تحول قضية سرقة الملايين من منزل رئيسة أمناء جامعة خاصة في مصر إلى قضية رأي عام: من هو الظالم ومن هو المظلوم؟ وما هي الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية المغمورة؟ وكيف سيكون رد فعل الحكومة؟

القاهرة- ” رأي اليوم “- محمود القيعي:
ببلاغ عن تعرضها لسرقة ضخمة أقامت د.نوال الدجوى رئيسة أمناء إحدى الجامعات الخاصة الدنيا ولم تقعدها.
البلاغ أكدت فيه تعرضها لسرقة 50 مليون جنيه و3 ملايين دولار و15 كيلو مشغولات ذهبية و350 ألف جنيه إسترليني من منزلها، وبدأت النيابة العامة التحقيق في الواقعة.
من جهته شكك محامي الحفدة في رواية السرقة، مؤكدا أنه من الصعب التصور عقلا أو منطقا شكل الخزنة التي تسع 50 مليون جنيه و3 ملايين دولار.
وأضاف في تصريحات إعلامية أن مثل تلك الأموال بحاجة إلى سيارة نصف نقل كي يتم وضعها فيها.
وقال إن د. نوال لم تدخل الشقة منذ سنتين أو ثلاث، لافتا إلى وجود خلافات بينها وبين أحفادها حول الميراث،كان من نتيجتها وجود نجو 20 قضية منذ 3 سنوات، منها قضية حجر عليها أقامها أحد أحفادها.
القضية الغريبة ملأت الدنيا وشغلت الناس، وفي السطور التالية الصوت والصدى.
د.محمود كبيش العميد الأسبق لكلية الحقوق جامعة القاهرة يقول إنه فى ضوء ما سمعنا عنه، فإن إحدى الوسائل المهمة فى مكافحة غسل الأموال حظر التعامل النقدى فيما يجاوز حدوداً معينة.
ويضيف أن من المهم جدا لمكافحة غسل الأموال تغيير شكل الأوراق النقدية وإعطاء مهلة لاستبدال العملة القديمة بالعملة الجديدة.
من جهته يرى السياسي زهدي الشامي في الحادثة تجسيدا لعمق الانقسام الطبقى والكارثة الاجتماعية التى أصبحنا نعيشها فى مصر .
في ذات السياق يقول السفير محمد مرسي إنه كان ولا يزال واحداً من أبناء هذا الشعب الذين ينظرون بريبة وشك لأصحاب الملايين الذين يحتفظون بجانب كبير من ثرواتهم خارج مصر أو خارج بنوك مصر ، لأن ذلك يؤدي لحرمان الاقتصاد المصري من توظيف هذه الثروات والاستفادة منها ، وكذا استيفاء حق الدولة فيها من ضرائب ورسوم.
ويضيف أنه لا يزال مقتنعاً بأن الاحتفاظ بثروات ضخمة علي هذا النحو هو عمل تكتنفه في غالب الأحوال شبهات التهرب الضريبي والفساد والسرقة وغسيل الأموال ، لكنه رغم ذلك ، فإنه يشعر بنوع من الأسي والتعاطف مع صاحبة الجامعة التي تتعرض الآن لابتلاءات عظيمة في الصحة وفي النفوذ وفي المال وفي البنين .
ويقول إنها ابتليت بفقد ابنها وابنتها في حياتها ، و تعاني من كبر السن والشيخوخة بل والحجر عليها من قبل أحفادها ، مشيرا إلى أن صراعات الميراث وتقسيم الثروة قد أصبحت هما ثقيلاً علي هذه السيدة التي تواجه في سني حياتها الأخيرة مصائب في زينة الحياة الدنيا وخاصة البنين والأحفاد الذين لا نستطيع أن نحكم علي تصرفاتهم بموضوعية لعدم إلمامنا بمختلف جوانب قضيتهم .
ويختتم مؤكدا أن هذه القضية تعطينا دروسا وعبرا نراها بأعيننا وتزيدنا ألماً .. فهل من مُدَّكِرْ ؟ .
الكثيرون دعوا إلى النظر إلى دلالات تلك القضية بالغة الخطورة.
هبة عادل عيد ترى أن من تلك الدلالات ان معظم أصحاب الثروات الضخمة أصبحوا يلجأون لحفظ ثرواتهم في منازلهم ، فهل مرد ذلك لعلمهم بأن البنوك مخترقة من جهات ما .
وتتساءل: ما حجم الخزنة التي وضع فيها هذا المبلغ .. لأن أصحاب محال بيع الخزائن الكبيرة بهذا الحجم مجبرون للإبلاغ عن بيعها .. لان هناك شبهة في تخزين مثل هذه المبالغ في المنزل.
من جهته يرى الكاتب سيد محمود أن المدرسين الذين يعطون دروسا خصوصية في العربي لثانوية عامة او في الفيزياء والرياضيات لديهم قصور في التجمع ، مشيرا إلى أننا لو فكرنا قليلا سنجد أن المسروقات المسجلة من بيت نوال الدجوي ليس فيها مبالغة لأنها تتويج لكفاح طويل من أجل إفساد التعليم وإلغاء مبدأ التكافؤ فيه .
وبحسب محمود فإنه حتى الثمانينيات كان من يدخل المدارس الخاصة هو الطالب الفاشل لكن أشكال التمييز الطبقي هي التي سمحت بتربع الدجوي وغيرها على منظومة التعليم الخاص، لافتا إلى أن هذا و كان فخا- للأسف- وقع فيه الجميع وارتاحت له دولة الخصخصة واستفادت منه الأصولية الدينية والطبقة الطفيلية.
البعض اعتبر واقعة د. نوال الدجوي جرس إنذار، محذرا من أنها ستنعش العصابات ولصوص الفيلات، فماذا سيكون رد الدولة؟!