الأمن القومي في الكيان: الشيخ سيواجه تحديات بسبب تعيينه الإسرائيلي، والكيان مطالب بإصلاح حركة (فتح) التي تعتبر العلاقات مع الاحتلال ضرورة حيوية. الشيخ و(فتح) سيساهمون في دعم نتنياهو في إدارة النزاع دون الوصول إلى حل سياسي.

الناصرة – “رأي اليوم” – من زهير أندراوس:
تزامنًا مع زيارة الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب إلى الرياض، قام حسين الشيخ، النائب المعين حديثًا نائبًا لرئيس منظمة التحرير الفلسطينيّة بقيادة محمود عباس، بأول زيارةٍ دبلوماسيّةٍ له إلى السعودية الأسبوع الذي سبق زيارة ترامب للرياض، وفق ما أفاد به مسؤولٌ عربيٌّ ومسؤولٌ فلسطينيٌّ لصحيفة (تايمز أوف إسرائيل).
والتقى مبعوث الرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف في الرياض، مع أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير حسين الشيخ، وناقشا العلاقات بين الولايات المتحدة والسلطة الفلسطينيّة وخطط الإدارة الجديدة السياسيّة في الشرق الأوسط. وكان هذا أول لقاء بين مسؤولٍ كبيرٍ في إدارة ترامب ومسؤولٍ فلسطينيٍّ منذ الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني (نوفمبر) من العام الماضي.
ورأت المصادر أنّ اختيار الشيخ للسعودية يعكس إدراكه للدور المحوريّ الذي يمكن أنْ تلعبه الرياض في جهود السلطة الفلسطينيّة للعودة إلى الواجهة على الساحة الدولية، التي طغت عليها حماس عقب هجوم أكتوبر 2023.
وتابعت المصادر عينها إنّه في لقاءاته المرتقبة مع كبار المسؤولين السعوديين، بمن فيهم وليّ العهد محمد بن سلمان، خطط الشيخ لمناقشة سبل تعزيز العلاقات السعوديّة-الفلسطينيّة، إلى جانب التحضيرات لزيارة ترامب إلى المنطقة، بحسب ما قاله المسؤولان.
وتُعتبر هذه الزيارة لحظة مفصلية يأمل ترامب من خلالها الإعلان عن اختراقاتٍ في جهود التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن في غزة، وهو شرط أساسي لاتفاق تطبيع بين السعودية وإسرائيل يسعى ترامب إلى الوساطة فيه، إلى جانب اتفاقٍ جديدٍ مع إيران للحدّ من برنامجها النوويّ.
وقد سارعت السعودية إلى الترحيب بتعيين الشيخ كنائبٍ لعبّاس وهو منصب جديد أنشأه الأخير تحت ضغطٍ دوليٍّ متزايد عليه، وهو في الـ 89 لتمهيد الطريق أمام خليفةٍ محتملٍ.
ومع ذلك، سيُواجِه الشيخ معركة شاقة للوصول إلى القمة، إذ أنّ منظمة التحرير تمثل الفلسطينيين على مستوى العالم، لكنّها ليست مطابقة تمامًا للسلطة الفلسطينيّة التي تدير أجزاءً من الضفة الغربية وتسيطر على قوات الأمن هناك.
كما أنّ الشيخ ليس شخصيّةَ شعبيّةّ في الشارع الفلسطينيّ، لكنه يأمل أنْ يتغير ذلك مع تعيينه، الذي يمنحه أفضلية على خلفاء محتملين آخرين داخل المنظمة، وبدعمٍ من جهاتٍ دوليّةٍ فاعلةٍ مثل السعودية.
ويحتفظ الشيخ بعلاقاتٍ مع مسؤولين أمنيين وسياسيين إسرائيليين بارزين، بناها أثناء توليه منصب وزير الشؤون المدنيّة في السلطة، الأمر الذي يعزز مكانته لدى واشنطن. كما أنّه أرفع مسؤول فلسطيني التقى مسؤولًا كبيرًا في إدارة ترامب، إذ التقى عدة مرات بالمبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف.
وفي الوقت الذي يحاول فيه نتنياهو منع السلطة من تعزيز وجودها في غزة، فهو يسعى أيضًا إلى الحصول على دعم السعودية ودولٍ عربيّةٍ أخرى في إدارة القطاع بعد الحرب، وقد اشترطت هذه الدول تقديم الدعم بمنح السلطة دورًا في تلك المرحلة.
علاوة على ذلك، يتمتع ولي العهد السعوديّ محمد بن سلمان بنفوذٍ كبيرٍ في واشنطن بفضل الاستثمارات الضخمة التي تعهد بها لتعزيز الاقتصاد الأمريكيّ، ممّا قد يمنحه ورقة ضغطٍ أكبرٍ من نتنياهو في التأثير على مواقف ترامب في السياسة الخارجيّة، على ما نقل موقع (تايمز أوف إسرائيل) عن مصادر أمريكيّةٍ وإسرائيليّةٍ وصفها بالمطلعة جدًا.
إلى ذلك، قالت دراسة صادرة عن معهد دراسات الأمن القوميّ الإسرائيليّ، التابع لجامعة تل أبيب، إنّه من السابق لأوانه التأكيد على أنّ انتخاب الشيخ نائبًا لعبّاس في منظمة التحرير يدُلّ على أنّه بات الخليفة الطبيعيّ لعبّاس، الذي يقترب من التسعين عامًا، ولكن تعيينه يضعه في موقعٍ متقدّمٍ على الآخرين.
وشدّدّت الدراسة، التي أعدّها المُستشرِق الكبير يوحنان تسوريف، على أنّ العديد من قيادات حركة فتح لا يرون بالشيخ مرشحًا منسبًا لخلافة عبّاس وقيادة الشعب الفلسطينيّ، لذا فإنّ عدم إجراء انتخاباتٍ داخل (فتح) قد تخلق الفوضى ولن تكون بأيّ حالٍ من الأحوال كابحةً للفوضى.
ولفتت دراسة المعهد، الذي يديره الجنرال بالاحتياط تمير هَيْمان، القائد السابق لشعبة الاستخبارات العسكريّة (أمان)، لفتت إلى أنّ الشيخ يعتمِد على الدعم السعوديّ والعربيّ والدوليّ، ولكن النظر إليه على أنّه تعيينًا إسرائيليًا بسبب علاقاته الوطيدة مع الكيان ستؤدّي إلى تراجعٍ كبيرٍ في شرعيته وتأييد تنصيبه وملاءمته ليكون قائدًا للشعب الفلسطينيّ.
وخلُصت الدراسة إلى القول إنّه يتحتّم على إسرائيل تشجيع الوحدة داخل حركة (فتح)، وإجراء انتخابات داخليّةٍ في مؤسساتها، لكي تكون (فتح) القائدة المؤيّدة للاتفاقيات مع إسرائيل، وهذا الأمر هو مصلحة إسرائيليّة ضروريّة أيضًا لحكومة بنيامين نتنياهو، التي تقوم بإدارة النزاع ممتنعةً عن التوصّل لأيّ اتفاقٍ من أجل المصالحة مع الفلسطينيين، ولذا يتعيَّن على إسرائيل تطوير العلاقة مع حسين الشيخ وقادة فتح، الذين يرون بالعلاقات مع الاحتلال ضرورةً وجوديةً، ومحاولةً توطيد وتوثيق العلاقات مع القيادة لأنّ في ذلك مصلحة للإسرائيليين، طبقًا للدراسة.