زياد أحمد سلامة: هل يُعتبر القرآن غير مكتمل ويحتاج إلى السنة لاستكماله؟

زياد أحمد سلامة
هل القرآن هو بحاجة لمن يفصِّل مجمله؟
ويقيد مطلقه؟
ويخصص عمومه؟
وينسخ آياته؟
وهل هو أصلاً بحاجة لشرح وتفسير؟ وإن كان كذلك فأين تفسير النبي له….
هذه الأسئلة يثيرها من ينكر السنة بحجة أن القرآن كامل، ومن يشك في كماله فهو كافر مشرك:
كافر بكمال القرآن….
ومشرك بإدخال عناصر آخرى على القرآن الكامل بذاته غير المحتاج لأي مصدر خارجه !!
ــــــــــــــــــــ
تبدو هذه المقدمة (كمال القرآن) مقدمة ذهبية تطيح بكل من يقول بأن للسنة دوراً في التعامل مع القرآن: شرحاً وتفسيراً، بل وتشريعاً….!
نقول:
هذه المقدمة خاطئة من أصلها، وبالتالي فكل ما سيُبنى عليها سيكون خاطئاً
( لأن ما بٌني على خطأ فهو خطأ)
لو كان القرآن كما يفهمون قائماً بذاته فكان يجب أن يتساوى في فهمه كلِّه … كلمة .. كلمة ! .. وآية آية … جميعُ من يقرأه … من عُرْب ومن عَجمِ
ولتساوى فَهْمُ الصحابةِ جميعاً مع فَهْمِ التابعين. ومن ورائهم جميع المفسرين وصولاً إلى أصحاب القراءة المعاصرة..
وهنا نسأل: ولماذا القراءة المعاصرة المغايرة للفهم المعهود للقرآن الكريم أذاً؟!! ولماذا علينا أنْ نقرأه حسب (الواقع) والعصر الذي نعيشه؟
ولماذا يقول لنا (العلاَّمةُ المبجل) محمد شحرور بأن ما قدَّمه من فهم للقرآن الكريم لا يُلزم به أحداً وأنه قابل للتغيير بعد أربعين أو خمسين سنة!! فلماذا الاختلاف في القرآءات ما دام أنه لا يحتاج لأي عامل خارجي في تفسيره؟!!
وما نقوله بأنه تفصيلٌ للمجمل وتقييد للمطلق لا يُعد إضافة للنص القرآني ولا تكملة لنقص فيه ــ معاذ الله ـ ولكن ذلك كلُّه يدور مع النص القرآني وحوله..
ترْكُ النصوص القرآنية دون هذا التفصيل جعلها (مشاعة الفهم) ملتبسة ، فرأينا أدعياء الحداثة يخوضون فيها دون علم، ومثال ذلك: ترك تفصيلات الصلاة وكيفيتها، فليس هناك تفصيل لها في القرآن، ولهذا سمعنا منهم من يقول:
عدد الصلوات المطلوبة ثلاث صلوات
وآخرون قالوا بأنه مجرد ذكر وتسبيح
وبرزت لدينا مصطلحات مستجدة لم يعرفها أحد من قبل: هل الصلاة حركية بقيام وركوع وسجود… أم هي مجرد ذِكْرِ وتأمل (على الطريقة الهندية)!!
ولم يقتصر الأمر على الصلاة… بل صرنا تقرأ ذلك في موضوع الصيام والحج والزكاة وسائر العبادات والأحكام الشرعية!
تصور أن المسلمين اعتادوا الصيام وفق التقويم الهجري في شهر رمضان من كل عام، ليأتي من الحداثيين مَن يقول بأن الصيام المطلوب هو في شهر (أيلول / سبتميبر) حسب التقويم الميلادي!
يكفي لبيان خطأ وخطل هذا القول أنه ولم يقل به أحد من قبل ولم يفهم هذا الفهم، لا من علماء المسلمين ولا من عامتهم!
بل لم تكن المسألة محل نظر أصلاً!
أليس هذا يتطلب مَن يقوم بهذا التوضيح والشرح والتفسير!!!!
ومن يقوم بهذا التوضيح والشرح والتفصيل والتبيين هو النبي صلى الله عليه وسلم المؤيد بالوحي في أمور الدعوة والرسالة والتبليغ؟!
وهذا حجر الأساس في التعامل مع القرآن… إدراك أن السنة (في مجال الدعوة والرسالة والتبليغ) وحي من الله!
وما مهاجمة الإمام الشافعي بحجة أنه اخترع مصطلح (الوحي الثاني) إلا افتراء لضرب مشروعية السنة وحجيتها وكونها وحي وإلهام من الله تعالى!
أما قولهم: وهل القرآن أصلاً بحاجة لشرح وتفسير؟ وإن كان كذلك فأين تفسير النبي له….
الإجابة من شقين: الأول إن بيان المجمل من المفصل، والمقيد من المطلق، وتخصيص العام كل ذلك تفسير جاءت به السنة النبوية ووضحته.
والثاني: ما خلا ذلك من آيات فلا يحتاج لتفسير لمجتمع الصحابة الذين كانوا يعرفون اللغة العربية صرفاً ونحواً وبلاغة، وإذا كان الصحابة يدركون ذلك بالفطرة اللغوية، فإن الأجيال التالية أدركت ذلك بالعلم والتعلم!
لقد تعقبنا كل الآيات التي أوهمنا دعاة القراءة المعاصرة بأنها تحصر الأخذ من القرآن وحده، وتهدد من يأخذ بالسنة بالويل والثبور وفظائع الأمور، (وكأن القرآن لم يتنزل إلا ليأمرنا بترك السنة والتحذير منها!!) ودرسناها آية آية، وأدركنا كم كان أولئك متجنين على كتاب الله وسنة نبيه والإسلام والمسلمين، وسجلنا ذلك في كتاب سميناه (هل القرآن ناقص!…. وهل هو بحاجة للسُّنة لتكْمِله؟!… رد على تقولات أصحاب القراءة المعاصرة) وهو كتاب ما يزال مخطوطاً، نأمل من الله تسهيل نشره قريباً. نقول ذلك ليعرفوا أن كل مقولاتهم هي قبض ريح أمام البحث العلمي.