إسماعيل أحمد ديوب: رفع العقوبات عن سوريا: فهمه، طرقه، وتأثيراته الاقتصادية والسياسية

اسماعيل أحمد ديوب
على مدى سنوات عديدة، فرض المجتمع الدولي عقوبات اقتصادية وسياسية على سوريا، استهدفت مؤسسات حكومية وخاصة، وشخصيات مرتبطة بالنظام السوري السابق. جاءت هذه الإجراءات العقابية في سياق محاولات عزل الدولة السورية دولياً، كرد فعل على الأوضاع الداخلية المتأزمة، خاصة المتعلقة بانتـ.ـهاكات حقوق الإنسان، التي عصفت بالبلاد.
ومن هذا المنطلق، تعتبر مسألة رفع العقوبات عن سوريا من القضايا الحيوية التي تؤثر بشكل مباشر على مستقبل سوريا الاقتصادي والسياسي والاجتماعي.
ماذا يعني رفع العقوبات عن سوريا؟
تشير خطوة رفع العقوبات إلى إلغاء أو تخفيف القيود التي فرضتها دول ومؤسسات دولية على الاقتصاد السوري والمؤسسات التابعة له،
و تشمل هذه العقوبات غالباً حظر التعامل المالي والتجاري مع جهات معينة، منع استيراد وتصدير سلع وخدمات، وتجميد أصول وتقييد تحركات شخصيات سياسية واقتصادية.
رفع هذه العقوبات يعني السماح لسوريا بالاندماج تدريجياً في النظام الاقتصادي الدولي، ما يتيح لها استعادة قدرتها على التبادل التجاري والمالي مع بقية دول العالم.
ماذا يعني رفع العقوبات عملياً؟
استعادة النشاط الاقتصادي:
يسمح رفع العقوبات للبنك المركزي السوري والمؤسسات المالية بالانخراط في النظام المالي الدولي، مما يسهل حركة الأموال والتحويلات المالية ويشجع على جذب الاستثمارات الأجنبية، هذا الأمر يسهم في إعادة تنشيط الاقتصاد الذي تضرر بشدة جراء سنوات الصـ.ـراع والعزلة الدولية.
عودة قطاع الطاقة للعمل:
يُمكن رفع العقوبات سوريا من استيراد المعدات والقطع اللازمة لصيانة قطاع النفط والغاز، والذي يُعد من القطاعات الحيوية في البلاد، كذلك يسمح للبلاد بتشغيل شركات الطاقة الوطنية والخاصة، وتصدير الفائض من الإنتاج، مما يعزز موارد الدولة ويُسهم في تحقيق الاستقرار الاقتصادي.
زيادة الاستثمارات والمساعدات الدولية:
يفتح رفع العقوبات الباب أمام المزيد من الاستثمارات الأجنبية والمنح والمساعدات المالية التي تقدمها منظمات دولية ودول صديقة. هذه الموارد تعتبر ضرورية للمساعدة في إعادة إعمار البنية التحتية المتضررة ودعم القطاعات الاجتماعية والاقتصادية المختلفة.
تحسين العلاقات الدولية:
يشترط رفع العقوبات في العادة أن تلتزم الحكومة السورية الجديدة بعدة شروط سياسية وأمنية، مثل وقف العنـ.ـف، الابتعاد عن تأثيرات إقليمية مثيرة للجدل ، العمل على تشكيل حكومة شاملة تضم كل الأطياف السياسية، وتحقيق استقرار الأمن الداخلي. هذه التحركات تعزز فرص سوريا في إعادة بناء علاقاتها مع معظم الدول، سواء على الصعيد الإقليمي أو الدولي.
مسار رفع العقوبات:
لا يتم رفع العقوبات دفعة واحدة، بل يُنفذ بشكل تدريجي ومنظم تبعاً لتقييم التطورات السياسية والأمنية في سوريا، في البداية قد يتم تعليق جزئي لبعض العقوبات، ثم يتبع ذلك رفع تدريجي وشامل يتوقف على الوفاء بالشروط السياسية المتفق عليها.
عملية رفع العقوبات قد تستغرق سنوات ، كما هو الحال في تجارب دول أخرى مثل السودان والعراق، حيث استلزمت تحقيق تقدم ملموس في الإصلاحات الداخلية والسياسية.
الأثر المتوقع من رفع العقوبات:
يرتقب أن يكون لرفع العقوبات أثر إيجابي واسع على مختلف جوانب الحياة في سوريا، ومن أهم هذه الآثار:
تعزيز التبادل التجاري:
ستتمكن سوريا من توسيع علاقاتها التجارية مع دول العالم، مما ينعكس إيجاباً على توفر السلع والخدمات بأسعار معقولة وجودة أفضل.
تحسين القدرة على الاستيراد والتصدير: يتيح رفع العقوبات لسوريا استيراد ما تحتاج إليه من مواد خام ومعدات، وتصدير منتجاتها إلى الخارج، الأمر الذي يسهم في زيادة الإيرادات وتقليل تأثير نقص الموارد.
دعم جهود إعادة الإعمار:
مع تحسن الوضع الاقتصادي وتأمين الموارد المالية، يصبح من الممكن للمؤسسات الحكومية والخاصة البدء بعملية إعادة بناء البنية التحتية المتضررة، وتحسين جودة الحياة للمواطنين.
استقرار الوضع السياسي والأمني:
التعافي الاقتصادي مع الالتزام بالشروط الدولية يساعد في تحقيق الاستقرار السياسي، الأمر الذي يعزز فرص السلام والتنمية المستدامة.
خاتمة
إن رفع العقوبات عن سوريا يمثل خطوة حاسمة في طريق تسوية الأزمة التي تعانيها البلاد منذ سنوات. فهو ليس مجرد تخفيف للقيود الاقتصادية فحسب، بل يحمل معه دلالات سياسية وأمنية تعكس توجه سوريا نحو تحقيق الاستقرار والشراكة مع المجتمع الدولي. ومن شأن ذلك أن يفتح آفاقاً جديدة للنمو الاقتصادي والاجتماعي، ويساعد في إعادة بناء الدولة ومؤسساتها لخدمة المواطن وتحسين معيشته. ومع ذلك، يبقى نجاح هذه الخطوة مرتبطاً بالالتزام الجاد من قبل القيادة السورية بالشروط السياسية والأمنية المطلوبة، والتي تعد أساساً لعودة سوريا إلى حضن المجتمع الدولي بشكل كامل ومستدام.
كاتب سوري