سعاد خليل: علم طفلك القراءة

سعاد خليل: علم طفلك القراءة

سعاد خليل
نشرنا الجزء الأول من الدراسة من كتاب جنين دوسان ومن ترجمة محمد عادل عبد الخالق
وهذا الجزء الثاني وكما سبق ونوهت نظرا لطولها جزئتها الي جزئين .
ومن السخف ان نسلم بان ادخال المعلومات الي الدماغ سيؤدي الي استهلاكه بطريقة ما ، بينما ابقاء الدماغ  فارغا من كل معلومة سيحافظ عليه ، يعد الانسان المحمل دماغه بمعلومات مفيدة وقادر علي استعمالها بسهولة عبقريا . في حين يعد الشخص الذي يحتوي دماغه علي ايه معلومات ابله، والسؤال كم هو عدد الاطفال المتاح لهم التعلم وسط هذه المجموعة الجديدة من الظروف، والي أي حد من المتعة سيتعلمونها؟ ا ن هذا يمكن يكون مضيوع لأحلامنا فقط حتي يحين الوقت عندما توفر لعدد كبير من الأطفال هذه الفرصة الجديدة، وبدون شك سيكون اثر هؤلاء الأطفال المتقدمين في العالم اثرا ايجابيا بالتأكيد.
يقاس مدي تقصيرنا في تقدير قدرات الطفل الخلاقة على التعلم بكمية المعرفة التي حرمناه من اكتسابها، كذلك فان من ينجح الطفل في تعلمه بالرغم من اعاقتنا هو تقريط تلك القدرات نفسها في اكتساب المعلومات، ان الطفل الحديث الولادة هو نسخة طبق الأصل تقريبا من الحاسوب الفارغ وان كان الطفل ارقي منه في جميع النواحي.
فالحاسوب الفارغ قادر علي استقبال كمية كبيرة من المعلومات مباشرة بدون جهد وكذلك ا لطفل الصغير، ولحاسوب قادر علي تبويب وتصنيف تلك المعلومات وكذلك الطفل. والحاسوب قادر علي تخزين تلك لمعلومات بشكل دائم و مؤقت وكذلك الطفل ، كما لا يمكنن ان نتوقع ان يعطينا الحاسوب أجوبة دقيقة ما لم نزوده بالمعلومات الأساسية التي ترتكز عليها اسئلتنا وكذلك ا لطفل اما ندما تدخل في الحاسوب معلومات أساسيه كافية تتلقي عندئذ أجوبة صحيحة وحتي احكاما من تلك الالة وكذلك الامر مع الطفل ، ان هذه الالة تقبل كل المعلومات التي تدخلها فيها سواء كانت صحيحة ام مغلوطة وكذلك الحال مع  الطفل ، فاذا ادخلنا معلومات خاطئة في الحاسوب فستكون الأجوبة المعتمدة علي تلك لمعلومات خاطئة أيضا ، وهذا ما يحدث في حالة الطفل عند هذا الحد ينتهي التشابه .
فاذا أدخلنا معلومات خاطئة لي الحاسوب يمكننا مسحها من الجهاز وإعادة برمجته، وهذا لا يصدق عل الطفل، اذ ان المعلومات المدخلة الي دماغ الطفل للخزن الدائم حدين الحد الاول إذا وضعت معلومات خطئة في دما الطفل خلال السنوات الثماني الاولي من عمره يصعب جدا مسحها.
الحد الثاني بعد بلوغه الثامنة من العمر يمتص الطفل المادة الجديدة ببطء وبصعوبة بالغة اذا من المحتمل رسوخ ما يوضع علي دماغ الطفل خلال السنوات الثماني الاولي من عمره مما يرتب علينا بذل كل جهد ممكن للتأكد من ان ما يوضع جيد وصحيح.
يقال أعطني طفلا اربيه حتي الثامنة، عندها يمكنني ان اصنع منه ما اريد فيما بعد، لا يمكن ان يكون هناك اكثر صدقا من هذا القول.
كلنا يعرف مدي السهولة التي يحفظ بها الأطفال الصغار اية مادة عن ظهر قلب وحتي تلك المواد التي لا يفهمونها ولقد شاهدنا في الفترة الأخيرة طفلا في الثامنة وهو يقرا في مطبخ فيه كلب ينبج ومذياع مفتوح ونقاش العائلة بأجمعها مسموع بوضوح، وسط هذا كله كان الطفل يحفظ قصيدة متوسطة الطول كي يسمعها في المدرسة في اليوم الثاني وقد نجح في ذلك.
لنفترض انه قد طلب من شخص بالغ ان يحفظ قصيدة في يوم ليسمعها في اليوم الثاني امام مجموعة من الناس، يرجع عندئذ ان يصاب بالذعر ولنفرض أيضا انه قد نجح في حفظها ثم طلب منه بعد مرور ستة أشهر تسميع تلك لقصيدة فمن المرجح عدم قدرته علي ذلك علما انه ما زال يحفظ قصائد كان قد استظهرها أيام طفولته.
ففي الواقع يستطيع الطفل امتصاص كل المواد وحفظها والتي تقدم له خلال هذه السنوات الحاسمة من عمره كما ان مقدرته علي تعلم اللغات تكون فريد بشكل خاص بغض النظر من كون اللغة محكية، يتعلمها بطريقة سمعية، او لغة مكتوبة، يتعلمها بطريقة بصرية.
وكما أشرنا سابقا، فمع كل يوم يمر ا تتناقص قدرة الطفل علي استيعاب المعلومات بدون جهد في حين تتزايد قدرته على المحاكمة وفي لنهاية يتقاطع المنحني النازل مع المنحني الصاعد وفي الفترة التي تسبق تلاقي المنحنيين يتفوق الطفل فعليا على البالغ في بعض الجوانب منها القدرة علي تعلم اللغات لتدرس هذا العامل المزيد المتعلق بتفوق الطفل في اكتساب اللغة.
لقد قضي مؤلف هذا الكتاب اربع سنوات وهو في سن ا لمراهقة وما بدها محاولا تعلم اللغة الفرنسية، كما زار فرنسا مرتين ولكننا لا تجافي الحقيقة ذا قلنا انه في نهاية الامر لا يتكلم الفرنسة ومع ذلك فان أي طفل فرنسي متوسط الذكاء بل وكثيرا من الأطفال دون المستوي المتوسط وحتي بعض الأطفال المتخلفين عقلينا يتعلمون التحدث بالفرنسية بطرية جيدة مستخدمين جميع المبادي الأساسية للقواعد وذلك قبل ان يبلغوا سن السادسة انه امر محير بالفعل حينما نمعن النظر فيه .
فللوهلة الاولي قد يظن المرء بان سبب ذلك لا يكمن في قدرات الطفل مقارنة بقدرات البالغ بل في واقع كون الطفل يعيش في فرنسا في حين ان البالغ لا يعيش فيها . بذلك يتعرض الطفل لسماع الفرنسية في كل الأوقات والامكنة لنر فيما إذا كان ذلك بالفعل العيش في فرنسا هو السبب ام ان السبب كامن في مق درة الطفل اللامحدودة علي تعلم اللغات بالمقارنة مع الصعوبات الكبيرة التي يواجهها البالغ في هذا المجال.
لا نبالغ اذا قلنا ان عشرات الالاف من ضباط الجيش الأمريكي قد عينوا في بلدن اجنبية وحول الكثير منهم تعلم اللغة الجديدة لنأخذ مثالا ذلك الرائد جون سميث انه في الثلاثين من العمر ويتمت ببنية رائعة كما انه خريج كلية وحاصل ذكائه 15 نقطة كحد ادني فوق المتوسط لقد ين هذا الرائد بأحدي الوظائف في المانيا.
هناك ادخل الي مدرسة لتعليم الألمانية وكان يداوم ثلاثة أيام في الأسبوع مساء، ان مدارس اللغات المخصصة للجيش مؤسسات رفيعة المستوي في تدريس البالغين اللغة المحكية فضلا عن ستخامها افضل المدرسين.
لقد عمل الرائد سميث بجد وتفان كي يتعلم الألمانية لأنها ذات اهمية لوظيفته ولأنه يتعامل مع اشخاص يتحدثونها طوال اليوم، بالإضافة الي الأشخاص الذي يتحدثون الإنجليزية، وكان النتيجة كما هو متوقع ، ذ بعد سنة من ذلك عندما ذهب ليشتري بعض الأغراض بصبحة ابنه البالغ من العمر خمس سنوات كان الطفل يقوم بالجزء الأكبر من لحديث وذلك لسبب بسيط هو ان الطفل كان يتكلم الالمانية بطريقة جيدة تماما في حين كان والده عاجزا ن ذلك . كيف يمكن تفسير ذلك؟ لقد تعلب لاب الألمانية علي يد خيرة لمدرسين الذين اختارهم ل جيس للقيام بهذه المهمة ومع ذلك فهو في لواقع لا يتكلم الالمانية، بينم يجيدها بنه البالغ من لعمر خمس سنوات.
من علم الطفل؟ في الواقع لم يعلمه احد ان مجرد وجوده في لبيت مع خادمة الماني كانت فرصته الوحيدة، ومن علم لخادمة الألمانية ظ في الواقع ثم يعلمها حد ، درس الاب الألمانية وكان لا يحسن التكلم بها ، ولم يعلم احد الطفل الألمانية وكان قدرا علي التكلم بها .
وخشية ان يكون القاري ما زال واقع علي مصيدة الاعتماد بان الاختلاف رجع الي الفروقات الطفيفة بين بيئة كل من الرائد سميث وابنه وليس الي قدرة الطفل الفردة علي تعلم اللغات بالمقارنة مع عدم قدرة البالغ النسية في هذا المجال، نقول خشية الوقوع في هذا المطب لندرس حالا وضع السيد سميت التي كانت تعيش مع الطفل في البيت نفسه والخادمة نفسها فهي لم تتعلم الألمانية بشكل افضل من زوجها الا انها كانت دون مستوي ابنها بأشواط.
واذ كان عدم استغلال هذه المقدرة اللامحدودة علي تعلم اللغات لدي الأطفال الصغار امرا مثير للحزن وهدرا للوقت فهو مضحك بكل ما في الكلمة من معني، ولو صدف وكان للرائد سميث وزوجته عدد من الأطفال منذ ذهابهما الي المانيا، لكانت المقدرة للغوية متناسبة مكسبا مع عمر كل منهم، بالبالغ من العمر ثلاث سنوات، لو وجد سيتعلم من الألمانية اكثر من البالغ خمس سنوات وهذا بدوره سيتعلم منها اكثر من البالغ عشر سنوات، اما البالغ خمسة عشر عاما فسيتعلم ببعض الألمانية ولكنه سرعان ما ينساها. المحزن حقا ان هذا المثال وهو ابعد ما يكون من كونه حالة خاصة صحيح وينطبق الي حد كبير على الانسان حينما كان. اننا نعرف أطفالا قد تعلموا الفرنسية او الاسبانية او الألمانية او اليابانية والفرنسية في الظروف نفسها التي تحدثنا عنها في المثال المذكور.