بيانات من القمة العربية في العراق

بيانات من القمة العربية في العراق

 

 

الدكتور هاني الحديثي

بين مادح وقادح لطبيعة الحضور العربي في مؤتمر القمة مسألتين لابد من التأكيد عليها : استخدام بعض قادة الفصائل أسلوب التهديد والوعيد بحق بعض المدعوين من رؤساء الدول وخاصة اتجاه الرئيس السوري أحمد الشرع وبأسلوب استفزازي له اثره ليس في غياب الرئيس السوري عن حضور المؤتمر حسب انما في غياب حضور اغلب زعماء الحكومات العربية ايضا والمترافق مع  رفع أعلام الفصائل الموالية لايران على طريق الوفود قبل انعقاد المؤتمر بدلا من الأعلام العربية. تم ذلك والبعض يظهر على القنوات يطالب الحكومة العراقية بالتعامل بالمثل مع البلدان التي لايحضر زعمائها للمؤتمر وبأسلوب لايقل استفزازا وهبوطا في الخطاب السياسي والإعلامي الامر الذي يؤشر طبيعة الفوضى التي تعيشها السياسة العراقية اتجاه الأشقاء العرب  .
إلى جانب حضور الجنرال الإيراني  قااني لبغداد قبل يومين  من الانعقاد وهو مؤشر لجميع الزعماء العرب بأن شيء ما يطبخ خارج المؤتمر خلاف ارادتهم ومقاصدهم خاصة ان العرب لهم موقفهم من طبيعة التدخل الإيراني سلبا في العديد من البلدان العربية على غرار سوريا ولبنان والعراق واليمن !!!
رافق انعقاد المؤتمر كلمتين تلقى باسم العراق الأولى يلقيها رئيس  الجمهورية والثانية لرئيس الوزراء
تضمنت دعوة عراقية للحكومة السورية لتمثيل جميع المكونات السورية في الحكم وفق أسس المواطنة و تحقيق مصالحة بين فرقاء النزاع في اليمن.
 والسؤال الطبيعي للحكومة العراقية  والذي لابد ان نقرأه في العقل السياسي العربي : هل يحق لكم ان تنصحوا الآخرين فيما انتم فيه مختلفون حيث التأكيد باستمرار من اقطاب العملية السياسية في العراق على منهج التهميش والإقصاء للعراقيين على أساس الهوية ووفق منطق حكم الأغلبية (طائفيا )لمكونات العراق الأساسية ؟
وهل يصح لكم مخالفة الإجماع العربي بشأن الحوثيين ؟
إبداء العراق استعداده للتوسط بين ايران والولايات المتحدة امر مستغرب بعد انعقاد مؤتمر قمة الرياض بحضور ترامب وإشارته للفشل العراقي في البناء  رغم انفاق مئات الترليونات وتشبيه بغداد بكابل رغم ان قيادة طالبان لم يؤشر عليها صفقة واحدة للفساد في حين فضائح الفساد في العراق صارت السمة المرافقة للأداء الحكومي في الداخل  منذ عام الاحتلال للعراق حتى الان .
هل يحقق ذلك لكم وزنا في مقترح الوساطة خاصة ان ايران تخوض مفاوضاتها مع الإدارة الأمريكية بجد وحكمة لاتحتاج فيه لوساطتكم بعد ان أوكلت ذلك لسلطنة عمان  التي من حقها ان تظهر امتعاضها من هذا المقترح الذي لم يكن في مكانه .
إهمال مشاكل العراق المتصاعدة دون حلول واقعية مع الكويت وتركيا بخصوص التعدي على حقوقه في السيادة والمياه .
الانصراف نحو الإعلان عن التبرع ب 40 مليون دولار لغزة ولبنان في وقت تؤكد تقارير من وزارة المالية ان البلد يعاني من شحة في السيولة النقدية تهدد الاستقرار المالي والاقتصادي للعراق  ،إلى جانب ان عشرات الالاف من العراقيين مازالوا يقبعون في مخيمات النزوح دون ادنى رعاية حكومية بل اصرار من قبل فصائل ملشياوية موالية لايران على استمرار هذا الوضع  الناتج عن سياسات التهجير والتحويل الديمغرافي !!!
مجموعة مسائل تفرض نفسها وتعرقل جهود الحكومة العراقية في إصلاح مسيرة اعادة العراق لمحيطه العربي لابد ان تترك تأثيراتها سلبا على التفاعل العربي  مع العراق ودعواته الرسمية .
تاسيسا على ماتقدم فان مؤتمر القمة العربي الذي انعقد في بغداد لم يؤشر للاسف تقدما يميزه عن المؤتمرات السابقة ولم يتجاوز حدود الاجتماع العادي
كما انه لم يمنح العراق الفرصة لعودته لمحيطه العربي كما كان يؤمّل عليه .
بل انه أضاف نقطة أخرى في مآخذ العرب على ارتباط قراره السياسي بجهات خارجية لها افعالها الماسة بالاستقرار السياسي والأمني في اغلب بلدان العالم العربي .
نأمل من ر ئيس الوزراءفي العراق ان يعيد النظر في منهج العراق بالتعامل مع المحيط العربي وفق فلسفة جديدة وركائز ثابتة نسبيا في سياسة العراق اتجاه محيطه العربي بعيدا عن الإملاءات الخارجية في حال اتجاهه فعليا لتوظيف رئاسة القمة ومتابعة مسيرتها للسنة المقبلة  بما يحقق مبادرات نوعية تحقق مسالتين أساسيتين :
الأولى :ربط العراق بمشاريع الطاقة والتجارة والتعامل  الإنساني  مع البلدان العربية واعتبارها دائرة الفعل الأولى في سياسته الخارجية.
الثانية:التاسيس لمبادرات عملية وجادة ونوعية في رفع مستويات التنسيق الاقتصادي والتجاري مع العالم العربي نحو التعاون ثم التكامل العربي ضمن اقليم محدد ومتميز برقعته الجغرافية والحضارية والبشرية بما يفضي إلى تشكيل نوعي للسوق العربية المشتركة بعيدا عن الاتجاهات العقائدية التي تفرض على العراق فرضا من الخارج
ان ترؤس العراق لمنظومة التعاون الاقتصادي للسنوات الأربع المقبلة فضلا عن ترؤسه لأنشطة البلدان العربية ضمن  متابعة مقررات مؤتمر القمة للسنة المقبلة هي فرصة العراق للاندماج مع محيطه العربي فيما إذا توفرت الإرادات الصادقة .
كاتب عراقي