إبراهيم عبدالله صرصور: مضى 8 سنوات على وفاة الشيخ عبدالله نمر درويش، مؤسس الحركة الإسلامية في فلسطين الداخل.

إبراهيم عبدالله صرصور: مضى 8 سنوات على وفاة الشيخ عبدالله نمر درويش، مؤسس الحركة الإسلامية في فلسطين الداخل.

 

إبراهيم عبدالله صرصور

(1)
فلسطين بما تجسده من ماضي وحاضر ومستقبل ستظل اللغزَ المُحَيِّر.. أما الداخل الفلسطيني فلا يزال الرقم الصعب في كل المعادلة.. وما زالت الحركة الإسلامية في داخل هذا اللغز كله الرقم الأكثر عصيانا على الفهم.. لا لسبب إلا لأن قصة أهله الفلسطينيين ستظل لمسة من لمسات القدر الرباني..
أن يظل فلسطينيون داخل إسرائيل بعد النكبة ضد كل التوقعات والحسابات الصهيونية والدولية، لا يمكن إلا أن يكون جزءا من قَدَرٍ إلهي سيساهم بشكل حاسم في صياغة الصورة النهائية لهذه المنطقة من العالم، شاء من شاء وأبى من أبى..
أن تنهض هذه الأقلية الفلسطينية القومية بكل أطيافها الدينية والوطنية والقومية من تحت الركام، وأن تنبعث في ربوعها (حركة إسلامية) تصبح خلال عقود قصيرة، مُكَوِّنا أصيلا من مُكَوِّنات شعبنا القابض على الجمر، تقتحم الصعاب دفاعا عن وجوده وهويته وحقوقه، مستلهمةً من تاريخِ أمَّةٍ ملأت فضاء العالم لقرون طويلة عدلا وقسطا وحضارة وسياسة وثقافة ومدنية، بعدما مُلأ ظلما وجورا وتخلفا ومرضا وانحطاطا من جهة، ولتصبح محطّاً لاهتمام كل الدوائر السرية والعلنية في الداخل والخارج، يرقبون حركتها ويُحصون أنفاسها، لا لأنها تحمل السلاح، فهي سلمية خالصة، ولكن لأنها تحمل فكرا ثوريا لا يرضى بالضيم، ولا يُقِرُّ بالدَّنِيَّة لا في الدين ولا في الوطن ولا في الكرامة والحرية، ولا يساوم على ثوابت، ولا يفرط في الحق الأصيل الخالد من الجهة الأخرى، فهي تجلٍّ جميل لقدر الله الغالب..
(2)
أن يختار الله سبحانه الشيخ عبدالله نمر درويش ليكون أول شاب من الداخل الفلسطيني يتلقى تعليمة الشرعي في واحدة من المعاهد الشرعية المرموقة في مدينة نابلس بعد نحو سنتين فقط من كارثة حرب العام 1967، ليؤسس بعد تخرجه في العام1971 حركة إسلامية في قلب الصحراء الإسرائيلية، فيجتمع من حوله شباب أحسوا لأول مرة بعد اللقاء به بطعم جديد للحياة، واكتشفوا فيه سِرًّا لم يستطيعوا تحديد ماهيته، طولِه أو عرضِه.. كان إحساسا فقط، نجحوا في كشف ماهيته عندما كبروا معه على درب الحركة الإسلامية المباركة..
اكتشف هؤلاء الشباب فيه طيبتَه العميقة، وروحَه الوثابة التي حملت حُلُمًا لم يكن هدفُه تحقيقَ مكاسبَ لشخصهِ مهما كانت، ولا ميدانا لكسب الشهرة والمكانة وإنما كانت كلُّها مسخرةً لدينِهِ وشعبِهِ وأمَّتِه..
لم تُضِفْ هذه الطيبةُ لحكمتِه وحسنِ تدبيره وعميقِ رؤيته الإصلاحية إلا وهجا وألقا جعلت من الدعوة التي أسسها وأقام بنيانها، روضة فتحتْ أبوابَها لكلِّ الأرواحِ الباحثةِ عن الحقيقةِ والخلاصِ من أوحالِ الدنيا، والمشتاقةِ إلى السعادةِ الدنيوية والأخروية، وإلى كل النفوس التي تاقت الى فكر له جذوره وتجربته ومساهمته في صياغة هوية الأمة التي حولها خلال عقود قصيرة من راعية للغنم الى قائدة للأمم حجزت لها مكانها الرفيع تحت شمس العالمين، وإلى كل الأجيال التي خاب املها في كل الأيديولوجيات والقيادات التي قادت الامة الى المزيد من الهزائم والانحطاط والدكتاتورية والاستبداد والانهيار السياسي والقيمي…
 سُقِيَتْ أجيالُ وأجيال في روضة هذه الدعوة الإسلامية الغناء التي أدار دفتها باقتدار، كأسا من الحكمة والعلم والتهذيب والتأهيل، كان مزاجها زنجبيلا، كعينِ ماءٍ تجري سلسبيلا.. يطوف في فروعِها المنتشرةِ في طول البلاد وعرضها أخوةٌ وأخواتٌ إذا نظرتَ إليهم حسبتَهُمْ من إخلاصهم وجِدِّهم وهِمَّتِهِمْ وتفانيهم في خدمة دينهم، وفنائهم في حب دعوتهم، لؤلؤا منثورا، ندعو الله سبحانه أن يجزيهم بما صبروا مع قائد سفينتهم (جَنَّةً وَحَرِيرًا، مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا، وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا) …
(3)
كان الشيخ عبدالله نمر درويش – رحمه الله – يملك قلبا وعقلا وإخلاصا آمن من حوله بأنه لن يُنبتَ إلا أعمالا كبيرة. امتلك رؤيةً واضحةً لواقعِ شعبنا وأمتنا، كما امتلك قدرة فذة لتحديد أولوياته وأهدافه القريبة والمتوسطة والبعيدة.. لكنه فوق ذلك امتلك الرغبة الجامحة والقوة النفسية العارمة، لتغيير هذا الواقع والسمو به وصياغته بما يتوافق مع مقاصد الإسلام العظيم.
كان (حالما) يسبق الآخرين في قراءة الحاضر ورصد المستقبل.. يرى ما لا يراه غيره.. تحرّر عقله وقلبه من القيود التي تحجب دائما عقول الصغار من أن يروا الحقائق المجردة.. لأنه ببساطة لا يبحث عن نفسه في هذه المعادلة.. إنه من طراز العلماء المجددين، والقادة العاملين الذين أداروا ظهورهم للدنيا، فلم يروا أمامهم إلا امَّتَهُمْ، ولم يفكرّوا إلا في مستقبل أجيالهم..
انتقده البعض لا لجناية اقترفها أو جريمة ارتكبها.. كل ذنبه أنه سمح لنفسه أن يطلق بصرَه وبصيرَته لترى أبعد مما يرى غيره، أو ينظرَ في عمق المستقبل ليرسم خارطة الحاضر.. لكنه في هذا ليس وحيدا على منصة الوجود، فكل عظماء التاريخ كانوا كذلك، رأوا فيهم منتقدوهم مجرد مغردين خارج السرب، حتى دارت الأيام دورتها وأثبتت صحة ما ذهبوا إليه..
حقق للدعوة الكثير، لأنه رفع القواعد من بنيان الحركة الإسلامية ومعه أبناؤه وبناته المخلصون، وألسنتُهم تلهج بدعاء أبيهم إبراهيم عليه السلام: (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا، إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)..
استجاب الله لدعائه ودعاء المخلصين ممن معه، وما تزال الحركة الإسلامية (تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا)، لأنها ببساطة قبسٌ من الكلمة الطيبة الزكية التي مَنَّ الله بها على العرب وعلى الإنسانية حين بعث فيهم أكرم نبي أرسل، وشَرَّفَهم بأعظم كتابٍ أنزل..
لم يَدَّعِ يوما أنه معصوم أو أنه لا يُخْطِئ.. ففي رسالة بعث بها إلى كاتب هذه السطور من السجن بتاريخ 1.12.1981 قال: (وطنت نفسي – والحمد لله – منذ عرفت ربي وسلكت طريق الحق على تحمل الصعاب مهما اشتدت، ولن تهزني أحكامهم مهما كانت. وتأكد يا أخي، وليتأكد جميع الاخوة، أن الشيء الوحيد الذي خطر ببالي وأنا أسمع الحكم من فم يتلظى حقدا وغيظا هي المدة التي دعوت فيها الى الله، وإذا بي أجدها ثمان سنوات من سنة 1972 وحتى 1980 حيث تم اعتقالي وغيابي عن الساحة.. ثمان حِجج من العمل المتواصل. ولا تخلو هذه السنين من الأخطاء والمعاصي فجاء الحكم ثمان سنوات (5 فعلي و3 مع وقف التنفيذ)، لعل الله يجعل في كل سنة من سنوات الحكم تكفيرا عن أخطاء ومعاصي تلك السنة من العمل في الحقل الإسلامي (ذلك هو الأمل في الله)، واذا تحقق هذا الأمل بكرم الله وفضله فهو والله البشر، وهو لب السعادة بالنسبة لي).. انتهى..
دافع عن مواقفه دفاع الأبطال في تواضع وجمال وجلال يليقان بقائد صنع تاريخا في منطقة ظن الكثيرون أن أهلها أصبحوا نسيا منسيا، لا (تُحِسُّ مِنْهُم مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا).. قَلَبَ الطاولةَ في وجه الفرية التاريخية، وإذا باللون الأخضر وكلمة الله هي العليا في قلب الكيان الإسرائيلي، وإذا بالحركة التي أسسها واحدة من أقوى مكونات شعبنا الفلسطيني في الداخل، تحظى بالاحترام والتقدير، وتتبوأ مقعدها في مقدمة المشهد ترنو ببصرها نحو مستقبل يعز فيه الإسلام والوطن والشعب..

(4)
قبل ثمانية أعوام وبالتحديد بتاريخ 14.5.2017، رحل عنا الشيخ عبدالله الى غير رجعة.. رحل الى الله سبحانه الذي عمل طوال حياته خادما لدينه ودعوته منذ كان في العشرينات من عمره..  أسس الحركة الإسلامية في إسرائيل، وزرع نبتة الصحوة الإسلامية في تربة ظَنَّ الكثيرون انها احترقت بنار الصهيونية، وَنَشَرَ ثقافة التنوير الإسلامي في مجتمع عربي فلسطيني اعتقدت الكثرة العربية خارج الحدود أنه أصبح نسيا منسيا بلا طموح ولا آمال ولا أحلام..  فَجَّر نهضة الصحوة الربانية في ربوع الأرض التي بارك الله فيها، وسَبَّحَ في قلب الحوت الاسرائيلي، فنجاه الله من الغم، “وكذلك ننجي المؤمنين”..
كان الأب الروحي لكل من عرفه، حَوَّلَ صحراء النكبة والنكسة إلى واحة أمل، نقل اليها أجيالا كادت ان تضيعَ وتُسْحَقَ بين مطرقة الأسرَلة وفقدان الهوية وسندان التهجير..
عاش كل مآسي شعبه الفلسطيني من نكبات ونكسات متلاحقة ، ومن احتلال وقهر وتمييز وعنصرية،  كما عاش كل مآسي الحياة.. من إعاقة (أصيب بشلل وهو ابن ثمانية شهور، فشفاه الله إلا من شلل ظل ملازما ليده)، الى سجن (اعتقل بداية العام 1981، وانهى محكوميته في العام 1983)، إلى وحدة، إلى نكران، إلى تعب ، ولكن إلى إنجاز سيذكره  الناس والتاريخ أبد الدهر ..
كان أول سفير للأقلية القومية العربية الفلسطينية داخل الخط الأخضر، لدراسة العلم الشرعي في احدى المعاهد المتخصصة في مدينة نابلس بالضفة الغربية المحتلة ، وذلك في العام 1969 .
تربى على أيدي خيرة قيادات العمل الإسلامي في فلسطين، فحمل عنهم تراثا من العمل الإصلاحي الرصين الذي امتد عميقا زمانا ومكانا..
عرف أن مجتمعه بحاجة إليه فلبى النداء …. قائد غرس شجرة الصحوة الإسلامية في أرض ظن العالم حينها أن الإسلام فيها غاب ولن يعود ، وأن شعبا عاش على ثراها قرونا طويلة اختفى ولن يُبْعَثَ من جديد ..
كان وحيدا يحاول أن ينشر فكره بين أهله وأقاربه وشعبه فبادر ووصل ونجح … أسس الحركة الاسلامية في الداخل الفلسطيني – 1948 مع بداية السبعينات من القرن الماضي (1971)، وتنقل في طول البلاد وعرضها يحمل هَمَّ الشعب والدعوة، فجمع حوله الشباب والرجال والنساء ليحملوا راية الدين متسلحين بعقيدتهم الإسلامي، متمسكين بشرعهم، متحصنين بثقافتهم وحضارتهم العربية الإسلامية العريقة..
أوصل في فترة قصيرة فكره الإسلامي ودعوته الى كل شبر من وطنه حتى بلغت ارجاء البلاد … رجلٌ غَيَّرَ وجه التاريخ المعاصر للفلسطينيين داخل الخط الأخضر (إسرائيل)، حيث نقله من أحضان فكر جَرَّ على الأمة الويلات، إلى الإسلام الذي جعل الأمة ملء سمع بصر الدنيا لأربعة عشر قرنا.. حقق اللُّحْمَةَ بعد انقطاع، بين الجماهير العربية الفلسطينية في الداخل دينها وحضارتها العريقة من جديد…
أعطى كل ما يملك من أجل دعوته فأعطته حبا وإخلاصا وعطاءً.. لم يبحث في يوم من الأيام عن منصب أو جاه، قاد الحملات الانتخابية المحلية والبرلمانية. يحقق الانتصار ثم يعود الى بيته لينام قرير العين يراقب ” تلاميذه ” عن قرب، يرشدهم ويعلمهم ويعطيهم بالرغم من تعبه الشديد بسبب المرض.
تَخّرَّجَ من تحت يديه ومن رياض مدرسته الدعوية أجيالٌ رائدةٌ التحقت بالحركة الإسلامية غَضَّةً طريةً من طلاب الابتدائي والثانوي ، أصبح  الكثير منها قادةً في مجتمعاتهم، والآلاف من الكوادر التي انخرطت في بناء مجتمعها الفلسطيني، فأبدعت ونالت اعجاب شعبا وأمتها…
تحدى السلطات فسجنته ، ولكنه انتصر على سَجَّاِنه فخرج أقوى مما كان، يحمل عزيمة أمضى وإصرارا أقوى  وثقة أكبر وأملا أعمق، ورؤيةً أوضح وأوثق.
خاض المعارك والنضالات الوطنية بأنواعها، وتبوأ مقاعد للنزال والكفاح في كل وقت وحين وظرف، وتصدر منصاتها، وتصدى لكل المتطاولين من كل ملة ونحلة، وخرج  منها جميعا ويده العليا في كل وقت..
شهد المشاهد مُناظرا ومُحاورا ومُحاضرا وخطيبا ومُدَرِّسا وواعظا وكاتبا وشاعرا ، فترك على صفحات كل تلك المَشاهد بصمةً مباركة وأثرا طيبا ، اجتذب مزيدا من المريدين والكوادر والمحبين والمؤيدين من العاملين بتفانٍ في خدمة دينهم ووطنهم وشعبهم ومقدساتهم .
جعل من القدس الشريف والأقصى المبارك القبلة الدعوية لكوادر الحركة الإسلامية ومؤيديها وأنصارها، فربط بها القلوب، فتحركت النفوسُ المؤمنةُ في خدمتها، والأيادي المتوضئةُ في رعايته، وَسُخِّرَتْ الطاقاتُ كلُّها لحمايتها.. رَبَّى بين ربوعه، وعلى ثراها الطاهر، وفي طرقها وحاراتها وحواريه، الأبطال الذين استلهموا من عبقها وتاريخها المحفور على صفحة كل حجر وعمود وقبة وسبيل وقوس وبوابة ومنبر ومحراب ومئذنة، كل معاني العزة والكرامة والإباء والمجد..
لم يَهَبْ يوما نزال الإسرائيليين في كل محفل.. اقتحم عليهم قلاعهم الإعلامية والصحفية والأكاديمية والسياسية، فناقشهم وحاورهم وأقام الحجة عليهم بكل شموخ المؤمن وكبرياء الواثق.. لم يتردد يوما في قبول دعوة لمحاضرة، او ندوة لحوار، او لقاءٍ لمناظرة، فكان في جميعها الفارس الذي لا يُبارى، والمُنازل الذي لا يُجارى.
خدم فلسطين قضية ووطنا وشعبا ومقدسات.. وصل الليل بالنهار لتوحيد الصفوف، وتصفية الأجواء، وحل الصراعات بين الفصائل والتنظيمات، ونزع فتيل الكثير من الأزمات التي كادت تَهُدُّ القضية وتهدم الخيمة.. أحبته كل الفصائل، كما أحبه كل العلماء والقادة.. تشهد بصولاته وجولاته غزةُ هاش، وجنينُ ونابلس ورام الله والخليل وبيت لحم، كما تشهد له عمان والقاهرة..
الأول في تاريخ الحركات وربما الأحزاب العربية والإسلامية، الذي سَنَّ سنة حسنة يوم أعلن اعتزاله مواقع القيادة وهو في قمة العطاء، ليسمح بذلك لدماء جديدة حتى تجري في عروق العمل الدعوي، فكان قراره بركة على الحركة الإسلامية، ومثالا يُحتذى، وصفحة ناصعة ومشرقة جديدة تُضاف إلى سِجِلِّهِ الناصع عطاءً وفداءً وتضحيةً في سبيل الله ورفع شأن الإسلام والأمة..
كالثكلى الفاقدة حمل هَمَّ الانشقاق الذي وقع في صفوف الحركة الإسلامية عام 1996، وما تَرَتَّبَ عليه من نتائج كارثية انتهت بحظر جناح الشيخ رائد صلاح، فمضى يعمل بجد وإخلاص رغم ظروفه الصحية القاسية، على إصلاح الوضع مع أبنائه قادة الحركة، لإعادة اللحمة وتجاوز آثار الفتنة، حماية لها من غوائل الزمان ومكائد الخبثاء اللئام، وما أكثرهم في هذا العصر والأوان.
صنع مجدا لشعب في منطقة كادت أن تُنسى، فضمن لها مكانا تحت الشم، وجعلها شوكة في حلوق المعتدين، وكابوسا أقضَّ مضاجع المحتلين والغاصبين.. انها فلسطين الثمانية والأربعين.. إسرائيل، وما أدراك ما إسرائيل، عنصرية وتمييزا وقهرا، ولكن إلى حين..
أسس لتاريخ كان هو بذاته أحد معاصريه، وواحدا من أبرز صانعيه، فساهم وبجدارة في ترك بصمات ظاهرة وواضحة حددت مصير أجيال، ورسمت خطة سير وطن وشعب.
ما ادعى يوما أنه نبيٌّ معصومٌ أو ملكٌ مُقَرَّب.. أقر دائما بضعفه، ردد دائما: رحم الله رجلا أهدي إلي عيوبي.. لطالما سارع إلى الرجوع إلى الحق بعدما شخصت صورته، ورجع عن الخطأ إن اتضحت معالمه وثبت بطلانه..
قائد قد يُخْتَلَفُ معه، إلا ان أحدا لن يختلف عليه..  انه مؤسس الحركة الاسلامية في الداخل الفلسطيني 1948 ورئيسها الأول، فضيلة الشيخ عبد الله النمر درويش – رحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جنانه مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين..

– الرئيس السابق للحركة الإسلامية