عدنان نصار: الفوضى والتطبيع لا يتوافقان.. هل وصلت “إسرائيل” إلى نهايتها؟

عدنان نصار: الفوضى والتطبيع لا يتوافقان.. هل وصلت “إسرائيل” إلى نهايتها؟

 

عدنان نصار

حتى وقت قريب ، كان العرب يرفضون بشدة الصلح مع العدو الاسرائيلي ، ولم يكن في حساب العرب مطلقا ان “المصالحة” مع المحتل من الامور الممكن حدوثها ، أو حتى توقعها ..،عندها سعى الإحتلال الى سياسة :”تمسكن تا تتمكن” وراح يطالب “بالسلام” ضمن الشروط العربية عندما قررت مصر العربية بقيادة الراحل انور السادات المضي بمسار السلام وما تبع ذلك من إتفاقية كامب ديقيد سنة …وقتها شعر العرب آجمعين بالصدمة .!!
“إسرائيل” التي “تمسكنت حتى تمكنت” إنتابها الإحساس بالنصر عندما أبرمت كامب ديفيد ، وراحت مع عواصم الدعم الكبرى وفي مقدمتها واشنطن الى التفكير بالخطوة التالية ..، الى ان جاءت الاتفاقيات الأخرى بعد عدة سنوات : “اوسلو ،  ووادي عربة” ..ليدخل الإحتلال مرة اخرى بالتفكير بالخطوة التالية بعد ان تمكن من إزاحة “اللاءات الثلاثة” واصبحت  الاتفاقيات الثلاثة ، واقعا سياسيا لا بد وفق وجهة نظر اسرائيل من التعايش مع هذه الاتفاقيات وصنع السلام الذي كان مستحيلا وصار ممكنا .!!
بعد حالة السكون السياس العربي ، وإحساس الإحتلال الاسرائيلي بالنصر ، ذهبت اسرائيل وعواصم غربية الى محاولات إحداث التغيير في مسار العلاقة بين العرب والعدو الصهيوني الذي تحول الى “صديق” وجار  بموجب الإتفاقيات فاشتغلت تلك العواصم على محاولات التطبيع في العلاقات ..فهل نجح إصطلاح التطبيع في بناء علاقة عربية شعبية مع العدو الصهيوني..؟؟ أبدا لم تنجح الفكرة ، ولن تنجح في مفهوم الثقافة العربية الشعبية الرافضة بالمطلق لهذا المسار ..فهو في عرف الثقافة العربية السياسية والإجتماعية عار لا يغسله ماء البحار ، ولم يسجل التاريخ منذ توقيع الاتفاقيات مع العدو الاسرائيلي أي بارقة أمل بنجاح هذا المسعى وظل طي النسيان في الذاكرة العربية وبعيدا عن الوجدان السياسي العربي ، رغم مرور سنوات طويلة على هذه الاتفاقيات ..وهو أمر ليس مستغربا ابدا وضمن دائرة التوقعات حتى عند المبتدئين بالسياسة .
هذا الشعور العربي القومي تعمق أكثر بعد العدوان الهمجي الاسرائيلي على قطاع غزة ومدن الضفة الغربية وما رافق ذلك من إجرام صهيوني دموي بحق أهلنا في فلسطين المحتلة..وتعمقت ثقافة العداء العربي للإحتلال المجرم بعد السابع من أكتوبر قبل الماضي عند جيل عربي من الشباب الذي كان يظن العدو الأرعن انهم قد نسوا القضية الفلسطينية وتعايشوا مع واقع جديد غير ان هذه الظنون تبخرت بعد أن برهن الجيل الشاب أن اسرائيل لن تكون الا ضمن دائرة العدو المحتل.
لا يمكن للعربي ولا لجيناته الذهنية أن ينسى مشاهد الدم في غزة وغيرها من المدن الفلسطينية ، ولا يمكن للتعامل مع العدو الاسرائيلي الا بمقاييس “الدم بالدم” والباديء أظلم ..
العربدة الاسرائيلية في غير جغرافيا عربية في تقديري وصلت الى خط النهاية ، وثمة عودة الى العمق العربي الواعي الذي اجاد الصبر على هذه العربدة ، بما في ذلك الصبر الغربي لعواصم كبرى وفي مقدمتها واشنطن التي ادركت ربما أن العربدة الاسرائيلية ستؤدي الى ضرب مصالحهم بشكل أو بآخر بما في ذلك سلاح المقاطعة لمنتجات دول داعمة لهذه العربدة ..لقد ادرك الرئيس الأمريكي نرمب الذي يجيد الربط بين البزنس والسياسة ،أن لا فائدة من العربدة الاسرائيلية التي يقودها مجرم الحرب بنيامين نتنياهو وعصابته ، واضعا مصلحة أمريكا فوق أي إعتبار ..صحيح أن الدولة الأمريكية العميقة راعية لإسرائيل ولن تتخلى عنها ، لكن التمادي بالتمرد الاسرائيلي قد يخلق تصورات أخرى لم تكن في حسابات واشنطن ..، لذلك إظن أن المسار السياسي الأمريكي الحالي سيكون ربما مختلف وسيضع هذه المتغيرات على جدول أعمال ترمب الذي يزور عواصم : المملكة العربية السعودية ، وقطر ،والإمارات وصفها ترمب بانها تاريخية ..!
وسط أجواء القتل والتدمير في غزة والعربدة الاسرائيلية في سوريا الشقيقة وتدخلها السافر هناك ، وقصفها للبنان واليمن ..كل هذه الإعتبارات في تقديري ستكون محط نقاش في زيارة الرئيس الأمريكي ، وان ثمة تصور “جاد” هذه المرة بإنهاء حالة العدوان الاسرائيلي الهمجي على قطاع غزة ووقف تدخلاتها في دول عربية شقيقة ..أظن أن العربدة الاسرائيلية وصلت خط النهاية ، وواشنطن تدرك ذلك جيدا ..لننتظر الايام المقبلة التي من الممكن أن تحمل مثل هذه الأنباء ..اما التفكير بالتطبيع بعد كل هذا الدم فهو حلم “إبليس في الجنة”.!!

صحفي أردني..