كيف تم توجيه “الجولاني” من الإرهاب إلى السياسة بفضل الاستخبارات؟ ولماذا أقر السفير الأمريكي “فورد” بدورهم في وصوله إلى القصر الجمهوري؟ هل كان سقوط الأسد نتيجة “ثورة عفوية” بالفعل؟ وهل ستظل الجزيرة الوحيدة التي تنفي “اعترافات فورد”؟

كيف تم توجيه “الجولاني” من الإرهاب إلى السياسة بفضل الاستخبارات؟ ولماذا أقر السفير الأمريكي “فورد” بدورهم في وصوله إلى القصر الجمهوري؟ هل كان سقوط الأسد نتيجة “ثورة عفوية” بالفعل؟ وهل ستظل الجزيرة الوحيدة التي تنفي “اعترافات فورد”؟

عمان- “رأي اليوم”- خالد الجيوسي:

مُثيرٌ للانتباه، ما كشفت عنه السفير الأمريكي الأسبق في الجزائر وسوريا، بما يتعلّق بالشُّكوك حول الاتّهامات المُوجّهة للرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، وأنه نتاج صنيعة استخبارات، أوصلته لحُكم سورية، وساهمت في مُساعدته لإسقاط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد.

السفير الأمريكي روبرت فورد، وفي محاضرة جرى نشرها مطلع مايو/أيار الجاري وتحدث فيها عن لقاء جمعه بالانتقالي الشرع، وكيف ساعد الأخير بالانتقال من “عالم الإرهاب” كما قال، إلى عالم السياسة التقليدية.

هذه المُساعدة، تنفي بطبيعة الحال، ما قيل عن تغيّر أصاب تفكير الشرع، ومُروره بمراحل عمرية جعلته يتغيّر، وإنما هذا نتاج “أمريكي- بريطاني” حيث مؤسسة بريطانية غير حكومية دعت السفير إلى المساعدة في “تغيير الجولاني”.

هذا أيضًا يُشير إلى “نوايا غربية مُبيّتة”، لإسقاط نظام الرئيس الأسد، وليس نتاج ثورة عفوية نجحت في إسقاط النظام السوري بـ11 يومًا، حيث وجّهت هذه الدعوة لتغيير “الجولاني” العام 2023، من أجل مساعدتهم كما قال السفير في إخراج هذا الشاب (يُشير إلى صورة الشرع حين كان عُضوًا في تنظيم القاعدة) من عالم الإرهاب وإدخاله إلى عالم السياسة التقليدية”.

وأشار فورد إلى أنه أجرى مع الشرع حوارا “سلسًا” وقال إن ما لفت نظره خلال اللقاء أن الشرع (أبو محمد الجولاني حينها) “لم يعتذر عن العمليات الإرهابية في العراق وسوريا” لكنه قال إن “التكتيكات والقواعد التي كان يتبعها في العراق لا تصلح عندما تحكم 4 ملايين شخص (في إدلب)”، وهذا يُفسّر سبب غضب العراقيين من الشرع، ورفضهم حضوره القمّة العربية في بغداد لمسؤوليّته عن إرهابهم، والسوريين أيضًا قبل أن يُصبح رئيسًا للسوريين.

وأكّد فورد أن أول لقاء جمعه بالشرع كان في مارس 2023، واصفًا الحديث معه آنذاك بأنه “حضاري”، قبل أن يتكرّر اللقاء في سبتمبر ويُتوّج بلقاءٍ ثالث في يناير الماضي داخل القصر الجمهوري في دمشق، بعد تولي الشرع منصبه الرئاسي.

اللّافت في حديث السفير الأمريكي، أنه كشف أن تأهيل الشرع، بدأ منذ أن أعلن العام 2016 انفصال تنظيمه عن “القاعدة”، وسعيه لتقديم نفسه بصورة أكثر اعتدالًا ضمن إطار الاحتجاجات ضد نظام الأسد.

وتُطرح تساؤلات حول أسباب كشف السفير الأمريكي عن وقوفه حول تحوّلات تغيير “الجولاني”، وانتقاله من “اللحية الكثيفة”، إلى “تقليم لحيته”، وما إذا كان ذلك الكشف لطمأنة العالم حول خِيار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لقاء الشرع، والاعتراف بشخصية “إرهابية” بالتصنيف الأمريكي رئيسًا، فيما يجده آخرون دليل إدانة ضد الشرع، والذي قدّم نفسه كثائر، نجح و”ثُوّاره” المُفترضين، الإطاحة بنظام الرئيس الأسد، بل ونقل البلاد (سورية) إلى عُهدة أمريكا وأوروبا، والتطبيع القادم مع إسرائيل.

ونقل فورد، حِوارًا دار بينه وبين الشرع، خلال اللقاء الأخير بينهما في القصر الرئاسي، حيث قال له: “خلال مليون عام لم أتخيّل أن أراك في القصر الرئاسي”، ليردّ عليه الشرع: “أحب أن أفاجئكم باستمرار مستر روبرت”.

ليس وحده “الجولاني” من خضع “للتقليم”، بل كشف السفير الأمريكي إنّ هيئة تحرير الشام خضعت كلها للعديد من التدريبات المُكثّفة، على أيدي سُفراء، وخبراء، وضباط استخبارات أمريكيين، وبريطانيين.

مهمة نفي تدريب الشرع “الثائر الإسلامي المقدام”، أُوكلت سريعًا لقناة “الجزيرة” القطرية المعروفة بسياساتها التحريرية الداعمة لنظام الحكم الجديد في سورية، حيث أفاد مصدر بالرئاسة السورية لقناة “الجزيرة”، بأنه “لا صحّة للمعلومات التي أوردها السفير الأميركي السابق في سوريا روبرت فورد عن لقاءات مع الرئيس السوري أحمد الشرع بإدلب”.

وذكَر المصدر، أن “أحد الوفود تابع لمنظمة بريطانية للدراسات وكان من ضمن أعضائه السفير روبرت فورد”.

وكان المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا سابقاً جيمس جيفري قد أقر في تصريحات إعلامية بأن علاقة أميركا بالشرع قديمة مُنذ أنْ كان اسمه الجولاني.

بكُل حال، هذه ليست المرّة الأولى التي تقف فيها الولايات المتحدة الأمريكية خلف دعم وتدريب “الجهاديين”، فقد فعلتها سابقًا في أفغانستان ضد الاتحاد السوفييتي، لكن التساؤل المطروح حول موقف الروس، ودورهم في دعم وإسناد النظام الجديد ضد حليفهم السابق نظام الرئيس الأسد، ومدى معرفتهم بالنهاية الحتميّة للنظام الذي حالفهم طِوال أكثر من 60 عامًا، والتساؤل الآخر المطروح، حول فيما إذا كان الشرع سيرد على اتهام تدريبه وينفيه، أم يكتفي بهذا النفي المُوارب الذي أورده مصدر لقناة “الجزيرة”، وزميلتها “العربية”؟، يتساءل مراقبون.