لماذا لم يُضف ترامب اسم “الشاب الجذّاب” الشرع إلى قوائم الإرهاب ولماذا ألغى العقوبات على سورية؟ تحليل حول تحول المواقف من كلينتون إلى ترامب: كيف اختلفت أجواء اللقاء بين “الرئيس والانتقالي”؟ وما هي الخطط التي سيتبعها الجولاني للتخلص من “المقاتلين الأجانب”؟

عمان- “رأي اليوم”- خالد الجيوسي:
انفرجت أسارير أنصار الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، وذلك على وقع المشهد القادم من العربية السعودية، حيث جلس الشرع في حضرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، كما أعلن الأخير رفع العقوبات عن سورية، وهو اللقاء الأوّل من نوعه بين رئيس أميركي وسوري (انتقالي) مُنذ 25 عامًا.
مشهد الأفراح التي عمّت الشوارع السورية كان حاضرًا، ومرصودًا، وجرى فيه رفع العلمين السوري، والسعودي، احتفالًا برفع العقوبات، وامتنانًا للسعودية لدورها المُفترض في رفع العقوبات عن سورية الجديدة.
ولأنّ في سورية يخضع كُل شيء للمُقارنة بين النظام السابق، والجديد، اندفع بعض السوريين لعقد مقارنة بين مشهد استقبال الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد لنظيره الأمريكي الأسبق بيل كلينتون في قصر الشعب، وفشله في إقناع الأسد الأب بالسلام، وبين مشهد بدا وكأنه استدعاء للشرع على هامش زيارة ترامب للسعودية وفي لقاء دام نصف ساعة فقط، إضافة إلى قبول الشرع بالتطبيع وفقًا لما قال ترامب إن الشرع أجاب بنعم عندما سُئل عن الانضمام إلى اتفاقيات إبراهيم في نهاية المطاف، ما يعني انتقال سورية من محور المقاومة، إلى محور المُصافحة رسميًّا.
الإعلام السوري المحلّي الجديد سلّط الأضواء من جهته على “مديح” ترامب للشرع، وتحديدًا تلك التي وصفه فيها بـ”الرائع”، و”شاب جذاب وقوي البنية” و”له ماضٍ قوي”، وهي توصيفات قُدّمت على أنها اعتراف شرعي بالشرع رئيسًا لسورية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية.
ومع ذلك تُطرح تساؤلات، حول لماذا لم يرفع ترامب اسم الشرع أو الجولاني من قوائم الإرهاب، واكتفى بإعلان رفع العقوبات عن سورية، والتي هي الأخرى لها تفصيلات معينة.
وحتى وقت قريب، كانت الولايات المتحدة ترصد مكافأة قدرها 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض على الشرع حيث كان يُعرف سابقًا باسمه الحركي أبو محمد الجولاني، وقد أُدرج على قائمة الولايات المتحدة للإرهابيين العالميين المُصنفين خصيصًا عام 2013 لقيادته فرع تنظيم القاعدة في سوريا. لكنه انشق عن التنظيم عام 2016، وفقًا للمركز الأمريكي للتحليلات البحرية.
ويستطيع الرئيس الأمريكي أن يرفع العقوبات التي صدرت عنه (كما فعل)، وهناك العقوبات التي تحتاج إلى الكونغرس الأمريكي، وأبرزها قوانين أصدرها الكونغرس، مثل قانون قيصر والغاءها أكثر تعقيدًا، لأنه لا يمكن للرئيس الأمريكي وحده إلغاءها، ويجب على الإدارة الأمريكية أن تثبت للكونغرس أن سوريا حققت الشروط الموجود في القانون نفسه لإلغاءها”.
ووصف الانتقالي أحمد الشرع من جهته قرار رفع العقوبات الأمريكية عن بلاده بأنه قرار “تاريخي وشجاع يمهد لرفع المعاناة عن السوريين”.
وفي ظل مخاوف التقسيم، والاقتتال الداخلي، قال الشرع سوريا “لن تكون بعد اليوم ساحة لتقاسم النفوذ”، موضحاً: “لن نسمح بتقسيم سوريا، ولن نفسح المجال لإحياء سرديات النظام السابق فسوريا لكل السوريين”.
ومثّلت العقوبات التي فُرضت على سوريا خلال العقود الماضية أحد أبرز التحدّيات أمام الحكومة السورية السابقة، والجديدة بقيادة الشرع بعد إسقاط النظام السابق، خاصة من حيث إعاقة عجلة الاقتصاد ومنع تدفق الاستثمارات.
وكالة “رويترز” أشارت إلى أن مسؤولين أميركيين قولهم إن إعلان الرئيس دونالد ترامب رفع جميع العقوبات عن سوريا فاجأ بعض الأعضاء في إدارته، ونقلت الوكالة عن 4 مصادر رسمية أميركية مطلعة قولها إن كبار المسؤولين في الخارجية والخزانة سارعوا إلى النظر في كيفية إلغاء العقوبات.
ووفقًا للمصادر التي استندت إليها الوكالة، فإن مسؤولين في وزارتي الخارجية والخزانة يحاولون فهم كيفية إلغاء عقوبات يعود بعضها إلى عقود.
تعود بعضها للعام 1979، حين أُدرجت سوريا على قائمة الدول الراعية للإرهاب لأول مرة عام 1979، ومنذ ذلك الحين أُضيفت مجموعات أخرى من العقوبات، بما في ذلك عدة عقوبات أُضيفت بعد “الثورة” التي اندلعت عام 2011 ضد نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد.
وتبدو مُعضلة التخلّص من المُقاتلين الأجانب الذين أسندوا الشرع “في ثورته” ماثلة أمام السوريين، جرّاء تدخّلهم بالعباد والبلاد، وتجنّب اصطدام الشرع بهم، حيث وفي بيان للبيت الأبيض بشأن اللقاء قال إن ترامب طلب من سوريا الالتزام بعدة شروط مقابل تخفيف العقوبات، بما في ذلك توجيه الأمر لجميع “الإرهابيين” الأجانب بمغادرة البلاد، وترحيل ما وصفهم بـ”الإرهابيين الفلسطينيين” ومساعدة الولايات المتحدة على منع عودة تنظيم الدولة الإسلامية.
وفي تصريحات سابقة كان أكد الشرع، أن المقاتلين الأجانب الذين ساهموا في الإطاحة بنظام الأسد “يستحقّون المكافأة”.
تجدر الإشارة إلى أن جبهة النصرة أو تحرير الشام، التي تحكم سورية اليوم واحدة من هذه التنظيمات التي يريد ترامب من الشرع مُحاربتها، أو طردها، أو منع عودتها، فهل ستُحارب حكومة الشرع نفسها، يسأل سائل!