع فيديو منتشر بشكل لافت لأحد الجنود الإسرائيليين يقول فيه ما نصه: “نحن نفجر هنا صورة المسجد الأقصى يزيدنا هذا إصرارا بمشيئة الرب لنبني الهيكل. سنستمر حتى نحقق النصر المطلق”.
الجندي فجر بالفعل – في الفيديو الذي ترجمه د. محمد عبود أستاذ الدراسات الإسرائيلية بكلية الآداب جامعة عين شمس- صورة الأقصى.
فما رأي السادة القائمين على الفتوى في مصر وباقي الدول الإسلامية؟
وماذا عساهم أن يفعلوا؟!