الكيان المرفوض: نواجه أخطر أزمة دبلوماسية عالمية منذ تأسيسنا، والأصدقاء تخلو عنا.. الاحتلال يهاجم عشرين دبلوماسيًا أجنبيًا في جنين.. الاتحاد الأوروبي يفكر في إلغاء اتفاق التجارة الحرة.. وزير خارجية فرنسا: إسرائيل جعلت غزة مقبرة.

الناصرة – “رأي اليوم” – من زهير أندراوس:
أقرّت محافل إسرائيليّة سياسيّة رفيعة أنّ دولة الاحتلال تعيش تسونامي دبلوماسيّ وسياسيّ دوليّ خطير جدًا، وأنّ العزلة الدوليّة التي تُعاني منها بسبب المجازر الفظيعة التي يرتكبها جيش الاحتلال على مدار الساعة في قطاع غزّة، هي أخطر أزمة سياسيّة تشهدها إسرائيل منذ إقامتها في العام 1948.
وقالت القناة الـ 12 بالتلفزيون العبريّ في تقريرٍ حصريٍّ بثته ليلة أمس الأربعاء إنّه خلال أسابيع معدودة وحتى أيّامٍ انقلبت العديد من الدول، ومنها الدول الغربيّة التي تُعتبر من أصدقاء إسرائيل التقليديين، وباتت مواقفها معادية، فيما شدّدّت هذه الدول من حدّة لهجتها في الانتقادات ضدّ سياسة حكومة بنيامين نتنياهو في قطاع غزّة، على حدّ تعبيرها.
في السياق، أظهرت مقاطع مصوّرة دبلوماسيين من نحو عشرين دولة وهم يفرّون للاختباء خلال زيارة لمدينة جنين في الضفة الغربية يوم أمس الأربعاء، بعدما أطلق جنود إسرائيليون النار لتحذيرهم.
ولم تُسجَّل إصابات في الحادث، وقالت وزارة الخارجية الفلسطينيّة إنّ الوفد ضمّ دبلوماسيين من بريطانيا وكندا وفرنسا وإيطاليا والصين وروسيا والاتحاد الأوروبيّ، كما ضمّ الوفد ممثلين عن الأردن ومصر والمغرب وإسبانيا والهند ودولٍ أخرى.
وأقرّ الجيش الإسرائيليّ بأنّ جنوده أطلقوا طلقات، زعَم أنّها تحذيرية، بعدما “انحرف” الدبلوماسيون عن المسار المتفق عليه للجولة في شمالي الضفة الغربيّة، وبحسب مصادر سياسيّةٍ رفيعةٍ فإنّه من المرجح أنْ يزيد هذا الحادث التوتر في العلاقات بين إسرائيل وجزءٍ كبيرٍ من المجتمع الدوليّ، وسط انتقاداتٍ متزايدةٍ لإدارة إسرائيل لحرب غزة وطريقة تعاملها مع الفلسطينيين.
إلى ذلك، أعلن وزير الخارجية البريطانيّ ديفيد لامي يوم الثلاثاء أنّ بريطانيا ستُعلِّق مفاوضات اتفاقية التجارة الحرّة مع إسرائيل وستتخذ إجراءات عقابية أخرى، بما في ذلك فرض عقوبات على مستوطني الضفة الغربية، ردًا على سياسات إسرائيل في زمن العدوان على غزّة.
جاء هذا الإعلان عقب تصريحات أدلى بها رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في وقتٍ سابقٍ قال فيها إنّه مذعور من الحملة البريّة الموسعة التي تشنها إسرائيل في غزة، كما استدعى وزير شؤون الشرق الأوسط هاميش فالكونر سفيرة إسرائيل لدى بريطانيا إلى وزارة الخارجية والكومنولث والتنمية ردًا على التوسع غير المتناسب على الإطلاق للأنشطة العسكرية في غزة.
تصاعد الغضب الدوليّ
وتأتي خطوات بريطانيا وسط تصاعد الغضب الدوليّ تجّاه إسرائيل بسبب سلوكها خلال عدوانها على قطاع غزة، والذي تصاعد بشكلٍ كبيرٍ بسبب حظر المساعدات وعقب بدء الجيش الإسرائيلي هجومًا بريًا واسعًا خلال نهاية الأسبوع.
وفي وقتٍ متأخرٍ من مساء الاثنين، هدد ستارمر، رئيس الوزراء البريطاني، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء الكندي مارك كارني، في بيانٍ مشتركٍ باتخاذ إجراءاتٍ ملموسةٍ ضدّ إسرائيل إذا رفضت وقف حملتها العسكريّة وتلبية الحاجة إلى المساعدات، قائلين إنّ الإمدادات الضئيلة التي سمحت بها إسرائيل يوم الأحد “غير كافية على الإطلاق”.
الاتحاد الأوروبي قد يُوجِّه الضربة التالية
في ضربةٍ اقتصاديّةٍ محتملةٍ أخرى، وافق شريك إسرائيل التجاريّ الأول، الاتحاد الأوروبيّ، يوم الثلاثاء، على مراجعة اتفاقية التعاون مع الكيان بسبب انتهاكات حقوق الإنسان في غزة، حسبما صرحت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس.
وقالت كالاس إنّ بروكسل اتخذت الخطوة بعد أنْ أيدتها أغلبية كبيرة من دولها الأعضاء الـ 27 في اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبيّ، كان من المقرر أنْ يراجع خلاله مجلس الشؤون الخارجيّة اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبيّ وإسرائيل، التي تنظم العلاقات بين إسرائيل والهيئة الأوروبيّة.
وقالت كالاس للصحفيين بعد الاجتماع: “ما يعنيه ذلك هو أنّ الدول ترى أنّ الوضع في غزة لا يمكن تحمله، وما نريده هو مساعدة الناس حقًا، وما نريده هو رفع الحظر عن المساعدات الإنسانيّة حتى تصل إلى الناس”.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو متطرقًا إلى إمكانية تعليق الاتفاقية إنّ “هولندا اقترحت إعادة النظر في اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل. وقد أيّدنا هذه المبادرة وأدعو ممثلي الاتحاد الأوروبيّ إلى دراستها، ومعالجة هذا المطلب، وتحديد ما إذا كانت إسرائيل تفي بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان أم لا”.
وردًا على سلوك إسرائيل في غزة، قاد وزير الخارجية الهولندي كاسبر فيلدكامب مبادرة تطالب بمراجعة الاتفاقية التي تنص على أنّ التعاون بين الاتحاد الأوروبيّ وإسرائيل “يجب أنْ يقوم على احترام حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطيّة”.
وقال بارو لإذاعة (فرانس إنتر): “الوضع غير مقبول لأنّ العنف الأعمى وعرقلة المساعدات الإنسانية من قبل الحكومة الإسرائيلية حوّلت غزة إلى أرض موت، إنْ لم تكن مقبرةً”، ووصف الحملة العسكريّة الإسرائيليّة بأنّها انتهاك صارخ لجميع قواعد القانون الدولي، لأنّ مَنْ يزرع العنف يحصد العنف”.
وفي الختام لا بُدّ من السؤال: أين الأنظمة العربيّة والإسلاميّة، والمُطبّعة منها على وجه التحديد؟ ماذا يجِب أنْ يجري حتى تتحرّك هذه الأنظمة نصرةً للحقّ الفلسطينيّ ووقف المجازر الجماعيّة التي ترتكبها “حليفتهم” إسرائيل ضدّ الفلسطينيين لكونهم عربًا؟