كنز أمريكي سري قد يغير معالم مستقبل الطاقة بالعالم

كنز أمريكي سري قد يغير معالم مستقبل الطاقة بالعالم

لندن-راي اليوم
في عمق ولاية يوتا الأميركية، وتحديدًا تحت كهوف الملح الشاهقة، يُخفي باطن الأرض ثروة لا تقل أهمية عن الذهب أو النفط، بل يُنظر إليها على أنها “وقود المستقبل” — الهيدروجين النظيف.
هذا المورد الحيوي بات اليوم في صميم مشروع ضخم يحمل اسم “ACES Delta”، والذي يُعد أحد أكبر المبادرات العالمية لإنتاج وتخزين الهيدروجين النظيف على نطاق صناعي وتجاري. المشروع هو ثمرة تعاون بين شركتي Mitsubishi Power Americas وMagnum Development، ويعيد تعريف استخدام كهوف الملح، التي لطالما استُخدمت لتخزين الوقود الأحفوري، مثلما هو الحال مع الاحتياطي النفطي الاستراتيجي الأميركي.
من الطاقة المتجددة إلى كهوف الملح
بخلاف استخدامات الماضي، يقوم مشروع ACES Delta بتوليد الهيدروجين عبر تحليل الماء كهربائيًا باستخدام مصادر الطاقة المتجددة، ومن ثم يُخزن الهيدروجين في كهوف ملحية عميقة تقع أسفل منطقة دلتا في ولاية يوتا، وفقًا لتقرير نشره موقع “Eco Portal” واطّلعت عليه “العربية Business”.
ما إن يكتمل المشروع، سيُصبح أضخم منشأة من نوعها في العالم، بقدرة تخزين تصل إلى 11 مليون كيلوغرام من الهيدروجين، وهو ما يجعله خيارًا استراتيجيًا لتخزين الطاقة بكفاءة أعلى مقارنة بالبطاريات التقليدية، التي تعاني من قيود في المدى وطول عمر الاستخدام.
الهيدروجين.. ركيزة خضراء لمستقبل الطاقة
مع تصاعد الجهود العالمية لتقليل الانبعاثات الكربونية، يبرز الهيدروجين النظيف كأحد الحلول الأكثر فاعلية، خصوصًا في القطاعات التي يصعب فيها تقليل البصمة الكربونية، مثل النقل الثقيل والصناعات الثقيلة. وعلى الرغم من أن تكلفة إنتاجه من مصادر متجددة لا تزال مرتفعة مقارنة بالطرق التقليدية المعتمدة على الغاز الطبيعي، إلا أن قدرته على التخزين طويل الأمد تمنحه أفضلية كبيرة من حيث الكفاءة الاقتصادية والمرونة التشغيلية.
دعم حكومي واستثمارات ضخمة
يحظى المشروع بدعم كبير من الإدارة الأميركية، التي خصصت له 500 مليون دولار من الاستثمارات، إلى جانب مساهمات من كيانات مالية كبرى، مثل صندوق تقاعد معلمي أونتاريو (Ontario Teachers’ Pension Plan). كما يندرج المشروع ضمن خطة انتقالية لوكالة الطاقة Intermountain Power Agency، التي تعتزم إغلاق محطاتها العاملة بالفحم بحلول عام 2025، واستبدالها بوحدات تعتمد على الغاز الطبيعي والهيدروجين.
خطوة فارقة نحو مستقبل نظيف
قد لا يكون الهيدروجين هو “الكنز” التقليدي الذي يبحث عنه العالم، لكنه بلا شك هو المورد الذي يحتاجه الكوكب الآن في ظل تحديات المناخ والطاقة. مشروع ACES Delta لا يقتصر على كونه إنجازًا تقنيًا فريدًا، بل يمثل نقلة نوعية في سباق الانتقال إلى مستقبل طاقي نظيف ومستدام، قد يشكل ملامح مرحلة جديدة من الاقتصاد الأخضر العالمي.