السلطة لويتكوف: مستعّدون لمحاربة (حماس) للسيطرة على القطاع.. رغم اعتباره القدس عاصمةً أبديّةً للكيان وطرح ضمّ الضفّة واقتراحه بتهجير الغزيين.. عبّاس وسلطته يستجدون ترامب لإعادة العلاقة الـ “المقطوعة” لأجل الفُتات

الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:
على الرغم من الضربات التي تلقّتها سلطة رام الله بقيادة محمود عبّاس (89 عامًا) من الرئيس الأمريكيّ، دونالد ترامب، في ولايته الأولى، والتي تُوجَّت بنقل سفارة واشنطن إلى القدس المُحتلّة، والاعتراف بالجولان العربيّ السوريّ منطقةً إسرائيليّة، على الرغم من ذلك ما زالت هذه السلطة بقادتها وأركانها يُحاولون التقرّب من الإدارة الجديدة، لا بلْ أكثر من ذلك، يتبيّن أنّ التقرّب وصل حدّ الاستجداء، الذي حتى هذه اللحظة لم يثمر عن أيّ شيءٍ يُذكر.
وكان عضو المجلس التنفيذيّ لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني، قال في مقابلة مع صحيفة (تايمز أوف إسرائيل)، إنّ السلطة الفلسطينيّة بقيادة عباس ستقطع العلاقات مع واشنطن إذا تقدم الرئيس دونالد ترامب بمقترحه للسيطرة على قطاع غزة ونقل جميع سكانه.
وقال مجدلاني إنّ تنفيذ اقتراح ترامب من شأنه أنْ يرقى إلى طرد سكان غزة البالغ عددهم 2 مليون نسمة، وبالتالي يشكل تهديدًا وجوديًا للقضية الفلسطينية.
وأوضح مجدلاني أنّ رام الله مستعدة للعمل مع ترامب إذا تخلى عن الفكرة، مُشيرًا إلى تعليقات كبار مساعدي الرئيس الأمريكيّ الذين خففوا من حدة الاقتراح واقترحوا أنّهم سيكونون منفتحين على التخلي عنه إذا توصل الحلفاء العرب إلى خطةٍ بديلةٍ لإدارة غزة بعد الحرب التي أزاحت حماس عن السلطة.
وقال مجدلاني: “لقد استمعنا إلى مستشاري ترامب الذين قالوا صراحةً إنّ هذا مجرد اقتراح وليس خطة عمل إلزامية”.
وكان عضو المجلس الوطني لحركة “فتح” تيسير نصر الله، أكّد مؤخرًا أنّ لقاء المبعوث الأمريكيّ ستيف ويتكوف ومسئول السلطة الفلسطينيّة حسين الشيخ في الرياض، يُعد بمثابة بداية لكسر حالة الجمود بين الولايات المتحدة وسلطة رام الله التي استمرت لأعوام.
وأبلغت السلطة الفلسطينية الولايات المتحدة أنها مستعدة “للاشتباك” مع حماس إذا كان هذا هو الثمن المطلوب لتولي السلطة في قطاع غزة، وذلك خلال عرض قدمته لمبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للشرق الأوسط، بحسب ما كشف عنه موقع (ميدل إيست آي).
وقال مصدر فلسطيني لموقع (ميدل إيست آي) إنه تم تقديم الخطة لستيف ويتكوف خلال اجتماع في الرياض من قبل حسين الشيخ، الذي تمّ ترشيحه كخليفة محتمل لعباس.
وقالت الصحيفة، إنّ السلطة الفلسطينية قطعت تدريجيًا العلاقات مع واشنطن خلال فترة ولاية ترامب الأولى، عندما اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل واقترح خطة سلام تصور ضمّ إسرائيل لجميع مستوطناتها، بينما عرض على الفلسطينيين سيادة محدودة فقط على أراضي الضفة الغربية شبه المتجاورة التي ستبقى.
وأعاد عباس العلاقات مع ترامب، وأرسل له رسالة يتمنى له فيها التوفيق بعد أنْ نجا المرشح الرئاسي الجمهوري آنذاك من محاولة اغتياله في الصيف الماضي. بعد أيام من إعادة انتخاب ترامب، أجرى الاثنان ما وصفه المحاورون بأنه مكالمة “دافئة” – وهي الأولى منذ عام 2017، تعهد خلالها الرئيس المنتخب بإنهاء الحرب في غزة.
إلى ذلك، وتحت غطاء التنسيق الأمني، وعلى مدار عقود سابقة، طوَّرت سلطة رام الله أداءها الأمني لتصبح شريكًا أساسيًا في خدمة الاحتلال الإسرائيلي. ففي إطار هذا التنسيق الذي بدأ بموجب اتفاقات أوسلو، أصبحت سلطة رام الله جزءًا من سياسة الاحتلال لحماية مصالحه الأمنيّة، على حساب القضايا الوطنيّة الفلسطينيّة.
ورأت الباحثة الفلسطينيّة سمية قاسم أنّ هذا التعاون تجسّد في ملاحقة المقاومين، وتفكيك خلايا المقاومة، وهو ما أدى إلى تراجع دور السلطة كطرفٍ وطنيٍّ يمثل إرادة الشعب الفلسطينيّ، ليصبح المنفذ الميداني لجيش الاحتلال ما أدى إلى إضعاف شرعية السلطة في نظر أغلبية الفلسطينيين، الذين يرون في هذه السياسات خيانة لتضحيات الشعب الفلسطيني، إذ أصبحت السلطة بمثابة ذراع أمنية للاحتلال بدلًا من أنْ تكون قوة مناضلة لتحقيق تحرير فلسطين.
علاوة على ذلك، تشترك سلطة رام الله مع الاحتلال الإسرائيلي في هدف القضاء على المقاومة الفلسطينية، حيث تعمل أجهزة الأمن التابعة لها على ملاحقة عناصر المقاومة والناشطين الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، واعتقالهم وتعذيبهم، بتعاون وتنسيق مع الاحتلال الإسرائيلي، هذا التعاون الأمني للحد من تأثير فصائل المقاومة، لا سيما حركتي حماس والجهاد الإسلامي، من خلال منع عناصر الفصيلين ومعهم الناشطين من مقاومة الاحتلال ومنع تنفيذ عمليات ضد الاحتلال. وتمثل هذه السياسات تناقضًا مع طموحات الشعب الفلسطيني الذي يهدف إلى تحرير أرضه من الاحتلال الإسرائيليّ.
بالإضافة إلى ما ذُكِر أعلاه، تستمر أجهزة سلطة رام الله في الضفة الغربية بتنفيذ حملات أمنية ضد المقاومة، حيث تلاحق المقاومين وتقوم بمصادرة الأسلحة وتفكيك العبوات الناسفة والكمائن المعدة لصدّ الاحتلال بهدف تقليص قدرة المقاومة على التصدي لاقتحامات الاحتلال المتواصلة للمدن والقرى الفلسطينية، مما يعكس سياسة التنسيق الأمني بين سلطة رام الله والاحتلال والتي تهدف الى ضرب المقاومة وإنهائها.
وفي سياق العملية العسكرية التي شنّها الاحتلال على مدينة جنين ومخيمها، والقرى المتاخمة لها، تبين أنّ سلطة رام الله كانت قد اتخذت إجراءات حصار مشددة على المدينة والمخيم قبل بدء الهجوم الإسرائيلي. حيث قامت الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة بإغلاق الطرق والمداخل الرئيسية لجنين، وشنت عملية عسكرية واسعة استهدفت كتيبة جنين بشكل مباشر، قبل أنْ تنسحب، بغطاء “اتفاق مصالحة مفخخ”، كان بمثابة التمهيد لبدء العدوان الإسرائيلي ضد مخيم جنين والمقاومة الفلسطينية فيه، حيث شهد المخيم خلال الأشهر السابقة تصاعد عمليات المقاومة ضد جنود الاحتلال دعمًا لغزة ومعركة (طوفان الأقصى).
وتهدف سلطة رام الله من التعاون مع الاحتلال الإسرائيلي ضدّ شعبها في الحفاظ على بقائها السياسيّ والاقتصاديّ تحت ضغوطات الاحتلال. فالسلطة من خلال التنسيق الأمنيّ والتعاون مع قوات الاحتلال، تحاول أنْ تقدم أوراق اعتماد للاحتلال الإسرائيليّ والإدارة الأمريكيّة الجديدة، والمجتمع الدوليّ لتأمين الدعم الماليّ والسياسيّ والاقتصاديّ لها، ما يوفر لها فرصة للعودة الى غزة.
وترى السلطة في وجود المقاومة تهديدًا مباشرًا لوجودها، وتعتبر التنسيق مع الاحتلال وسيلة لضمان استمرارها الذليل الخانع في الضفة لتوفير الأمن لجيش الاحتلال وقطعان المستوطنين، من أجل حفنة من الشواكل.