خميس القطيطي: تأثير الدبلوماسية العمانية

خميس القطيطي
الدبلوماسية العمانية والمبادئ الإنسانية التي ترتكز عليها سلطنة عمان والحاجة الدولية لمثل هذه الأدوار التي لا يمكن توفرها بشكل فجائي بل عن خبرة تراكمية ونهج إنساني حضاري عريق وسمعة دولية موثوقة فيشهد لها الشرق والغرب، وفي الحقيقة هذه العوامل مجتمعة قد لا تتوفر مجتمعة إلا نادرا وقد أثبتت التجارب السياسية الدولية أن سلطنة عمان تحمل رصيد كبير من الثقة الدولية والدبلوماسية المتزنة الهادئة وتمتلك فلسفة سياسية فريدة تستقطب كل القوى الدولية ومختلف الفرقاء لتثبت هذه التجربة العمانية نجاحا منقطع النظير ما شكل قاعدة صلبة وتموضع مكين على الخريطة العالمية .
نعم نحن هنا في سلطنة عمان ذات التاريخ الذي ألقى بظلاله على الحاضر وحضارات عريقة وتراث انساني مادي وثقافي متنوع مازال ماثلا حتى اليوم ونهج قويم لم تلوثه متغيرات الزمان ليقدم نموذجا عمانيا فريدا عرف بمخزونه الاخلاقي والثقافي ونواياه الحسنة تجاه الاشقاء والأصدقاء والانسانية عموما. لا نريد أن نوغل في وصف الذات بقدر ما نعبر عن حقيقة الدبلوماسية الرصينة والقوة الناعمة التي تشكل رافعة كبيرة للدولة العمانية والتي ترتكز على مبادئ انسانية تراكمت منذ قرون وتمسكت بها سلطنة عمان لتنشرها في أرجاء الاقليم والعالم متوخية الخير والسلام والمحبة والاخاء بين الشعوب فعمت إضاءآتها المعمورة، ولا شك أن سلطنة عمان هنا صادقة مع نفسها وصادقة مع الآخرين وهذه هي كلمة السر في النهج السياسي العماني .
نفاجأ أحيانا بعناوين خبرية تبثها الفضائيات الدولية عن جهود دبلوماسية نشطة قادتها السلطنة باطفاء لهيب الحرائق والتوترات في مناطق مختلفة وعندما نحاول تقصي الاخبار نجد أن ما سبق تلك الجهود العمانية كان فتيل أزمة كاد ينفجر وفي لحظة فارقة تحول في سلطنة عمان من أزمة الى منحة ومن تهديد وتصعيد الى اتفاق سلام غنمه الاشقاء والاصدقاء بفعل تلك الحكمة العمانية، وهو ما حدث مؤخرا بين الاشقاء في اليمن والولايات المتحدة على أرض عمان، فكيف لا نفخر بما تقدمه بلدنا للعالم وهي قبلة السلام.
قد نشهد في القريب العاجل اتفاق بين واشنطن وطهران في العاصمة العمانية مسقط نسأل الله أن يتمم تلك الجهود ويتفق الطرفين المتحاورين في محادثات تقودها سلطنة عمان، ففي العاصمة مسقط حيث جرت الجولة الرابعة من المحادثات النووية يوم الاحد 11 مايو وقد كانت تلك الجولة محاطة ببعض التعقيدات ورفع سقف الخطاب السياسي الذي سبق الاجتماع بالنظر الى الفجوة في المطالب بين رفض التخصيب كليا المطروح من قبل الولايات المتحدة وبين الثبات الايراني على حقوقه النووية وعدم المساومة فيما توصلت إليه جمهورية ايران الاسلامية من قدرات، لكن الدبلوماسية العمانية استطاعت احتواء المشهد وإيصال الطرفين الى نقاط متقاربة على أمل أن تستكمل الجولة الخامسة في موعد لاحق .
الاتفاق النووي المأمول سيحقق لايران نجاح كبير بإنهاء العقوبات المفروضة ويحقق أيضا للادارة الامريكية نجاحا يضمن مراقبة الوكالة الدولية للبرنامج النووي الايراني وخفض مستوى التخصيب وتحديد رقم محدد لاجهزة الطرد المركزية لذا تتجه أنظار العالم الى سلطنة عمان وما سوف تسفر عنه المحادثات اللاحقة .
الجهود العمانية جديرة بالتقدير وهي تواصل مسيرتها في نزع فتيل التوترات بالمنطقة حيث تمثل سلطنة عمان كلمة السر في السلام والوفاق والتقريب بين الفرقاء وحاجة المجتمع الدولي للنهج السياسي العماني ونسأل الله أن تكلل تلك الجهود العمانية بالتوفيق والنجاح دائما .
كاتب عُماني
[email protected]