نزار حسين راشد: “أنباءٌ ودموع” نثر إبداعي

نزار حسين راشد
حين يحتدم الأوار،في لحظات المواجهة التاريخية الحاسمة و حين يصبح الخيار حياة أو موتاً ولا ثالث لهما،يتساوى الحبر بالدم انتصاراً وتحدياً ومعركة ورصاصة وسيفاً،ويصبح الوقوف على الحياد جريمة لا يغفرها الحبر ولا الدم،فكلاهما يستصرخ صاحبه بأعلى الصوت أن أسل حبرك أو أرق دمك وأعلن موقفك فالصمت اليوم هزيمة وجريمة فليسل الحبر كما الدم حاراً صارخاً متلهباً لا مستكينا خانعا ولا باحثا عن مخرج للسلامة بل متطلعا للنصر ودافعا حروفه إلى معمعة الثورة وملتحفا بقتار المعركة.
ولا تعود هناك قيمة للحبر الجاف الساعي للتسويات والمقدم للتنازلات فكلها ستحترق في أتون المعركة، هذه لحظات تهز العروش وتزلزل الكيانات وتسقط الأُزر والعباءات المسبلات وتطيح بالعُقُل المقصبات وتعري كل ملتحف بالملاءات الملونات.
فإما أن تُكرم العروبة أو تهان فنحن الآن وقوف على حافة الزمان فإما أن نظهر أو نتردى في هاوية النسيان.فأسل حبرك ضراما يشحن القلوب ويلهب الصفحات واقذفها وقوداً يؤجج هذا الضرام، ابعث حيّاً عنترة وأبا تمام واجعل الحرف رديفاً للحسام، ولنصنع التاريخ على هذه النار ولنرق الحبر حنيفاً وآيات محكمات، لا مُطبّعاً متذرعاً بمسميات نقضتها صحف ابراهيم وعرّى زيفها القرآن الكريم.