صفقات مليارية ورفع العقوبات عن سوريا وزيادة الضغوط على غزة.. ملخص جولة ترامب

إبراهيم الخازن / الأناضول
أسفرت جولة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب قادته إلى السعودية وقطر والإمارات، عن تعهدات استثمارية ضخمة تصل إلى قرابة 4 تريليونات دولار، وقرار برفع عقوبات بلاده عن سوريا وعقد أول لقاء مع رئيسها الجديد أحمد الشرع.
والثلاثاء، بدأ ترامب أول جولة خليجية بولايته الثانية التي بدأت في 20 يناير/ كانون الثاني الماضي، واستهلها بالسعودية ثم زار قطر والإمارات التي اختتم زيارته إليها اليوم الجمعة، مقدرا حصيلة جولته الخليجية بما يراوح بين 3.5 و4 تريليونات دولار.
وبينما كانت الأوساط العربية والفلسطينية تترقب وقفا جديدا لإطلاق النار في قطاع غزة بجهود أمريكية، صعّدت إسرائيل هجماتها بصورة لافتة وقتلت خلال جولة ترامب التي استمرت 4 أيام نحو 360 فلسطينيا مقارنة بـ98 شهيدا في الأيام الأربعة السابقة لها، بحسب رصد الأناضول لبيانات وزارة الصحة بغزة.
وخلافا للتوقعات بأن تنعكس جولة ترامب في المنطقة إيجابا على غزة، صعدت إسرائيل هجماتها مستهدفة عدة مستشفيات ومدارس ومراكز إيواء في القطاع، فأوقعت مئات القتلى والجرحى الفلسطينيين.
وقبل الجولة، ترددت ادعاءات ثبت زيفها في وسائل الإعلام العبرية بشأن تخفيف حدة حرب الإبادة الجماعية خلال جولة ترامب مع احتمالية للتوصل إلى اتفاق لوقف النار عقب إطلاق حماس سراح الأسير الإسرائيلي الأمريكي عيدان ألكسندر في بادرة حسن نية.
واستنادا إلى وكالات أنباء رسمية في الدول الخليجية الثلاث وبيانات البيت الأبيض، رصد مراسل الأناضول حصيلة الاتفاقات والمواقف التي سيعود بها ترامب إلى بلاده على النحو الآتي:
** المحطة الأولى: السعودية
واستهل الرئيس الأمريكي جولته الخليجية بالسعودية، التي وصلها الثلاثاء، في أول زيارة له خلال ولايته الثانية، والثانية إلى الرياض بعد 8 سنوات من زيارته الأولى عام 2017.
وعقب قمة ثنائية جمعته بولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وقع الجانبان “وثيقة الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية”، إلى جانب 12 اتفاقية ثنائية في مجالات متعددة.
ووفق وكالة الأنباء السعودية الرسمية، شملت الاتفاقيات مجالات الطاقة والتعدين، وتطوير القدرات الدفاعية السعودية، بما في ذلك الذخيرة والتدريب وخدمات الصيانة والتحديث والتأهيل، إلى جانب تعزيز التعليم العسكري في أنظمة القوات البرية والجوية لوزارة الحرس الوطني.
كما أُعلن توقيع مذكرة تفاهم بين وزارة الداخلية السعودية ومكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي “إف بي آي”، ومذكرة نوايا بين وزارتي الدفاع لتطوير القدرات الصحية العسكرية.
وشملت التفاهمات أيضاً التعاون القضائي بين وزارتي العدل، واتفاقية تنفيذية بين وكالة الفضاء السعودية ووكالة ناسا الأمريكية للتعاون في مشروع “كيوب سات” لمراقبة الطقس الفضائي.
وفي إطار التعاون الاقتصادي، وقّع الطرفان اتفاقية لتبادل المساعدة الجمركية، إلى جانب بروتوكول لتعديل اتفاقية النقل الجوي، ومذكرات تعاون في مجالات البحوث الطبية البيئية ومكافحة الأمراض المعدية.
وخلال كلمته في منتدى الاستثمار السعودي ـ الأمريكي، أعلن ولي العهد محمد بن سلمان توقيع اتفاقيات بأكثر من 300 مليار دولار، مشيرا إلى فرص تعاون مع الولايات المتحدة تصل إلى 600 مليار دولار خلال الفترة المقبلة.
** قرار بشأن سوريا
في قرار “تاريخي ومفاجئ”، أعلن الرئيس ترامب خلال كلمة بمنتدى الاستثمار السعودي ـ الأمريكي، أنه سيأمر برفع العقوبات عن سوريا لمنحهم “فرصة للنمو والتطور”، ما لاقى ترحيبا وتصفيقا كبيرا من الحضور.
ولفت ترامب إلى أنه اتخذ هذا القرار بعد مناقشته مع ولي العهد السعودي، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وسط ترحيب سوري وعربي واسع.
وفي الرياض، التقى ترامب الرئيس السوري أحمد الشرع لأول مرة، بحضور ولي العهد السعودي، وبمشاركة الرئيس التركي عن بعد، في خطوة تعكس السعي التركي السعودي لنيل اعتراف دولي بحكومة دمشق.
** المحطة الثانية: قطر
والأربعاء، بدأ ترامب زيارة قطر قادما من السعودية، وهي ثاني زيارة يجريها رئيس أمريكي إلى دولة قطر بعد زيارة الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش في 2003، بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء القطرية.
وبحسب بيان للبيت الأبيض، فإن ترامب عقد خلال الزيارة صفقات اقتصادية تجاوز مجموعها 243.5 مليار دولار بين الولايات المتحدة وقطر، بما في ذلك “صفقة تاريخية” لبيع طائرات بوينغ ومحركات جنرال إلكتريك للطيران إلى الخطوط الجوية القطرية.
وذكر البيان أن ترامب وقع اتفاقية مع قطر تُسهم في تعزيز التبادل الاقتصادي بينهما بقيمة لا تقل عن 1.2 تريليون دولار.
ومن قاعدة “العديد” الجوية الأمريكية في قطر، أعلن ترامب أن بلاده أبرمت اتفاقا مع الدوحة لبيع معدات عسكرية بـ42 مليار دولار، تشمل أنظمة دفاع جوي متقدمة وطائرات دعم قتالي ومسيّرات.
ولفت إلى أن الاتفاق يشمل بيع قطر نظام الدفاع الجوي الصاروخي “ثاد”، وطائرات “بيغاسوس” للتزود بالوقود جوا، بالإضافة إلى مسيرات (MQ-9B سكاي غارديان)، مشيرا إلى أن الحكومة القطرية ستستثمر 10 مليارات دولار إضافية لتوسيع القاعدة الأمريكية في العديد.
وقدر حصاد جولاته بما يصل إلى قرابة 4 تريليونات دولار، وقال خلال اجتماع مع رجال أعمال في الدوحة الخميس: “هذه جولة قياسية، لم يسبق أن جمعت جولة ما بين 3.5 و4 تريليونات دولار خلال هذه الأيام الأربعة أو الخمسة فقط”.
** المحطة الثالثة: الإمارات
ووصل الرئيس ترامب، الخميس، إلى الإمارات محطته الأخيرة في جولته الشرق الأوسطية، وهي أول زيارة لرئيس أمريكي من 17 عاما للبلد الخليجي، بعد أخرى للرئيس الأسبق جورج بوش الابن في 2008.
ووقع مع نظيره الإماراتي محمد بن زايد، اتفاقيات في مجالات مختلفة، بينها الدفاع والأمن والذكاء الاصطناعي والتجارة. كما منح الرئيس الإماراتي ترامب وسام الشيخ زايد.
وشهد الرئيسان إطلاق المرحلة الأولى من مجمع الذكاء الاصطناعي بسعة 5 جيجاوات في أبوظبي الذي يعد الأكبر من نوعه خارج الولايات المتحدة.
كما أكدت شركة الاتحاد للطيران الإماراتية، طلب شراء 28 طائرة بوينغ عريضة البدن (أمريكية)، متوقعة أن تنضم هذه الطائرات إلى الأسطول اعتبارًا من عام 2028، لتدعم خطط النمو في مجال النقل والكفاءة التشغيلية.
وعن حجم صفقات الزيارة، قال البيت الأبيض، في بيان، إن ترامب أبرم صفقات جديدة مع الإمارات بقيمة تصل إلى 200 مليار دولار.
كما أعلن الرئيس الإماراتي في جلسة مباحثات مع ترامب أن بلاده تخطط لضخ استثمارات اقتصادية مع الولايات المتحدة بقيمة 1.4 تريليون دولار خلال السنوات الـ10 المقبلة.
وخلال وجوده بالإمارات، زار الرئيس الأمريكي مسجد الشيخ زايد وكذلك بيت العائلة الإبراهيمية في أبوظبي الذي يضم كنيسة وكنيسا يهوديا ومسجدا.
** غزة حاضرة
وخلال جولته، أكد ترامب أن الشعب الفلسطيني في غزة “يستحق مستقبلا أفضل”، ودفع بفريق التفاوض الأمريكي للضغط على حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإبداء مرونة أكبر في التفاوض مع حماس لإنهاء الحرب وتبادل الأسرى وإدخال المساعدات إلى قطاع غزة.
وكبادرة حسن نية، أفرجت حركة حماس عن الجندي الإسرائيلي الذي يحمل الجنسية الأمريكية الأسير عيدان ألكسندر، بعد اتصالات مع إدارة واشنطن، في إطار الجهود التي يبذلها الوسطاء لوقف إطلاق النار، وفتح المعابر، وإدخال المساعدات والإغاثة لقطاع غزة.
وبعد ما تردد في وسائل الإعلام العبرية بشأن تخفيف حدة حرب الإبادة الجماعية خلال جولة ترامب الخليجية، صعدت إسرائيل حربها تزامنا مع الزيارة، وقتلت خلال جولة ترامب للمنطقة نحو 360 فلسطينيا مقارنة بـ98 شهيدا في الأيام الأربعة السابقة لها، بحسب رصد الأناضول لبيانات وزارة الصحة بغزة.
من الإمارات التي اختتم بها ترامب جولته، أكد الرئيس الأمريكي الجمعة، وجود مجاعة في قطاع غزة قائلا إن “كثيرا من الناس هناك يتضورون جوعا”، وتعهد بأن تولي بلاده اهتماما خاصا لهذا الوضع الإنساني.
بحصاد الزيارة غير المسبوق، ترسّخ واشنطن علاقاتها الاقتصادية والعسكرية مع أبرز شركائها الخليجيين، مؤكدة موقعها حليفا استراتيجيا رئيسيا في المنطقة.
وتأتي الاتفاقيات المتنوعة لتعكس عمق المصالح المشتركة بين الجانبين، بدءا بالتعاون الدفاعي والتقني، مرورا بالاستثمارات الضخمة في قطاعات الطاقة والبنية التحتية والتكنولوجيا، وصولا إلى الشراكات في مجالات الفضاء والأمن السيبراني. كما تُعزّز هذه الخطوات الحضور الأمريكي في الخليج وسط بيئة إقليمية متغيرة.