الإبادة الإسرائيلية متواصلة في غزة والجدل حول فقه الجهاد لم ينته في “القاهرة” و”اسطنبول”.. اتهامات متبادلة بين أنصار السلفية والإخوان.. والسؤال الرائج: هل أدى شيخ الأزهر ما عليه فاطمأن نفسا وقرّ عينا؟

الإبادة الإسرائيلية متواصلة في غزة والجدل حول فقه الجهاد لم ينته في “القاهرة” و”اسطنبول”.. اتهامات متبادلة بين أنصار السلفية والإخوان.. والسؤال الرائج: هل أدى شيخ الأزهر ما عليه فاطمأن نفسا وقرّ عينا؟

القاهرة – “رأي اليوم” – محمود القيعي:
في الوقت الذي تواصل فيه إسرائيل إبادتها لأهل غزة، يتواصل الجدل في مصر وتركيا حول الدعوة للجهاد ، وهي الدعوة التي أطلقها الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وأثارت من الجدل ما أثارته.
الجديد اليوم كان في هجوم د.عبد المنعم الشحات المتحدث باسم الدعوة السلفية على الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بسبب فتواه التي حرض فيها المؤمنين على القتال.
الشيخ “الشحات” خاطب من القاهرة الشيخ محمد الصغير في اسطنبول قائلا: ” كنت في تركيا وواقف وقفة جميلة أمام السفارة الأمريكية، عندك إمكانية لتدخل الحدود السورية وتكمل”.
وهو الأمر الذي رد عليه الصغير بقوله: ” قولوا لي إن المعبر في أي بلد مفتوح، وأنا غدا عنده لكن لا تعتقلوني”.
الشحات قال في تصريحات إعلامية: “نحن لم ندع شباب المسلمين خارج غزة أن يذهبوا، وبالتالي نحن لم نذهب لأننا خارج غزة”.
الصغير رد قائلا: ” وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعو اليهم لعلهم يحذرون”
وقال الصغير: ” لو فتحت المعابر، قولوا لي المعبر في أي بلد مفتوح وأنا غدا عنده لكن لا تعتقلني. حدد لي غدا معبرا مفتوحا إلى غزة وأنا على هذا المعبر غدا صباحا بإذن الله تبارك وتعالى.”.
من جهته ذكّر المهندس أبو العلا ماضي بشيخ الأزهر جاد الحق علي جاد الحق فى عام 1992 م حين اشتدت حرب البوسنة، مشيرا إلى أنهم شكلوا لجنة فى نقابة المهندسين المصرية لمناصرة شعب البوسنة والهرسك، وكان هو مقررها.
وتابع ماضي قائلا: “وتشكلت من شخصيات من المهندسين وشخصيات عامة، واخترنا فضيلة الشيخ محمد الغزالي رئيسًا شرفيًّا للجنة، وكان من أعضائها البارزين من الشخصيات العامة الكاتب الكبير حسن دوح والدكتور محمد عمارة والدكتور محمد عبدالمنعم البري والشاعرة الكبيرة علية الجعار ومندوب شيخ الأزهر فى ذلك الوقت الشيخ جمال قطب والدكتور جعفر عبدالسلام نائب رئيس جامعة الأزهر وقتها والإعلامي الكبير السيد الغضبان (رحمهم الله جميعا) وأستاذنا الدكتور محمد سليم العوا وآخرين من أسماء بارزة.
فلما اشتد الأذى وحرب الإبادة على شعب البوسنة طلبنا موعدًا مع فضيلة شيخ الأزهر وقتها الشيخ جاد الحق علي جاد الحق لوفد من اللجنة.
وقد تشكل الوفد من ثلاثة أشخاص الأستاذ حسن دوح والدكتور محمد عمارة وكاتب هذه السطور، وذهبنا للرجل فى شقته في حي المنيل بالقاهرة، ووجدناه يعيش حالة من الزهد في شقة ذات أثاث بسيط (وطبعا قابلَنا في شقته لأنه كان مريضًا)، فلما جاء دوري في الكلام تحدثت بحماس الشباب (كان عمري وقتها ٣٥ عامًا) وطلبت من فضيلته أن يفعل الأزهر شيئًا أكثر ممَّا فعله من مواقف وبيانات وإرسال وفود إلى هناك… إلخ، فتكلم الرجل بغضب وقال: ماذا يفعل الأزهر أكثر مما فعل؟! فلسنا سلطة سياسية وليس لدينا جيوش لنحركها، واستمعنا إليه واحترمنا وجهة نظره (رحمه الله)، التي أثبتت الأيام صحتها”.
واختتم قائلا: “وها هي الأيام تكرر نفس الشيء مع فضيلة شيخ الأزهر الحالي الدكتور أحمد الطيب وتطالبه بفعل أكثر مما فعل بشأن غزة، وهو في الحقيقة أعلن مواقف في منتهى القوة والوضوح لدعم الشعب المظلوم في غزة وفلسطين، وأدان الاحتلال وهمجيته بأشد عبارات الإدانة، وأدان صمت الغرب وتواطؤه مع هذا العدوان الهمجي وفضح ازدواجية معاييره بهذا الشأن.
والشيخ أكبر رمز إسلامي في العالم العربي والإسلامي، والأزهر أكبر مؤسسة إسلامية فى العالم الإسلامي كله بأغلبيته السنية وأقليته الشيعية، وهي مؤسسة لها مصداقية عالية وتأثير علمي (شرعي) ودعوي ونفسى هائل في العالم كله.
لذلك استغربت من طلب البعض من شيخ الأزهر الحالي مزيدًا من الفعل، وهو نفس الموقف الذي ذكرته في نموذج البوسنة”.
وخلص إلى أن شيخ الأزهر الحالي فيما يخص العدوان الهمجي على غزة وفلسطين قد أدَّى ما عليه، وهو جُهد يُشكر ولا يُنكر.
البعض اتفق مع ماضي مؤكدا أن شيخ الأزهر الحالي أدى ما عليه تماما، في حين ذهب آخرون إلى أن شيخ الأزهر برغم تقدير مواقفه خلال السنوات الأخيرة، في العديد من القضايا، ومنها القضية الفلسطينية، فإنه كان بإمكانه فعل المزيد دعما لأهل غزة، منه: زيارة إلى رفح المصرية تعبيرا عن التضامن مع أهل غزة.. دعوة الحكومات العربية والإسلامية لقطع العلاقات مع الكيان الصهيوني.. دعوة الشعوب العربية والإسلامية لمقاطعة الشركات الداعمة للكيان الصهيوني دعوة الدول العربية لكسر الحصار على غزة وإدخال الغذاء والدواء.
في ذات السياق يرى  د.كمال حبيب الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية أن تقليص دور الأزهر وقص جناحه وتحويله لتابع للحاكم وإيجاد مفهوم عالم السلطة لا عالم الأمة، وليس موقعا عن الله وليس قائما بالقسط، كان له أثره السيئ، وأدى لتمدد التيارات المتشددة في مساحة تركها الأزهر وتركتها مؤسسات الدولة الدينية.
ويضيف لـ “رأي اليوم” أن تلك التيارات دخلت في صدام مع الأزهر، وهاجمت علماءه ووصفتهم بعلماء السلاطين ، وهو الأمر الذي أدى إلى التصاق الأزهر أكثر بالدولة ، لشعوره أن هناك شكلا من أشكال العنف الذي لم تعرفه البلاد من قبل.
ويضيف أن جغرافيا العالم العربي تغيرت بسبب صهينتها، لافتا إلى أنه حين يتغلغل الصهاينة في مفاصل الأمة وفي جسدها وفي أروقة مؤسساها ومراكز أبحاثها ، والسطو على الأفكار والعقول داخل صناع قرارها، فطبيعي أن تكون القدرة على المدافعة سوف تتراجع وتتهاوى، مشيدا بأهل غزة الذين اصطفاهم الله واصطفى المقاومة ليقوموا بتلك المواجهة وإلقاء حجر في تلك البحيرة الراكدة وإيقاظ الوعي، والرهان عليها وعلى داعميها من شرفاء العالم.
ويختتم حبيب مؤكدا أن الخط الذي عُمّد بالدم والنار وبالشهداء يجب أن نحافظ عليه ليبقى خطا منيرا للتحرير ولوضع الأمة في مكانها الصحيح ، ولضبط بوصلة الأمة ليكون اتجاهها نحو تحرير الأقصى وتحرير فلسطين من هذا الرجس.