فيلم “كان يا ما كان في غزة” يُعرض في مهرجان كان السينمائي ويعكس واقع الحياة المأساوية في غزة.

لندن-راي اليوم
في حدث بارز ضمن فعاليات مهرجان كان السينمائي، تم عرض فيلم “كان يا ما كان في غزة” من إخراج الأخوين عرب وناصر طرزان، وهو عمل درامي يعكس واقع حياة شاب فلسطيني يدعى يحيى، حيث يندفع في عالم تجارة المخدرات بعد أن فقد الأمل في مستقبله، لتتحول حياته إلى دوامة من المعاناة والاضطرابات.
تدور أحداث الفيلم عام 2007، في قطاع غزة وأماكن أخرى، ويرصد العلاقة التي تنشأ بين يحيى ورجل يُدعى أسامة، صاحب مطعم يتمتع بكاريزما عالية، حيث يتفقان على بيع المخدرات متخفين أثناء توصيل ساندويتشات الفلافل. غير أن الأمور تأخذ منحىً خطيراً مع تدخل شرطي فاسد يبتزهما ويزيد من تعقيدات حياتهما.
اختار المخرج عرب ناصر أن يسلط الضوء على تلك الفترة بعد سيطرة حركة حماس على قطاع غزة، واصفاً إياها بـ”التحول القاتل” وبداية مرحلة “سوداء من العزلة والحروب والعقاب الجماعي”، في إشارة إلى ما عاناه القطاع من حصار وأحداث مأساوية.
عرض الفيلم ضمن المسابقة الرسمية الثانية “نظرة ما” في الأسبوع الثاني من مهرجان كان السينمائي، حيث استُقبل بحفاوة كبيرة وتصفيق حار من الجمهور، وامتلأت قاعة العرض بالمشاعر الجياشة التي وصلت إلى دموع الحاضرين الذين نادوا بصوت عالٍ دعمًا لغزة.
وفي خطاب مؤثر، وجه الأخوان طرزان الشكر لكل من ساهم في إنتاج الفيلم، مستعرضين معاناة غزة الحديثة، وقالا: “لا توجد كلمات تكفي للتعبير عن مشاعرنا كغزيين. مرت أكثر من سنة ولا تزال غزة تتعرض لأبشع وأفظع إبادة جماعية في التاريخ الحديث”. وأشارا إلى قصة فاطمة حسونة، المصورة الفلسطينية التي فقدت حياتها، مؤكّدين أن آلاف مثلها سقطوا في ظل هذا النزاع، وأن الصمت تجاه هذه الجرائم يُعد جريمة أخرى.
وأضافا: “نأمل أن تنتهي هذه الإبادة الجماعية قريباً. لدينا شقيقان نجيا مؤخراً وخرجا من شمال غزة، وهو المكان الذي لم يغادراه منذ بداية الحرب. التفاصيل مروعة، ولكن يومًا ما سيتوقف هذا العنف، وسيكون هناك حساب كبير للإنسانية”.
شهد عرض الفيلم حضورًا لافتًا من المواهب العربية ومختلف المشاركين في الإنتاج الذين لعبوا دورًا محورياً في تقديم هذا العمل السينمائي إلى الجمهور العالمي.
تميز الفيلم بإخراج فني عالي المستوى، حيث أبدع الأخوان طرزان وناصر في استغلال تقنيات التصوير السينمائي، خاصة في تصوير شوارع وحارات غزة الضيقة والمكتظة. كما أضفيا لمسات إضاءة مبتكرة، استُخدمت بشكل خاص في مشاهد الحركة والعنف، مما أضفى على الفيلم أجواءً واقعية ومؤثرة.
يُذكر أن فيلم “كان يا ما كان في غزة” هو إنتاج دولي مشترك بين فرنسا وألمانيا والبرتغال وفلسطين، إلى جانب قطر والأردن. ويضم الفيلم طاقمًا متميزًا من الممثلين من بينهم نادر عبد الحي ورمزي مقدسي ومجد عيد، ما عزز من جودة العمل وأثره الفني.
هذا الفيلم لا يعد مجرد قصة درامية، بل هو شهادة حية على المعاناة الإنسانية في غزة، ويحمل رسالة قوية تدعو إلى التسامح والسلام ورفع الصوت ضد العنف والظلم.