دجوار احمد اغا: ماهية علم الجيوفيزياء

دجوار احمد اغا: ماهية علم الجيوفيزياء

دجوار احمد اغا
المدخل
الإنسان بفطرته كائن فضولي، يسعى دوماً لمعرفة كل ما يدور حوله من ظواهر طبيعية يتعرض لها، كالزلازل والبراكين والتسونامي “موجات البحر العالية” والأعاصير والفيضانات التي تُشكل خطراً متزايداً يُهجّد وجوده. كما أن الانسان سعى من أجل استخراج ما في باطن الأرض من موارد طبيعية ليستفيد منها في توفير حياة آمنة ولائقة له من خلال تأمين الوقود للتدفئة وغيرها. يُعتبر علم “الجيوفيزياء” الفرع الرئيسي لعلوم الأرض. حيث يقوم بدراسة باطن الأرض (الثروات المعدنية، المياه الجوفية، الصخور، الغازات وغيرها)، كذلك المحيطات والبحار، وطبقات الغلاف الجوي وحتى الفضاء القريب من خلال علم الفيزياء. أي أنه علم شامل يقوم على العديد من العلوم كعلم الفلك، علم البيئة، الكواكب، الجيولوجيا الذي هو فرعه الرئيسي كما أسلفنا، الأرصاد الجوية والمحيطات. من يختصون بهذا العلم يطلقون على أنفسهم أسم “علماء جيوفيزيائيون”.
تعريف الجيوفيزياء
لأن هذا العلم يُركّز على معرفة البنى الجيولوجية تحت سطح الأرض ممن خلال خصائصها الفيزيائية، يمكننا تعريفه على الشكل التالي:
“علم يقوم بدراسة وتحليل الخصائص الفيزيائية للبنى الجيولوجية في باطن الأرض وما يحيط بها. أي أنه يقوم بدراسة الاختلافات والتباين الموجود بين مختلف البنى الجيولوجية في أعماق الأرض. فعلى سبيل المثال عندما يقوم بدراسة طبقات الصخور، يحدّد قوة ودرجة خصائصها الفيزيائية (المغناطيسية، المقاومة الكهربائية، التوصيل الحراري، شدّة جاذبيتها، وغيرها).
تاريخ وتطوّر هذا العلم
يعود تاريخ علم الجيوفيزياء الى حوالي 1000 عام قبل الميلاد، حيث أعتبر البابليون أن الماء هو منشأ العالم. كما أنه هناك البعض من الروايات المصرية التي تُشير الى أن أصل العالم هو الماء. هناك في التاريخ القديم بعض المحاولات التي قام بها فلاسفة وعلماء لمعرفة الأرض والظواهر الطبيعية، فنرى مثلاً أن الفيلسوف اليوناني “أمبيدوكليس” 490 / 430 ق.م سعى لتفسير ظاهرة البراكين لأول مرة، حيث كان يعتقد أن العالم يتكون من 4 قوى أساسية وهي: (الأرض، النار، الماء، الهواء) لذا كان يعتقد أن البراكين هي نتاج النار بينما الهواء يلعب دور رئيسي في حدوث الزلازل والبراكين ايضاً.
 بينما ذهب الفيلسوف والشاعر الروماني “تيتوس لوكريتيوس كاروس” 99 / 55/ ق.م الى اعتبار “جبل إتنا” البركاني عبارة عن مكان أجوف ممتلئ بالنار وتحركه الرياح الموجودة على سطح الأرض.
أما تطور هذا العلم فيعود بالدرجة الأولى الى سببين رئيسيين وهما:
الأول قديم يعود الى الفضول الذي يكتنف النفس البشرية في معرفة مكونات كوب الأرض الذي يعيش عليه والتعمّق في فهم حقيقة أسباب حدوث الكوارث الطبيعية التي تُشكّل خطراً عليه وتُهدّد وجوده.
الثاني حديث اقتصادي يكمن في مسألة استغلال الموارد الطبيعية الموجودة في باطن الأرض مثل النفط، الفحم الحجري، مصادر المياه وغيرها.
مدى أهمية الجيوفيزياء
تكمن أهمية هذا العلم في معرفة أسرار وخفايا كوكب الأرض سواء الباطنية والسطحية أو ما يحيط به، وبالتالي استمرار الحياة عليه، فهو يهتم كما ذكرنا سابقاً بالدرجة الأولى بدراسة باطن الأرض وكذلك ما يحيط بها أي الغلاف الجوي. هذه الأمور المهمة جداً لاستمرار كوكب الأرض في الحياة، فمثلاً التغيرات الكبيرة التي حصلت وتحصل على مستوى المناخ في العالم أجمع ينبأ بخطر شديد يحدق بالأرض. الارتفاع المستمر في درجات الحرارة التي تؤدي بالتالي الى ذوبان الجليد. وربما مستقبلاً تشهد الارض انهيارات كبيرة في بنيتها نتيجة هذه الحرارة الهائلة المنبعثة من سطحها. نذكر أيضا ثقب الأوزون الذي سبب الكثير من التغيرات المناخية والبيئية بشكل عام.
 أبرز الاستخدامات
علم الجيوفيزياء؛ له عدة استخدامات وفي العديد من المجالات، منها ما يساهم في معرفة التغيرات التي تطرأ على بنية الأرض والظواهر الطبيعية التي تحدث وكيفية التنبؤ بحدوثها لتجنب أخطارها، مثال: رصد الزلازل والبراكين، الكشف عن المعادن، متابعة التغيرات في الغلاف الجوي، وغيرها. وهناك ما يمس حياة الانسان ويساعد على تأمين احتياجاته الأساسية خاصة الوقود والمواد التي تساعد في بناء البنية التحتية. على سبيل المثال مسألة التنقيب عن الثروات الباطنية خاصة النفط والغاز ومراقبتها، الكشف عن طبقات الصخور من أجل تشييد المباني والجسور والأنفاق، الكشف عن أحواض المياه الجوفية، وغيرها.
فروع علم الجيوفيزياء
علم الجيوفيزياء يتفرّع الى فرعيين رئيسيين وهما:
جيوفيزياء داخلية
تقوم بدراسة سطح الأرض وتربتها ومنها هناك تخصصات مثل الجيوفيزياء البترولية، الجيوفيزياء الاستكشافية، التنقيب والبحث عن المعادن والنفط والغاز. أي عملياً كل ما يتعلق بالكرة الأرضية.
جيوفيزياء خارجية
 تهتم بدراسة علم المناخ والبيئة والأرصاد الجوية والغلاف الجوي وتأثيراتها على الأرض. أي كل ما يحيط بالأرض من غازات وغيرها.
الطرق الجيوفيزيائية
علم الجيوفيزياء يقوم بالأساس على الدراسات والأبحاث والتنقيب والمراقبة، وهذه الأعمال تتطلب طرق معينة للقيام بها. أهم الطرق التي يمارس هذا العلم من خلالها أعماله هي:
الجاذبية، الكهربائية، الحرارية والإشعاعية، السيزمولوجية (الزلزالية)، المغناطيسية.
بعض فوائد هذا العلم
يتميز هذا العلم بالعديد من الفوائد التي تعود على الكرة الأرضية وكذلك على الإنسان. نذكر منها على سبيل الذكر وليس الحصر:
– يقوم باستخدام تقنيات دقيقة لا تسبب أي ضرر للبيئة والبشر ويمكن استخدامها في المدن وكذلك في اكتشاف المواقع الأثرية من دون أي تخريب أو تدمير.
– كفاءتها عالية وهي تساعد على دراسة مساحات واسعة الأراضي الموجودة في الطبقة السطحية من الأرض.
– لا تُكلّف الكثير من الأموال كونها لا تتطلب آلات حفر وتنقيب ثقيلة إنما تقوم فقط بإجراء مسح ودراسة الأراضي مما يساعد على القيام بعملها بأقل التكاليف.
أوفي الختام يمكننا القول بأن هذا العلم من علوم الأرض له أهمية بالغة في حياتنا اليومية وحياة كوكبنا الذي نعيش عليه والكون برمته. لذا من الواجب علينا أن نتعرف عليه بشكل أوسع ونستفيد منه. وهو بالمناسبة سهل المنال ويستطيع القارئ التعمق في دراسته ومعرفة جوانبه بشكل سلس وسهل للغاية.