آسيا العتروس: غزة من وعد إبراهيم إلى اتفاق ترامب.. ماذا بعد عودة الرهينة عيدان الكسندر؟

آسيا العتروس: غزة من وعد إبراهيم إلى اتفاق ترامب.. ماذا بعد عودة الرهينة عيدان الكسندر؟

 

اسيا العتروس
نكاد نجزم أن الرئيس الامريكي دونالد ترامب سيستقبل في الساعات القادمة الرهينة الامريكي الاسرائيلي عيدان ألكسندر وسيجعل من ذلك عنوانا و صورة لحكاية  معلومة تقول  أن ترامب والغرب لا يتخلى عن مواطنيه أينما كان وأيا كان العدو ..
الافراج عن الاسير الامريكي الاسرائيلي المحتجز لدى حركة حماس تحت أنقاض غزه سبقه تصريح للرئيس الامريكي دونالد ترامب وجب التوقف عنده فهي المرة الاولى التي يصف فيها الرئيس الامريكي الحرب على غزة بأنها وحشية وهو الذي منح حليفه ناتنياهو و معه جيش الاحتلال الاسرائيلي الضوء الاخضرلانهاء ما كان يسميه بالمهمة   أي القضاء على حماس مهما كانت التكاليف ..
فهل يمكن اعتبارأن هذه الخطوة ستكون منعرجا حاسما في حرب الابادة التي مر عليها عشرون شهرا بايامها و لياليها في غزة أم هل هي مقدمة لجولة الرئيس الامريكي المرتقبة الى الخليج و القمة العربية الامريكية الثانية له في العاصمة  السعودية بعد القمة الاولى خلال ولايته السابقة سنة 2017 و دعوته للاتفاق الابراهيمي ؟
أيا كانت الاجوبة فان الاهم الان أن تعلن الهدنة على الارض و تتوقف الحرب الظالمة التي جعلت غزة جحيما على الارض , طبعا هذا لا يعني التوقف عن تدوين و فضح ما حدث و يحدث في غزة بسبب الاحتلال ولا يعني أيضا نهاية الصراع الذي سيستمر طالما استمر الاحتلال الاسرائيلي للارض و هتك العرض , في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي كتب ترامب “أنا ممتن لكل من ساهم في تحقيق هذا النبأ التاريخي”، واصفا الإفراج عن الرهينة بأنه “بادرة حسن نية”.وأضاف “نأمل أن تكون هذه أولى الخطوات الأخيرة اللازمة لإنهاء هذا النزاع الوحشي”.
ما يمكن الاشارة اليه أيضا في هذا الاتفاق الامريكي مع حركة حماس أن هناك مفاوضات أمريكية في الكواليس مع الحركة  التي أكدت هذه المفاوضات ما يعني ربما أن هناك ربما طبخة قد تخرج للعلن في الساعات القليلة القادمة التي ستكون حاسمة في تحديد توجه حرب الابادة على غزة ولكن في المقابل  يبقى الموقف الاسرائيلي  الجائر مصرا على مواصلة العملية العسكرية في غزة بأكثر توحش وفق ما أعنه ناتنياهو و وزير أمنه غالانت الذي يرفض ايقاف الحرب  و يصر على عدم ايقاف الة القتل الاسرائيلية و يراهن على موقف أمريكي لم يتوقف عن دعم و تأييد و تمويل حكومة ناتنياهو كما هوالحال مع كل الادارات الامريكية السابقة للمواصلة في هذا التوجه معولا أيضا على اللوبيات اليهودية المتنفذة في مؤسسات صنع القرار في أمريكا ..على أن ذلك لا يصرفنا أيضا عن تسجيل الغياب البارز للسلطة الفلسطينية في رام الله عن المشهد بعد عملية طوفان الاقصى و الغياب أي عن أي دور فاعل ازاء عملية الابادة و التجويع في غزة ,في ذلك تبقى كل السيناريوهات قائمة في تحديد المشهد عما ستكون عليه غزة في اليوم التالي و من سيتولى ادارة القطاع الذي انعدمت فيه تقريبا أسباب الحياة الا من ارادة و صمود الشعب الفلسطيني الذي رفض و يرفض التهجير القسري رغم كل ما تناوب عليها من ماسي و من جرائم تهتز لها الجبال لتتفاقم على مدى شهرين من التجويع و القهر و اغلاق كل المنافذ أمام المساعدات الغذائية الانسانية لغزة.
تصريح ترامب تلاه تعليق مبعوثه لشؤون الرهائن، آدم بولر الذي اعتبر أن قرار حماس “الإفراج عن أميركي يمثل خطوة إيجابية إلى الأمام” وطالبها بالإفراج عن جثث 4 أميركيين آخرين.الى جانب ذلك يسجل المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، وصوله الى المنطقة بعد أن كانت الانباء تشير الى الغاء هذه المهمة معلنا لعائلات الرهائن المحتجزين في غزة بأنه لا يتفق مع نهج إسرائيل تجاه الحرب في القطاع، و يؤكد أن التوصل إلى وقف إطلاق نار جديد واتفاق لإطلاق سراح الرهائن هو الخطوة الصحيحة التالية..
طبعا سيكون من الغباء الاعتقاد أن هناك قطيعة بين ترامب و ناتنياهو ولكن الارجح أن ه الادارة الامريكية قد تكون أدركت أنه ان الاوان لتغيير بعض قواعد اللعبة بعد أن اتضح أن مسألة القضاء على حماس و اجتثاثها من المشهد ليست واقعية تماما كما هو الحال بالنسبة لمسألة اقتلاع جماعة الحوثي ..
عمليا يستعد الرئيس ترامب الى القيام بجولة خليجية تاتي قبل القمة الامريكية العربية في الرياض و لكن ايضا قبل القمة العربية في العراق و سيكون من المهم وجود حد أدنى يؤشر الى انهاء المحرقة المستمرة في غزة ..
هناك حقيقة لا تريد تل ابيب التركيز عليها و هي أن حكومة ناتنياهو محرجة من هذا الاتفاق الذي مكن من اطلاق سراح الرهينة الامريكي الاسرائيلي علما و ان بقية الرهائن من المجندين الاسرائيليين …
تقول حماس إن المحادثات بين قيادة حماس والولايات المتحدة  و التي تمت في قطر “تهدف للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة وأن المحادثات تركزت على تأمين هدنة تستمر 70 يوما، وقابلة للتمديد إلى 90 يوما..في كل الحالات فان الامرلا يتعلق باتفاق نهائي ولا يحتمل بالتالي أي ضمان بعدم انجرار جيش الاحتلال لاستئناف عملياته في أي حين خاصة وأن ناتنياهو لا يريد نهاية للحرب التي تعني بالتأكيد نهايته و عودة الملاحقات القضائية له في الداخل والخارج على جرائم الفساد التي تلاحقه مع زوجته على فشله الذريع في اعادة الرهائن و لكن أيضا على كل جرائم الحرب و الابادة التي تنتظره أمام الجنائية الدولية و التي لا تسقط بالتقادم ..وقد عادت سلطات الاحتلال لتحذير الدول الاوروبية من أي خطوة للاعتراف بالدولة الفلسطينية و هي تحذيرات تنم عن انزعاج حقيقي من هذه الخطوة التي يمكن أن تستعيد معها أوروبا مصداقيتها و تعيد معها ايضا للقيم الاوروبية التي تصر على رفعها و الدفاع عنها مكانتها و قيمتها المفقودة ..و لاشك ان المؤتمر المرتقب في جوان القادم في نيويورك برعاية فرنسا و السعودية و الذي كان الرئيس الفرنسي أعلنه قبل فترة سيشكل اختبارا مصيريا للدور الاوروبي في المنطقة .. غزة جزء من القضية الفلسطينية التي يسعى الاحتلال بدعم من القوى الكبرى طيها نهائيا و ربما توقع الغرب أن تطوى القضية الفلسطينية كما طويت قضية وملفات السكان الاصليين في أمريكا وكندا  واستراليا والبرازيل فقد تمرد الشعب الفلسطيني على كل هذه المحاولات و تحدى كل حروب الابادة التي خاضها أعزل دون سلاح الا من أسلحة محلية الصنع بين يدي المقاومة لا تقارن بما يمتلكه الجيش الاقوى في المنطقة على كل الدول العربية مجتمعة ..أهل غزة كما بقية شعب فلسطين التي روج الاحتلال أنها ارض بلا شعب لشعب بلا أرض ليكتشف العالم كذب هذه الرواية وهو يتابع و يكتشف خصوصيات و قدرات  و اصرار هذا الشعب على البقاء على الارض التي خبرته و خبر كل حبة تراب فيها فكانت تشبهه في كل شيئ ..سيكون من غير المهنية تحميل تصريحات ترامب أكثر مما تحتمل الواقع وحده وما ستكون عليه غزة مستقبلا ومالات أي هدنة وما اذا سيتجه العالم الى فرض هدنة دائمة واعلان خطة سياسية ترفع الاحتلال عن الشعب الفلسطيني وتمنح الفلسطينيين فرصة اقامة دولتهم بما يستجيب لتضحيات اجيال متعاقبة ولكن أيضا لتطلعات أجيال أخرى لم تعرف طعم الطفولة أوالحياة ..في انتظار ما ستحمله الساعات القادمة وفي انتظار أن يتوقف القصف على رأس الفلسطينيين وفي انتظار أن يتوقف الاحتلال عن ابادة عائلات بأكملها في انتظار كل ذلك نشير الى أن ما أثير عن “القصرالطائر” أوالهدية القطرية الهدية و هي طائرة البوينغ 8-747 جامبو أثمن هدية تتلقاها الحكومة الأميركية على الإطلاق، والتي خصت بها الدوحة الرئيس الامريكي  ليست صناعة قطرية أو تحفة فنية تحفظ في البيت الابيض وكان يمكن أن تدرج ضمن أخبار المنوعات لولا أن الصمت والتواطؤ الامريكي في جرائم الابادة  التي سيسجلها التاريخ وتسجلها الذاكرة الانساني عما شهدته غزة لا يستحق هذا الكرم الذي يتجاوز الكرم الطائي في زمانه ..
 صحفية و كاتبة تونسية