“أوقفوا حرب غزة”.. رسالة الألف عسكري تعصف بإسرائيل

القدس/ عبد الرؤوف أرناؤوط/ الأناضول
استيقظت إسرائيل، الخميس، على عاصفة عسكرية سياسية، إثر نشر نحو 1000 عسكري متقاعد وعامل بسلاح الجو رسالة تدعو إنهاء الحرب المستمرة على قطاع منذ أكثر من عام ونصف.
الموقعون على الرسالة، وبينهم قادة كبار متقاعدون، أكدوا أنه “في الوقت الحالي، تخدم الحرب بشكل أساسي المصالح السياسية والشخصية (لرئيس الوزراء بنيامين نتيناهو)، وليس المصالح الأمنية”.
والخميس، قالت صحيفة “هآرتس” العبرية إن “رئيس الأركان إيال زامير وقائد سلاح الجو تومر بار قررا تسريح (فصل) عسكريي الاحتياط العاملين الذين وقعوا الرسالة”.
وأضافت أن الجيش أفاد بأن “معظم الموقعين ليسوا في الخدمة الفعلية. لكنه لم يكشف عن عددهم بدقة”.
ومنذ يومين، كان معروفا مضمون الرسالة، التي عدتها هيئة البث (رسمية) “عصيانا داخل الجيش”.
لكن تجرؤ العسكريين على نشرها علنا مثّل صدمة لقيادة الجيش الإسرائيلي، وخاصة سلاح الجو.
وخشية من تداعياتها، حاول قائد سلاح الجو، خلال الأيام الماضية، ثني الموقعين على الرسالة عن نشرها، ولكن دون جدوى.
** محاولة فاشلة
صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية قالت إن “الرسالة أثارت قلق كبار مسؤولي الجيش والدولة حتى قبل نشرها، نظرا لطبيعتها السياسية”.
وأضافت: “التقى اللواء بار بعدد من كبار ضباط الاحتياط في سلاح الجو، وبينهم قادة القوات الجوية السابقون إليعازر شقيدي ودان حالوتس وعيدو نحوشتان، بحضور رئيس الأركان إيال زمير، في محاولة لإقناعهم بعدم نشر الرسالة”.
وتابعت أن “الهدف من مشاركة رئيس الأركان في الاجتماع هو إظهار دعمه لقائد القوات الجوية”.
غير أن الرسالة نُشرت صباح الخميس، وتناولتها كافة وسائل الإعلام، بما فيها هيئة البث.
** احتمال انضمام المزيد
وحسب القناة “14” العبرية، فإنه من أصل نحو 1000 عسكري وقعوا الرسالة، يوجد 90 عسكريا من الاحتياط العاملين، وقد توجهت إليهم الأنظار، لأن البقية متقاعدون.
وقالت “يديعوت أحرونوت”: “وفق فحوصات أولية أجراها الجيش، فإن 10 من الموقعين هم من جنود الاحتياط العاملين- معظمهم من المتطوعين- والبقية سابقون أو متقاعدون”.
وتابعت: “العشرات من أفراد الخدمة العاملين سحبوا توقيعاتهم في اليومين الماضيين، بعد محادثات مع قادة الأفرع”.
واستدركت: “لكن سلاح الجو لا يستبعد انضمام العشرات من أفراد الخدمة العاملين الآخرين إلى الرسالة، وسيرى كيف تتطور الأمور”.
** مشكلة ثقة كبيرة
و”في الساعات الأخيرة، كان سلاح الجو يفحص قائمة الطيارين وأطقم الطائرات والأفراد العاملين على الأرض الذين وقعوا الرسالة”، وفق صحيفة “معاريف” العبرية.
وتابعت: “يقول الجيش إن الرسالة لها محتوى سياسي، وبالتالي لن يتمكن أولئك الذين وقعوا عليها من الاستمرار في الخدمة”.
الصحيفة أردفت: “يلاحظ سلاح الجو أنه من بين الموقعين لا يوجد سوى عدد قليل جدا من جنود الاحتياط العاملين، فلم يعد معظم الموقعين يشاركون في الخدمة بسبب تقدمهم في السن”.
ونقلت عن مسؤول في الجيش لم تسمه إن “الرسالة تقوض شرعية استمرار القتال في غزة، لذلك، لا يمكن لمن وقع عليها الاستمرار (في الخدمة)”.
كما نقلت إذاعة الجيش عن مصدر أمني لم تسمه: “كل مّن يوقع على شيء كهذا لديه مشكلة فقدان ثقة كبيرة في قائد سلاح الجو ورئيس الأركان والمهام التي يتلقاها، ومن الصعب جدا أن يستمر في الخدمة”.
** قادة كبار
وبين الموقعين على الرسالة القائد الأسبق لأركان الجيش الفريق (احتياط) دان حلوتس، والقائد الأسبق لسلاح الجو اللواء (احتياط) نمرود شيفر، والرئيس الأسبق لسلطة الطيران المدني العقيد (المتقاعد) نيري يركوني.
وكذلك الرئيس السابق لقسم الموارد البشرية بالجيش اللواء (متقاعد) غيل ريغيف، والعميد (متقاعد) في سلاح الجو ريليك شافير، والعميد (متقاعد) في السلاح نفسه أمير هاسكل، والعميد (متقاعد) عساف أغمون.
وتصدرت الرسالة جميع وسائل الإعلام الإسرائيلية، في وقت تواصل فيه إسرائيل، بدعم أمريكي مطلق، شن حرب إبادة جماعية على غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وكتب العسكريون في رسالتهم، التي اطلعت عليها الأناضول: “نحن، مقاتلو الطاقم الجوي في الاحتياط والمتقاعدين، نطالب بعودة المختطفين (الأسرى الإسرائيليين) إلى ديارهم دون تأخير، حتى على حساب الوقف الفوري للأعمال العدائية” أي الحرب.
وأسفرت الإبادة الإسرائيلية في غزة عن أكثر من 166 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.
وتقدر تل أبيب وجود 59 أسيرا إسرائيليا بقطاع غزة، منهم 24 على قيد الحياة، بينما يقبع في سجونها أكثر من 9500 فلسطيني، يعانون تعذيبا وتجويعا وإهمالا طبيا، أودى بحياة العديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية.
وأكد الموقعون أن “استمرار الحرب لا يسهم في تحقيق أي من أهدافها المعلنة، وسيؤدي إلى قتل المختطفين وجنود الجيش والمدنيين الأبرياء، فضلا عن استنزاف قوات الاحتياط”.
وتابعوا: “كما ثبت في الماضي، فإن التوصل إلى اتفاق وحده كفيلٌ بإعادة الرهائن سالمين، بينما يؤدي الضغط العسكري بالأساس إلى قتلهم وتعريض حياة جنودنا للخطر”.
وفي 1 مارس/ آذار 2025 انتهت المرحلة الأولى من اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى بين “حماس” إسرائيل بدأ سريانه في 19 يناير/ كانون الثاني 2025، بوساطة مصرية قطرية ودعم أمريكي، والتزمت به الحركة الفلسطينية.
لكن نتنياهو، المطلوب للعدالة الدولية، تنصل من بدء مرحلته الثانية، واستأنف الإبادة الجماعية بغزة في 18 مارس/ آذار الجاري، استجابة للجناح الأشد تطرفا في حكومته اليمنية، وفق إعلام عبري.
ودعا الموقعون على الرسالة “جميع مواطني إسرائيل إلى المطالبة، في كل مكان وبكل الطرق، بإيقاف القتال وإعادة جميع المختطفين الآن”.
وتحاصر إسرائيل غزة للعام الـ18، وبات نحو 1.5 مليون من مواطنيها، البالغ عددهم حوالي 2.4 مليون فلسطيني، بلا مأوى بعد أن دمرت حرب الإبادة مساكنهم، ودخل القطاع مرحلة المجاعة؛ جراء إغلاق تل أبيب المعابر بوجه المساعدات الإنسانية.