هل يحقق “استمالة القانون” النجاح مع ترامب، وما رغبة السوريين في رؤية “فندقه” بدمشق، وما الفوارق بين لقاء ترامب وكيم جونغ أون والمقابلة التي يسعى إليها “الجولاني”؟ وما الذي وراء رغبة “إسرائيل” المفاجئة في إقامة علاقات “مستمرة وجيدة” مع “حكومة جهادية”؟

عمان- “رأي اليوم”- خالد الجيوسي:
يُحاول الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع فيما يبدو مُتوسّلًا، أو مُتسَوّلًا، رفع العقوبات الغربية المفروضة عن سورية، ويبدو أن البوابة الرئيسية لتحقيق ذلك، هي مُراضاة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وصولًا للقائه شخصيًّا.
“برج ترامب في دمشق”!
ويفتح “الجهادي السابق” كما وصفته صُحف فرنسية خلال زيارته الأخيرة لباريس، باب الإغراء واسعًا أمام ترامب، وصلت لعرضه وفق ما نقلت وكالة “رويترز” بناء برج يحمل اسم الرئيس ترامب في دمشق، الأمر الذي يطرح تساؤلات حول ما إذا كان ترامب معنيًّا بهذا الإغراء وهو التاجر الاقتصادي المُحب للصّفقات، وما إذا كان الشعب السوري يُريد رؤية برج يحمل اسم الرئيس الأمريكي المذكور في بلاده.
لا يتوقّف عرض “الجولاني” عند هذا الحد، فصفقته المعروضة على ترامب، تشمل حق الوصول إلى موارد النفط والغاز في سوريا، وتهدئة التوترات مع إسرائيل، والتعاون ضد إيران.
“أمور الصفقات لرفع العُقوبات”
ومن غير المعلوم إذا كان الشرع قد استشار من “يفقه” بأمور الصفقات لرفع العقوبات، فالرئيس ترامب نفسه حاليًّا يتفاوض مع إيران حول برنامجها النووي، والمؤشرات الإيجابية تبدو سيّدة المشهد، فلماذا يعرض الشرع على ترامب “التعاون ضد إيران”، وماذا يمكن له أن يقدم أكثر بعد سُقوط أو إسقاط حليفها الرئيس السوري السابق بشار الأسد، وانحسار نفوذها في سورية.
يأمل الانتقالي أحمد الشرع، بطبيعة الحال أن يجتمع مع ترامب، خلال جولته في الخليج، والتي تشمل السعودية وقطر الإمارات بداية من غد الثلاثاء، وربّما تلعب تلك الدول دورًا ما وهي داعمة للشرع اليوم في ترتيب لقاء للشرع مع ترامب على هامش زيارته للمنطقة.
وأجرى الانتقالي أحمد الشرع مباحثات هاتفية مع الرئيس الإماراتي محمد بن زايد وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، قبيل زيارة مُرتقبة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى المنطقة.
لا بد من الإشارة إلى أن اسم الشرع لا يزال حاضرًا في لائحة الإرهاب، ما يعني أن ترامب إذا ما التقى الشرع، سيُصافح أمام الأمريكيين من يُصنّفه شخصًا إرهابيًّا له صلات سابقة بتنظيم القاعدة، والدولة الإسلامية.
أي فروق بين لقاء ترامب- كيم جونغ أون ولقاء يبتغيه الجولاني؟
ثمّة من يعقد مُقارنة بين الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، والشرع، وأن ترامب قد يلتقي الأخير كما فعل مع الزعيم جونغ أون، لكن ثمّة فروق، وهي أن الزعيم الكوري الشمالي لم يستجد لقاء ترامب، كما أنه التقى الرئيس الأمريكي من موقع قوّة في المنطقة المنزوعة السلاح العام 2019، لا موقع التفريط والتسليم بكل مُقدّرات بلاده (الاقتصادية والسياسية) كما فعلت صفقة الشرع، لنيل الرضا الأمريكي ورفع العقوبات.
وتُكافح سورية الجديدة لتنفيذ الشروط التي وضعتها واشنطن لتخفيف العقوبات الأمريكية، والتي تبقي البلاد في عزلة عن النظام المالي العالمي وتجعل التعافي الاقتصادي صعبا للغاية بعد حرب طاحنة دامت 14 عامًا.
وقال الناشط الأميركي المؤيد لترامب، جوناثان باس، والذي التقى الشرع لأربع ساعات في دمشق بتاريخ 30 أبريل/نيسان، إن هناك جهودًا تبذلها أطراف سورية وخليجية لتنظيم لقاء “تاريخي – وإن كان غير مُرجّح” بين الرئيسين، على هامش زيارة ترمب إلى السعودية وقطر والإمارات.
“علاقات مُستمرّة وجيّدة” فجأةً!
ويبدو أن حكّام دمشق الجدد، قد نجحوا في السير ضمن طريق مُقتضيات الطاعة لإسرائيل، وجذب انتباهها، حيث لافت ما أعرب عنه وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، حين أعلن عن رغبة “كيانه” في إقامة علاقات “مُستمرّة وجيّدة” مع حكومة الشرع، ولافت أن الإعلان الذي يفتح الباب أمام “التطبيع العلني” بين سورية الشرع والكيان، جاء بعد تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وإعلانه استعادة رُفات الجندي الإسرائيلي تسفي فيلدمان، والذي فُقد خلال حرب لبنان الأولى العام 1982.
ويبدو أنّ السلطات السورية الجديدة قد ساعدت في استعادة رُفات الجندي، حيث لم يصدر نفي عن الوزير جدعون ساعر، ونقل ردّه على سؤال حول ذلك الأمر إلى “صلاحيات مكتب نتنياهو”.
واعترف الشرع أساسًا بوجود مفاوضات “غير مُباشرة” مع إسرائيل عبر وسطاء، وذلك خلال لقائه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قصر الإليزيه، في أول زيارة للشرع إلى أوروبا مُنذ تولّيه الحُكم، ويبدو أن هذه المفاوضات تسير على قدم وساق نظرًا لتصريحات وزير الخارجية الإسرائيلي ساعر الإيجابية، بعد أن كان وصف حكومة حكام دمشق الجدد بأنها “جهادية ترتدي بذلات رسمية”.
ماذا سيقول الإسلاميون في تطبيع الشرع العلني؟
وتُطرح تساؤلات حول ردّة فعل التيارات الإسلامية “الإخوانية” و”السلفية” حول افتتاح مقر السفارة الإسرائيلية في دمشق، ورفرفة العلم الإسرائيلي في العاصمة السورية، ومُصافحة اللحى السلفية لكيان أوغل في قتل الفلسطينيين، والسوريين، واللبنانيين، حيث كل أدبيّات هذه التيّارات قامت على الطعن بالقيادة السورية السابقة، وردودها العسكرية البطيئة أو المُنعدمة على إسرائيل، فيما يُعيب ذات التيّار الإسلامي على السوريين الدروز والعلويين والمسيحيين طلبهم الحماية الدولية، ويتّهمهم بقبولها حتى وإن كانت قادمة من إسرائيل!
أين مصالح روسيا والصين؟
ومن غير المعلوم أين سيكون موضع النفوذ الروسي، والصيني في سورية، إذا كان الشرع يعمل على إثارة شهوات ترامب التجارية بسورية، حيث كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” نقلًا عن مصادرها، عن سعي الرئيس السوري إلى لقاء نظيره الأمريكي خلال جولة الأخير المُرتقبة إلى المنطقة، من أجل مُشاركة رؤيته لإعادة الإعمار على غرار خطة مارشال، وأوضحت الصحيفة أنّ خطّة الشرع تضمن تفوّق الشركات الغربية والأمريكية على نظرائها في الصين.
هل يضمن ترامب عدم سُقوط الشرع؟
السُّؤال المطروح بكُل حال، حتى لو نجح الشرع في إغراء ترامب بشكل أو بآخر، هل يستطيع الأخير والدولة العُظمى التي يحكمها الولايات المتحدة الأمريكية، ضمان عدم تقسيم سورية، أو ضمان عدم حصول اقتتال داخلي، وفتنة طائفية، فخلال خمسة أشهر فقط من استلام الشرع للسلطة، حصلت فتنة الساحل السوري، وفتنة الدروز في دمشق، وتراجع الأكراد عن اتفاقاتهم معه، وكم من أنظمة حليفة لواشنطن شاهد العالم سُقوطها، حتى تلك الحليفة لروسيا (نظام الأسد)، السّر يكمن في القوّة، والردع، والأمثلة شاهدة، إيران، كوريا الشمالية.