أخنوش يفخر: رفعنا مهارات الطلاب ثلاث مرات في اللغة الفرنسية ومرتين في العربية، وإصلاح التعليم خيار سيادي. والمعارضة تتهم الحكومة بتعطيل النظام التعليمي وفرنسَة المدرسة المغربية.

أخنوش يفخر: رفعنا مهارات الطلاب ثلاث مرات في اللغة الفرنسية ومرتين في العربية، وإصلاح التعليم خيار سيادي. والمعارضة تتهم الحكومة بتعطيل النظام التعليمي وفرنسَة المدرسة المغربية.

الرباط ـ “رأي اليوم” ـ نبيل بكاني:

 

تفاخر رئيس الحكومة المغربية، عزيز أخنوش، بأن إصلاح منظومة التعليم يشكل “خيارًا سياديًا” تتعامل معه الحكومة برؤية تتجاوز التدبير القطاعي التقليدي، وذلك خلال جلسة المساءلة الشهرية بمجلس النواب، يوم الإثنين.

 

وأوضح أخنوش أن المرحلة الجديدة من الإصلاح تأتي في انسجام تام مع التوجيهات الملكية، التي تعتبر المدرسة العمومية ركيزة لبناء مغرب الكفاءات وتحقيق العدالة الاجتماعية. وفي هذا السياق، باشرت الحكومة توسيع تجربة “مدارس الريادة”، التي أثبتت نجاعتها في التعليم الابتدائي، لتشمل أيضًا سلك التعليم الإعدادي.

 

وأشار إلى أن التجربة حققت نتائج مهمة، حيث تضاعفت مهارات التلاميذ أربع مرات في الرياضيات، وثلاث مرات في اللغة الفرنسية، ومرتين في اللغة العربية، حسب تقييمات مستقلة بيّنت تفوق تلاميذ هذه المؤسسات على أكثر من 82% من أقرانهم في باقي المدارس.

 

وقد تقرر تعميم المشروع على 2.626 مؤسسة تعليمية خلال الموسم الدراسي 2024-2025، بما يشمل أزيد من 1.3 مليون تلميذ، أي حوالي 30% من مجموع تلاميذ التعليم الابتدائي في البلاد.

 

وفي خطوة داعمة لهذا التحول، خصصت الحكومة ميزانية غير مسبوقة للتعليم بلغت أكثر من 85 مليار درهم برسم سنة 2025، مقارنة بـ68 مليار درهم سنة 2019، وهو ما اعتبره أخنوش دليلاً على وجود إرادة سياسية قوية لمواجهة تحديات من أبرزها ضعف التحصيل والهدر المدرسي، الذي يحرم المنظومة من نحو 300 ألف تلميذ سنوياً.

 

وشملت الاستثمارات بناء 189 مدرسة ابتدائية جديدة خلال السنة الجارية، منها 129 في الوسط القروي، إضافة إلى توسيع شبكة المدارس الجماعاتية إلى 335 مؤسسة تستقطب حوالي 90 ألف تلميذ، إلى جانب تجهيز أكثر من 30 ألف فصل دراسي بمعدات رقمية حديثة.

 

وأعلن أخنوش أيضًا عن إطلاق تجربة “إعداديات الريادة”، التي تشمل حوالي 230 مؤسسة تعليمية، لفائدة أكثر من 200 ألف تلميذ، وتهدف إلى تطوير الأداء البيداغوجي وتقليص نسب الانقطاع عن الدراسة، التي تسجل مستويات مرتفعة في هذا السلك.

 

وختم رئيس الحكومة بالتأكيد على أن “إعداديات الريادة” تمثل حجر الزاوية في بناء مدرسة المستقبل، قادرة على تأهيل الأجيال الصاعدة للاندماج في سوق العمل ومعترك المعرفة، انسجامًا مع الرؤية الملكية التي تدعو إلى تعليم لا يكتفي بالقراءة والكتابة، بل يُمَكن من الاندماج الحقيقي والفعّال في الحياة المهنية.

وأثار تصريح رسمي حول مستوى التحصيل الدراسي في المدارس المغربية، جدلاً وتساؤلات بشأن أداء تلاميذ التعليم الخصوصي في مادة اللغة العربية، في ظل غياب معطيات دقيقة ضمن الإحصائيات التي تم الإعلان عنها مؤخرًا.

 

وكان تصريح وزير التعليم قد كشفت أرقامًا مقلقة تخص مستوى التلاميذ في نهاية المرحلتين الابتدائية والإعدادية، حيث تبين أن 42% فقط من تلاميذ التعليم العمومي يحققون مستوى مقبولًا في اللغة العربية، مقابل 27% في اللغة الفرنسية، و24% في الرياضيات. وتزداد الصورة قتامة في سلك الإعدادي، حيث لا تتجاوز نسبة التلاميذ الذين يمتلكون كفايات أساسية في المواد الثلاث مجتمعين 9% فقط.

 

وفي المقابل، أظهرت المعطيات تسجيل أداء أفضل لتلاميذ التعليم الخصوصي، حيث بلغت نسب التمكن من الكفايات الأساسية 62% في اللغة الفرنسية، و49% في الرياضيات. إلا أن ما أثار الانتباه في هذه الأرقام هو غياب أي إشارة إلى مستوى أداء التلاميذ في مادة اللغة العربية داخل مؤسسات التعليم الخصوصي، سواء في السلك الابتدائي أو الإعدادي، وهو ما طرح تساؤلات مشروعة بشأن هذا التجاهل.

 

وقد دفع هذا الغموض ببعض المراقبين إلى طرح فرضيات مثيرة للجدل، من بينها احتمال وجود توجه ضمني نحو إعفاء المدارس الخصوصية من “عبء” تعليم اللغة العربية بالشكل المطلوب، خاصة في ظل ما يُلاحظ من ميل بعض المؤسسات الراقية إلى تقليص حضور هذه المادة في مناهجها، لصالح لغات أجنبية تعتبرها “أكثر جاذبية” في سوق التعليم والنخبوية.، دون الاكراث الى خطورة ذلك على الهوية القيمية والثقافية للأجيال الصاعدة.

 

ويأتي هذا النقاش في وقت تتزايد فيه الدعوات لإعادة الاعتبار للغة العربية داخل المنظومة التربوية، باعتبارها مكونًا رئيسيًا في الهوية الثقافية والوطنية للمغرب.

ووجهت فرق ومجموعات المعارضة بمجلس النواب انتقادات لاذعة للحكومة خلال جلسة المساءلة الشهرية، حول إصلاح المنظومة التعليمية. واتهمت المعارضة الحكومة بتقديم “صورة وردية وغير واقعية” عن واقع التعليم، معتبرة أن مشروع “مدارس الريادة” يعمّق التفاوتات داخل المدرسة العمومية، ويعتمد مقاربة “تجزيئية” تفتقر إلى الشمولية والفعالية.

وفي مداخلاتها، اعتبرت المعارضة أن الحكومة فشلت في تفعيل مقتضيات القانون الإطار والرؤية الاستراتيجية لإصلاح التعليم، مشيرة إلى أن هذا الفشل يتجلى في غياب رؤية متكاملة وفي اعتماد خطوات “مرتبكة” لا تراعي مقومات العدالة التربوية.

 

وانتقدت الفرق البرلمانية تغييب الكفاءات الوطنية في تقييم السياسات التعليمية، والتسرع في إصدار المراسيم المتعلقة بلغة التدريس والتوجيه المدرسي، ما تسبب – بحسب تعبيرها – في إرباك المسار التعليمي، وتضرر مبدأ التناوب اللغوي، خاصة مع فرض اللغة الفرنسية في السلك الإعدادي مكان اللغة العربية.