تزايد الضغوط الأوروبية على إسرائيل لوقف عملياتها المكثفة في غزة

غزة (الاراضي الفلسطينية) ـ (أ ف ب) – صعّدت الدول الاوروبية ضغوطها على إسرائيل لوقف حملتها المكثّفة في غزة وإتاحة دخول مزيد من المساعدات إلى القطاع المدمّر حيث قتل العشرات الثلاثاء وفق الدفاع المدني.
في الأثناء، أكدت إسرائيل أنها لن ترضخ للضغوط الخارجية، بعدما أوقفت بريطانيا محادثات التجارة الحرة معها بسبب الحرب في القطاع وفرضت عقوبات جديدة على مستوطنين في الضفة الغربية المحتلة.
كذلك، قالت مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس الثلاثاء إن الاتحاد الأوروبي سيطلق مراجعة لاتفاق الشراكة مع إسرائيل على ضوء المستجدات الأخيرة في قطاع غزة.
ميدانيا، أعلن الدفاع المدني في غزة مقتل 44 فلسطينيا على الأقل، غالبيتهم من الأطفال والنساء “جراء مجازر جديدة ارتكبها الاحتلال بحق المدنيين العزل فجر اليوم (الثلاثاء) في مناطق عديدة في قطاع غزة”، وفق ما أفاد المتحدث باسم الجهاز محمود بصل وكالة فرانس برس.
في المقابل، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية أورين مارمورشتاين في بيان “إن الضغوط الخارجية لن تُحيد إسرائيل عن مسارها في الدفاع عن وجودها وأمنها ضد الأعداء الذين يسعون إلى تدميرها”، وذلك بعد إعلان لندن تعليق مفاوضات التجارة الحرة مع إسرائيل واستدعاء السفيرة الإسرائيلية تسيبي هاتوفيلي.
يأتي ذلك غداة صدور بيان مشترك حذّر فيه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسا الوزراء البريطاني كير ستارمر والكندي مارك كارني من أنهم لن يقفوا “مكتوفي الأيدي” إزاء “الأفعال المشينة” لحكومة نتانياهو في غزة، ملوّحين بـ”إجراءات ملموسة” إذا لم تبادر إلى وقف عمليتها وإتاحة دخول المساعدات.
والثلاثاء أعلنت الأمم المتحدة أنها تلقت من إسرائيل ضوءا أخضر لإدخال “نحو 100 شاحنة” مساعدات إلى قطاع غزة المحاصر والذي يتضور أهله جوعا، إنما من دون تحديد موعد دخولها.
لاحقا الثلاثاء، أعلنت إسرائيل دخول 93 شاحنة أممية محمّلة مساعدات إنسانية تشمل الطحين وأطعمة للأطفال ومعدات طبية وأدوية إلى قطاع غزة من معبر كرم أبو سالم.
بعد منعها دخول أي مساعدات إلى القطاع مدى أكثر من شهرين، سمحت إسرائيل الإثنين بدخول عشر شاحنات على الأقل محمّلة مساعدات أممية وأطعمة للأطفال، وهو ما وصفه منسّق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة توم فليتشر بأنه “قطرة في محيط” الاحتياجات في القطاع الفلسطيني.
وكان وزراء خارجية 22 دولة، من بينها فرنسا وألمانيا وبريطانيا وكندا واليابان وأستراليا، طالبوا الإثنين إسرائيل بـ”السماح مجددا بدخول المساعدات بشكل كامل وفوري” تحت إشراف الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، معتبرين أن سكان القطاع “يواجهون المجاعة وعليهم الحصول على المساعدات التي هم بأمس الحاجة لها”.
– “قصف وجوع ومعاناة” –
أعلنت حكومة نتانياهو الإثنين أنها تعتزم السيطرة على “كامل” أراضي غزة، بعد تكثيف جيشها غاراته الجوية وعملياته البرية في القطاع الفلسطيني المحاصر بهدف زيادة الضغط على حركة حماس للإفراج عن الرهائن الذين ما زالت تحتجزهم منذ اندلاع الحرب في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
من بين 251 رهينة خطفوا خلال هجوم غير مسبوق شنّته حماس على جنوب إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، لا يزال 57 في غزة بينهم 34 قال الجيش الإسرائيلي إنهم قتلوا.
في مخيم النصيرات في وسط القطاع، حيث تجمع الأهالي قرب محطة الوقود التي تم استهدافها فجرا، قال محمود اللوح “محطة الوقود هذه كانت تؤوي عائلتين. أسفرت (الغارة) عن سقوط نحو 15 شهيداً بعضهم تم انتشاله والبعض الآخر لا يزال تحت الأنقاض”.
وأضاف “استيقظنا في الليل على صوت القصف وجئنا لنرى عائلة بأكملها تم مسحها من السجل المدني”.
أما يونس أبو عمشة فوصل إلى المستشفى الأهلي العربي لوداع أقاربه الذين فقدهم في إحدى الغارات.
وقال “كلهم أطفال ونساء ينامون في أمان الله ولا أحد منهم مطلوب وكلهم أطفال ونساء احترقوا ومُزقوا أشلاء”.
في مدينة غزة، قالت دعاء الزعانين بعدما قُتل أقارب لها بضربة على مدرسة تؤوي نازحين أوقعت وفق الدفاع المدني ثمانية قتلى “الأمور على حالها منذ عام ونصف العام، قصف وجوع ومعاناة، لم نعد نتحمّل”.
ردا على سؤال لوكالة فرانس برس بشان القصف، قال الجيش الإسرائيلي إنه “ضرب إرهابيا من حماس كان يعمل من مركز قيادة”.
وأكد الجيش في بيان أنه ضرب أكثر من “مئة هدف إرهابي” في غزة في الساعات الأربع والعشرين الماضية.
وقال نتانياهو الإثنين في شريط مصوّر إن “القتال شديد ونحن نحقق تقدما. سوف نسيطر على كامل مساحة القطاع… لن نستسلم. غير أن النجاح يقتضي أن نتحرك بأسلوب لا يمكن التصدي له”.
ويُصر نتانياهو على عدم إنهاء الحرب من دون “القضاء بشكل كامل على حماس” التي ترفض تسليم سلاحها أو التخلي عن الحكم في القطاع.
وترفض حماس الشروط الإسرائيلية وتشترط وقف الحرب وانسحاب إسرائيل بالكامل من القطاع للإفراح عن الرهائن.
وأعلنت إسرائيل مساء الثلاثاء أنها طلبت من كبار مفاوضيها في الدوحة العودة مبقية على فريق صغير فيها
وفي وقت سابق الثلاثاء، وصف رئيس الوزراء القطري في افتتاح منتدى قطر الاقتصادي في الدوحة، تصعيد إسرائيل لعملياتها في غزة بأنه سلوك “عدواني” يؤدي الى تقويض جهود السلام في القطاع.
وقال الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني إن المفاوضات في الدوحة خلال الأسبوعين الماضيين “لم تفض إلى أي شيء حتى الآن، لوجود فجوة جوهرية بين الطرفين”.
من جهتها، اعتبرت حماس أن “استمرار تواجد الوفد الصهيوني المرسل إلى الدوحة، رغم ثبوت افتقاره لأي صلاحية للتوصّل إلى اتفاق، محاولة مكشوفة من نتانياهو لتضليل الرأي العام العالمي، والتظاهر الكاذب بالمشاركة في العملية التفاوضية، إذ يواصل تمديد إقامة وفده يوما بيوم دون الدخول في أي مفاوضات جادة، حيث لم تُجرَ أي مفاوضات حقيقية منذ يوم السبت الماضي”.
كذلك اعتبرت الحركة أن “اتساع دائرة المواقف الدولية الرافضة للعدوان والحصار، وآخرها من عدّة دول أوروبية، يُعدّ إدانة جديدة لسياسات الاحتلال ودعمًا متزايدًا لمطالب شعبنا العادلة”.
– “غير مبرر أخلاقيا” –
اعتبر وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي الثلاثاء في كلمة أمام مجلس العموم أن التصعيد في غزة “غير مبرر أخلاقيا، وغير متناسب إطلاقا وذو نتائج عكسية”.
وتابع “تُخلّف هذه الحرب جيلا من الأيتام ومن (ضحايا) الصدمات النفسية بما يجعهلم مهيّأين للتجنيد على يد حماس”.
وحضّت السويد الاتحاد الأوروبي على فرض عقوبات على “بعض من الوزراء الإسرائيليين” الداعمين “للاستيطان المخالف للقانون”، مندّدة بـ”مواصلة الحكومة الإسرائيلية مفاقمة الوضع”.
وحذّر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية الإثنين من خطر المجاعة في قطاع غزة حيث يوجد “مليونا شخص يتضورون جوعا” هناك.
أسفر هجوم السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 عن مقتل 1218 شخصا، غالبيتهم من المدنيين وفقا لتعداد أجرته وكالة فرانس برس بالاستناد إلى بيانات رسمية إسرائيلية.
ومنذ بدء الحرب بلغ عدد القتلى في غزة 53573، وفقا لأحدث حصيلة أوردتها وزارة الصحة التابعة لحماس، بينهم 3340 شهيدا على الأقل منذ استئناف إسرائيل ضرباتها في 18 آذار/مارس.