كيف يستفيد نتنياهو من الضغوط الأمريكية!

كيف يستفيد نتنياهو من الضغوط الأمريكية!

 

 

د. فايز أبو شمالة
هل يستطيع الجيش الإسرائيلي الانتصار على أهل غزة، وحسم المعركة مع حشد 60 ألف جندي احتياط؟ يرفض 50% منهم الاستجابة للتجنيد خوفاً وتشككاً، ويرفض 18% من المتدينين المشاركة في حربٍ ليست حربهم، ويأبى 20% من المواطنين العرب، أن يكونوا جزءاً من الجيش الإسرائيلي؟
وهل ينجح الجيش الإسرائيلي بالانتصار على غزة مع 60 ألف جندي احتياط، وهو الذي فشل عن الانتصار مع بداية الحرب بعد حشد 400 ألف جندي احتياط، على مدار 585 من المحرقة على أهل غزة؟
الجواب بالقطع لا، لن ينتصر الجيش الإسرائيلي على أهل غزة، حتى لو اعتمد أبشع وسائل الإرهاب الدولي، الذي لم تختبره دول، ولم تقاسي منه شعوب على وجه الأرض، لن ينتصر الجيش الإسرائيلي مهما حشد من جيوش وقوات وصواريخ ودبابات، فالنصر والهزيمة إرادة شعب يرفض أن يموت، ويرفض أن ينكسر رغم حرب التجويع والترويع، وهذ الذي يشجعني على التغريد خارج السرب، وأخالف الكثير من الكتاب والمحللين السياسيين الذين يزعمون أن نتنياهو قد تفاجأ بالتدخل الأمريكي، وأنه مصدوم من التجاهل الأمريكي لحكومته في صفقة إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأسير في غزة عيدان الكسندر، وأن المفاوضات مع حركة حماس جرت من خلف ظهر الحكومة الإسرائيلية، وأن نتنياهو قد تلقى ضربة قوية من حليفه ترامب، وما يشبه ذلك من أراء وتحليلات تظهر أوجه الخلاف بين الحليفين الاستراتيجيين.
ودون أدنى شكل، فالخلاف موجود بين الأعداء، والاختلاف في الرأي والمواقف موجود بين الأصدقاء، ولا ينكر عاقل وجود تعارض في الرؤى بين موقف الحليفين الأمريكي والإسرائيلي في أكثر من ملف، سواء في اليمن أو إيران أو سوريا، وقد تتعارض مصالح الطرفين وتقديراتهم السياسية، ولكن اللقاء والتنسيق والتعاون والترتيب بين أمريكا وإسرائيل أكبر من القطيعة، وهذا ينطبق على ما جرى بخصوص صفقة إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأسير في قطاع غزة عيدان الكسندر، مقابل إدخال المساعدات الإنسانية لأهل غزة!
والسؤال في شوارع غزة هو: أين هي المساعدات الإنسانية؟
لقد التزمت قيادة حركة حماس بوعدها للوسطاء، وأطلقت سراح الجندي الإسرائيلي مزدوج الجنسية كهدية للرئيس الأمريكي ترامب، على أمل فتح المعابر، وإدخال المساعدات الإنسانية، ولكن المساعدات الإنسانية لم تدخل إلى غزة كما تعهد ووعد الوسطاء القطريون والمصريون والأتراك.
وإذا كان نتنياهو وحكومته خارج اتفاق إطلاق سراح عيدان الكسندر، فمن سيضغط على الحكومة الإسرائيلية كي تفتح المعابر، وتدخل المساعدات الإنسانية، وكل ما قامت به الحكومة الإسرائيلية حتى الآن، هو إرسال وفدها إلى قطر للبدء في مرحلة تفاوض جديدة، قد لا تسفر عن أي تقدم، كما جرى مع عشرات اللقاءات السابقة.
أنا أقول: إن نتنياهو سعيد جداً بالتدخل الأمريكي لإطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأسير في غزة عيدان ألكسندر ونتانياهو سعيد إذا حاول ترامب أن يضغط عليه لإدخال المساعدات، بل وسيكون سعيداً إذا تحقق وقف أطلاق النار بضغط أمريكي، وذلك لأن نتنياهو موقن بعجز جيشه عن تحقيق النصر المطلق الذي وعد به، وسيشكل الضغط الأمريكي فرصة لنتنياهو ليغطي على فشل جيشه في كسب معركة غزة من خلال الادعاء بالضغط الأمريكي، وتجنب غضب ترامب. وترامب يعرف أنه يقدم لنتنياهو وللحكومة الإسرائيلية سلم النجاة، كي ينزلوا عن شجرة التطرف بهدوء، دون فضائح، ودون هزائم، ودون انكسار معنوي زعزع عصب الوجود الإسرائيلي.
مع الضغط الأمريكي، يمكن لنتنياهو أن يقول للمجتمع الدولي، والمجتمع الإسرائيلي: كان جيشنا يتجهز لمعركة مركبات جدعون، وكنا قادرين على تحقيق النصر المطلق على حركة حماس، ولكن التدخل الأمريكي، وضغط ترامب حال بيننا وبين تحقيق أهداف المعركة.
كاتب فلسطيني/ غزة