ترامب يتعهد بمستقبل “أكثر إشراقًا” لغزة في حين تقتل إسرائيل 378 فلسطينيًا.

غزة / الأناضول
كثّفت إسرائيل خلال الأيام الأربعة الماضية وتيرة الإبادة الجماعية في قطاع غزة وارتكبت عشرات المجازر المروعة، وذلك بالتزامن مع جولة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في المنطقة والتي وعد خلالها فلسطينيي غزة بـ”مستقبل أفضل وإنهاء الجوع”.
وخلال جولة ترامب التي استمرت ثلاثة أيام وغادر من الإمارات في يومها الرابع، قتل الجيش الإسرائيلي أكثر من 378 فلسطينياً، في حصيلة تعادل نحو أربعة أضعاف عدد الضحايا خلال الأيام الأربعة السابقة للجولة، والتي بلغت قرابة 100 شهيد، وفق رصد مراسل الأناضول لبيانات وزارة الصحة بغزة.
وجاءت هذه القفزة الدموية عقب تصديق المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية “الكابينت” على توسيع عمليات الإبادة في القطاع، وتفعيل خطة عسكرية جديدة تحت اسم “عربات جدعون”، تتضمن حشد مزيد من قوات الاحتياط.
وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، جرائم إبادة جماعية في غزة خلّفت نحو 173 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.
واستهل الرئيس ترامب أول جولة له بالشرق الأوسط في ولايته الثانية بزيارة السعودية الثلاثاء، ثم قطر، ووصل الخميس إلى الإمارات التي غادرها الجمعة عائدا إلى الولايات المتحدة.
ومنذ بدء الجولة، كثف الجيش الإسرائيلي ضرباته على مناطق سكنية ومرافق مدنية، بينها مستشفيان رئيسيان هما ناصر وغزة الأوروبي، وعيادة ومصلى التوبة في جباليا، ما أسفر عن قتلى وجرحى.
وفي أول أيام الجولة الثلاثاء، وجَّه الجيش إنذارات بإخلاء سبع مناطق شمال قطاع غزة، بينها أحياء مكتظة مثل جباليا، تل الزعتر، الشيخ زايد، والسلام، أعقبه قصف مباشر أوقع قتلى وجرحى، بينهم أطفال ونساء.
كما شهد اليوم ذاته قصفا استهدف مستشفيي “ناصر” و”غزة الأوروبي”، إضافة إلى منازل وخيام تؤوي نازحين، ما أدى إلى استشهاد نحو 48 شخصا.
وفي اليوم الثاني الأربعاء، قتلت إسرائيل نحو 118 فلسطينيا جراء قصف استهدف منازل وتجمعات لمواطنين وخيام نازحين، وأنذرت بإخلاء أماكن سكنية، بينها 4 مدارس تؤوي نازحين ومشفى الشفاء بمدينة غزة.
أما باليوم الثالث لجولة ترامب الخميس، فقد قتلت إسرائيل نحو 119 فلسطينيا جراء غارات طالت منازل وخياما لنازحين، إضافة إلى عيادة طبية ومصلى في مناطق متفرقة من القطاع المحاصر.
ومع ساعات فجر الجمعة، وهو اليوم الذي اختتم فيه ترامب جولته دون زيارة إسرائيل، ارتكبت الأخيرة مجازر مروعة شمال قطاع غزة، وقتلت نحو 93 فلسطينياً وأصابت 200 آخرين في حصيلة أولية لوزارة الصحة بغزة حتى الساعة 11:30 (تغ).
حيث قصف الجيش الإسرائيلي 11 منزلا مأهولا شمال قطاع غزة، واستهدف مسعفين خلال محاولتهم إنقاذ جرحى وانتشال شهداء الغارات العنيفة الأخيرة، وفق الدفاع المدني الفلسطيني.
كما استهدف الجيش فلسطينيين خلال محاولتهم الهرب والبحث عن مكان آمن جراء القصف الذي وصف بأنه من أصعب الأيام منذ بدء حرب الإبادة على القطاع.
من جهة ثانية، شهدت مناطق جنوب قطاع غزة، وتحديدا مدينة خان يونس ومحيطها، تصعيدًا عسكريًا إسرائيليًا عنيفًا، شمل قصفًا مدفعيًا وغارات جوية، أسفرت مقتل وإصابة عدد من الفلسطينيين.
وتحاصر إسرائيل غزة منذ 18 عاما، وبات نحو 1.5 مليون فلسطيني من أصل حوالي 2.4 مليون بالقطاع، بلا مأوى بعد أن دمرت حرب الإبادة مساكنهم، ويعاني القطاع المجاعة؛ جراء إغلاق تل أبيب المعابر بوجه المساعدات الإنسانية.
** “مستقبل أفضل”!
وبينما تحدث ترامب في السعودية الثلاثاء عن “مستقبل أفضل” يستحقه الفلسطينيون في غزة، وإقراره بوجود مجاعة في القطاع مدعياً أن بلاده تولي اهتماماً خاصاً لهذا الوضع الإنساني، وسّعت إسرائيل نطاق القصف والإبادة والقتل، في مشهد أعاد للفلسطينيين المراحل الأولى للإبادة.
وهو ما اعتُبر فلسطينيا “رسالة ميدانية مباشرة” من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لإفشال أي مسار لتهدئة أو ضغوط دبلوماسية لوقف إطلاق النار.
والأربعاء، قالت حركة حماس: “في الوقت الذي يسعى فيه الوسطاء للوصول إلى وقفٍ لإطلاق النار وإنجاز صفقة تبادل، يُسارع الإرهابي نتنياهو، المسكون بنزعة الانتقام، إلى تصعيد العدوان والمجازر بحقّ المدنيين الأبرياء”.
وشددت على أن هذا يمثل “مسعى لتقويض هذه الجهود، خدمة لأجندته السياسية”.
ومرارا، أكدت حماس استعدادها لبدء مفاوضات شاملة، لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين “دفعة واحدة”، مقابل إنهاء الإبادة وانسحاب الجيش الإسرائيلي والإفراج عن أسرى فلسطينيين.
لكن نتنياهو، المطلوب للعدالة الدولية، يتهرب بطرح شروط جديدة، أحدثها نزع سلاح حماس، وهو ما ترفضه الحركة طالما استمر احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية.
وتقول المعارضة وأهالي الأسرى إن نتنياهو مستمر في حرب الإبادة بغزة رضوخا للجناح اليميني الأكثر تطرفا في حكومته، لتحقيق مصالحه السياسية الخاصة، ولاسيما البقاء في الحكم.
** غطاء للإبادة
مدير المكتب الإعلامي الحكومي بغزة إسماعيل الثوابتة، لفت في تصريح للأناضول، إلى أن “تزامن الارتفاع الكبير في أعداد الشهداء الذين قتلهم الاحتلال في غزة مع زيارة ترامب”.
واعتبر الثوابتة، أن “هذا التزامن يؤكد مجددا أن هذه الزيارات ليست إلا غطاءً سياسيًا، وإشارة ضمنية لمزيد من التصعيد والعدوان والإبادة”.
وأضاف: “في الوقت الذي يطلق فيه ترامب تصريحات دعائية زائفة عن مستقبل أفضل للفلسطينيين، ترتكب آلة الحرب الإسرائيلية، بقيادة حكومة الاحتلال، مجازر مروّعة بحق المدنيين”.
الثوابتة، أردف أن “آلة الحرب توسّع نطاق الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ضد أبناء شعبنا، ما يكشف زيف هذه التصريحات ويفضح التواطؤ الأمريكي في تمكين العدوان سياسيا وعسكريا”.
وتابع: “تصريحات ترامب، التي تُسوّق لمستقبل أفضل، تفقد كل معنى ومصداقية في ظل استمرار المجازر واستهداف العائلات وتدمير البنية التحتية وقتل الأطفال والنساء”.
ورأى أنها “محاولات مكشوفة لتجميل وجه الاحتلال وتضليل الرأي العام”.
ومنذ عقود تحتل إسرائيل أراضي في فلسطين وسوريا ولبنان، وترفض الانسحاب منها وقيام دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود ما قبل حرب 1967.