بعد خلوه من أي اتهام “بالإرهاب”.. الحكومة البريطانية تعرض على الأكاديمي مكرم خوري مخوَل.

لندن ـ “راي اليوم”:
وجهت الحكومة البريطانية رسالة خالية من أية تهمة “بالإرهاب” إلى الأكاديمي العربي -الفلسطيني – البريطاني مكرم خٌوريْ – مَخّوُلْ كما أشارت إلى حقه بتقديم حججه لمفوضية التحقيقات (هيئة غير وزارية خاضعة مبدئيا للبرلمان) لإتلاف نسخ المعلومات المُصادرة من قبل الأجهزة الأمنية. وقد طالب البروفيسور مكرم خُوري – مخّول في اجابته التي وجهها وفقا للقانون، مفوضية الصلاحيات التحقيقية الأمنية البريطانية، والتي يرأسها قاض، إصدار قرار يأمر الأجهزة الأمنية البريطانية (الممثلة بوزارة الداخلية) بإتلاف كل ما حصلت عليه من معلومات منه وعنه أثناء الاحتجاز والتحقيق معه لدى عودته من باريس الى لندن مساء “الجمعة العظيمة” 18.04.2025 . وتُعنى المفوضية في شؤون حفظ المعلومات من قبل الحكومة (وأقسامها) رغم أن القانون يجيز للحكومة الاعتراض على قرار المفوضية لاحقاً.
وكانت أجهزة الأمن البريطانية قد اقتادت الأكاديمي الفلسطيني البارز فور نزوله من القطار العائد من باريس ومغادرته رصيف المحطة وبالتحديد على نقطة فحص الجوازات (في المقر الأمني الحدودي “سانت پانكراس إنترناشيونال” في لندن) واحتجزته وقامت بالتحقيق المكثف معه لمدة زادت عن الأربع ساعات وذلك تحت “أنظمة مكافحة الإرهاب وأمن الحدود” في بريطانيا والمعمول بها منذ عام 2019، كما قامت بمصادرة هاتفه الخليوي وجهاز الحاسوب الخاص به وإجراء التفتيش الجسدي الدقيق وفحص كل مقتنياته الخاصة بما في ذلك المحفظة ومستنداته الشخصية وبطاقات الائتمان، وبطاقات العضوية ،ومقتنيات خاصة وغيرها.
وكان الأمن البريطاني قد أعاد الأجهزة الإلكترونية التابعة للبروفيسور الفلسطيني وهي عبارة عن هاتف ذكي كبير وجهاز الحاسوب المحمول (لابتوب) وذلك بعد سبعة أيام من مصادرتها لكن ليس قبل أن ينسخها ويبقي نسخة مع الأجهزة.
ورغم عدم صدور تصريحات رسمية من السلطات البريطانية فور احتجازه توضح أسباب احتجاز البروفيسور خُوري – مَخّول أو فحوى التحقيق الذي تم مع الأكاديمي ذي الأصول الفلسطينية، المعروف بنشاطه الفكري والإعلامي إلا أنه تسلم رسالة تعطيه فرصة تقديم اعتراض في محاولة ليقنع فيها مفوضية التحقيق بأن تأمر الشرطة البريطانية بائتلاف المواد التي حصلت عليها منه وعنه وعبره بما في ذلك البصمات المتكاملة بواسطة الأجهزة الإلكترونية والصور التي التقطتها من اتجاهات متعددة له، إضافة إلى عينات من الحمض النووي من عينة اللعاب من جهتي فمه.
ومما أثار حفيظة منظمات تُعنى بحقوق الأطفال هو أنه وطوال الاحتجاز والتحقيق كان معه طفله ابن الثامنة الذي كان شاهداً على ما تعرض له والده أمام عينيه حتى منتصف الليل وفي ليلة الجمعة العظيمة.
ورغم التزام البروفيسور خُوري – مَخّول الصمت العلني منذ الاحتجاز، إلا أن هذا لم يمنع منظمة ” (حملة) البريطانية (الإنجليزية) والتي تكافح ضد التمييز والتضليل الإعلامي القيام وبشكل مستقل بإصدار بيان إدانة لما تعرض له خُوري – مَخّول. كما ودعت الأكاديميين والناشطين بالكتابة لأعضاء البرلمان للاحتجاج على ما تعرض له خُوري – مَخّول وهو المدير المؤسس لمركز كيمبريدج لدراسات فلسطين.
وكان رئيس حزب العمال البريطاني والسياسي اليساري المخضرم جورج غالاوي قد انتقد السلطات البريطانية بشدة على هذا العمل ضد شخصية اكاديمية مرموقة ومحترمة قائلا لهم:
“تحققون مع أكاديمي فلسطيني مسيحي في ليلة الجمعة العظيمة أمام طفله الذي ارتعب باكياً مرتجفاً، وبدلاً من ان يجلس خُوري – مخّول كعضوٍ في مجلس اللوردات تجعلونه يجلس في غرفة التحقيق. إنه أكاديمي فلسطيني يتخصص في التطرف والارهاب فما هذه الخطوة الجنونية. إذا حدث ذلك معه فممكن أن يحدث مع أي شخص في بريطانيا!”
وقد طالب غالاوي رئيس الحكومة كير ستارمير بالذهاب إلى كيمبريدج والاعتذار شخصياً لخُوري – مَخّول.
وكان غالاوي قد زار Palestine House “دارة فلسطين” في كيمبريدج هو وعائلته في أحد عيد القيامة 20.04.2025 متضامنا ً إذ بث برنامجاً من مكتبة مركز كيمبريدج لدراسات فلسطين خصص أجزاء منها لحادثة الاحتجاز.
وقالت مصادر ديبلوماسية غربية في لندن رفضت الإفصاح عن اسمها ان احتجاز البروفيسور خُوري – مخّول والتحقيق معه جاء أثر ضغط سياسي من قوى خارجية على الحكومة البريطانية وإثر تقديم شكوى كيديّة (عبر مخبرين ومتعاونين) ثقيلة الوزن على مستوى سفراء ووزراء لحث الحكومة البريطانية على كبح جماح النشاط الأكاديمي والفكري الإعلامي للأكاديمي الفلسطيني الريادي والنقدي.
ويشار الى أن إعادة شرطة الحدود الأجهزة بعد احتجاز مواطن بموجب صلاحيات مكافحة الإرهاب، يُشير إلى أنها لم تعثر خلال فحصها على أي أدلة أو معلومات تدفعها إلى الاعتقاد بتورط المُحتجز في أنشطة متعلقة بالإرهاب، أو بضرورة الاحتفاظ بها لمزيد من التحقيق.
هذا يعني أنها خلصت إلى عدم وجود حاجة للاحتفاظ بالأجهزة للتحقيق الجاري أو لاستخدامها في إجراءات قانونية محتملة رغم احتفاظها بنسخة منها لشكّها به أصلا.
وبموجب قوانين مكافحة الإرهاب، يمكن لسلطات الحدود فحص الأجهزة، وربما الاحتفاظ بها، عند المعابر الحدودية. ويتم ذلك لتقييم ما إذا كانت تحتوي على أدلة على أنشطة متعلقة بالإرهاب. لكن إذا أُعيدت الأجهزة، فهذا يُشير إلى أن ضابط الفحص، بعد مراجعة المعلومات المتعلقة بها، قرر عدم وجود سبب للاعتقاد بأن الأجهزة متورطة في أي نشاط مشبوه، أو ضرورة الاحتفاظ بها لمزيد من التحقيق. وهنا يندرج المقترح الموجه الى البروفيسور مكرم حول إمكانية توجيهه طلب لمحو المواد التي احتفظت الأجهزة بنسخة منها رغم ارجاعها الأجهزة ذاتها. إلا أن القانون يسمح للحكومة ممثلة بوزارة الداخلية بالاستئناف على القرار مما سيدخل الأطراف إلى معركة قضائية شائكة وهي جانب واحد من عدة معارك قضائية محتملة بين الأكاديمي الفلسطيني والحكومة البريطانية.
وقال المُحامي المُرافع- Barrister العربي العراقي البريطاني د. عبد الحق العاني:
“إن ما تعرض له الأخ الدكتور مكرم خُوري – مخّول على يد أجهزة الحدود البريطانية من تجاوز على حقوقه الأساس دون إعطاء سبب تم بموجب قانون عام 2019. وهذا القانون هو واحد من سلسلة قوانين بدأت بقانون مكافحة الإرهاب لعام 2000 وتبعته قوانين عديدة على مدى عشرين عاما. وهذه القوانين لها صفة واحدة فهي تقوم على أساس حق الدولة في التجاوز على حقوق الأفراد بمجرد الشك بهم دون الحاجة لإعطاء أي سبب، ويأخذ هذا التجاوز أشكالا متعددة من تحديد حرية الفرد والتعدي على خصوصيته من قبل أي مكلف من أجهزة أمن الدولة، يل إنها تذهب أبعد من ذلك إلى إمكانية إصدار أحكام ضد الفرد في جلسات مغلقة لا يطلع فيها المتهم حتى على جوهر التهمة أو أدلتها”.
وأضاف المحامي العاني: “وهذا ولا شك لا يختلف كثيرا عما يجري في عدد من دول الجنوب التي تصفها بريطانيا بأنها دول طغيان واستبداد. أما الادعاء بأن قوانين بريطانيا تصدر عن مجلس العموم المنتخب من قبل الشعب فهو رد مرفوض لأن كل رئيس وزراء يمتلك أغلبية في المجلس قادر على أن يمرر أي قانون، تماما كما يفعل أي رئيس مستبد في عالم الجنوب. إن قوانين مكافحة الإرهاب في بريطانيا تضع علامة استفهام كبيرة على معنى الديموقراطية وحقوق الإنسان في الرأي والتعبير.” (انتهى) !