السفير منجد صالح: من أبو القاسم الشّابي إلى الزواري وإلى الشاب الفارس فارس خالد كيف نشفى من حُبّ تونس

السفير منجد صالح: من أبو القاسم الشّابي إلى الزواري وإلى الشاب الفارس فارس خالد كيف نشفى من حُبّ تونس

السفير منجد صالح
يقول شاعرنا الكبير محمود درويش: “كيف نشفى من حُبّ تونس؟؟؟”،
لكن يا شاعرنا المبدع، بعد الترحّم على روحك، نجزم ونؤكّد أن لا أحد يرغب او يودّ أو يقصد ان يشفى من حُبِّ تونس، بل على العكس تماما، نُريد أن نغرق ونغطس عميقا، وان نعوم وان نسبح وان نُجدّف في بحور ومياه حُبّ تونس، في بحر قرطاج وحلق الوادي والمرسى وقمرت وبنزرت وسوسة والحمّامات وقليبية،
“كيف نشفى من حُبّ تونس؟؟؟”،
ونقول كما قال شاعرنا الكبير ابو سلمى الكرمي: “يا فلسطين ولا اغلى ولا احلى واطهر، كُلّما حاربت من اجلك احببتك اكثر،
نتقاسم هذا النص البديع الجميل مع تونس ونُسقطه عليها،، نقول: “يا تونس ولا اغلى ولا احلى  واطهر، كُلّما اقتربنا منك أحببناك أكثر”،
ابو القاسم الشّابي، الشاعر التونسي، الذي عاش وابدع ورحل شابّا، تماما كما حصل مع الشاعر الاسباني المبدع غارسيا لوركا، الذي رحل شابا ايضا، لكن في ظروف مختلفة،
ابو القاسم الشّابي ترك لنا ارثا ادبيا ثقافيا وطنيا نضاليا حضاريا عبر قصائده:
“إذا الشعب يوما اراد الحياة فلا بُدّ ان يستجيب القدر، ولا بُدّ لليل ان ينجلي، ولا بُدّ للقيد ان ينكسر،
ومن لم بُعانقه شوق الحياةِ، تبخّر في جوّها واندثر، …،
ومن لا يُحبّ صعود الجبال، يعش ابد الدهر بين الحُفر، ….”،
المُهندس محمد الزواري، ابن مدينة صفاقس العريقة، كان يُحبّ صعود الجبال، وتسلّق الفضاء الرحب الفسيح، ليّحلّق مع النسور والصقور،
احبّ فلسطين، فقدّم لها علمه ومعرفته وخبرته في أن يكون “عبّاس ابن فرناس” الفلسطيني التونسي، وأب برنامج الطيران المسيّر للمقاومة،
لم تُطق اسرائيل كل هذا الحب من تونسي لفلسطين والاقصى، فارسلت قتلتها إلى صفاقس واغتالته شهيدا على طريق القدس وحريّة فلسطين،
أمّا  الشهيد الشاب الطالب، الفارس، فارس خالد، فقد ارتقى شهيدا يوم الاثنين الماضي، في مظاهرة ضخمة نصرة لفلسطين وضد الابادة الجماعية لاهل غزة،
حمل الشهيد الفارس علم فلسطين بيده وامتطى تسلّقا عمارة عالية، لرفع علم فلسطين عاليا خفاقا في عنان سماء تونس، فسقط عن العمارة وارتقت روحه الطاهرة عاليا خفاقة إلى السماوات العُلى مع الشهداء والصديقين، وليُسجل اسمه شهيدا على طريق القدس، لينضم إلى قوافل الشهداء المُتزاحمين على ابواب السماوات في غزة وجنوب لبنان وباب المندب،
شهيدٌ يودّع شهيدا، شهيدٌ تونسي يودع شهيدا فلسطينيا وشهيدٌ يمني يودع شهيدا غزّاويّا، وشهيدٌ فلسطيني يودع شهيدا لبنانيّا،
كيف نشفى من حُبّ تونس وفيها كلّ هذا الحبّ لفلسطين؟؟؟!!!.
كاتب ودبلوماسي فلسطيني