يونس عودة: لميس الرحبي، الشاعرة العربية المعاصرة وأيقونة دير الزور

يونس عودة: لميس الرحبي، الشاعرة العربية المعاصرة وأيقونة دير الزور

يونس عودة
عيناك يا انتِ تمضي بي لتأخذني
ومادريت
بأحلام واسرار
اني كعشتارِ تلك الشمس تطلبني
مثل الولادة تلقاني بآثاري

لميس الرحبي، أيقونة دير الزور ومنارتها المتألقة في منطقة الميادين والمهجر. تحمل درجة الاقتصاد من جامعة حلب، اضافة الى كونها شاعرة وكاتبة من الطراز الاول. تتابع وتعقد الامسيات الشعرية، وتشرف على مهرجانات الشعر النوعية، وتشارك فيها في كثير من الولايات التركية، حيث تعتبر الشعر رسالة توعوية، لكل فئات المجتمع.
 تقلدت عدة مناصب رفيعة: امينة السر في الجمعية الدولية للشعراء العرب في اسطنبول،مديرة منظمة ورد البلد للمرأة السورية في تركيا، ومديرة صالون لميس الثقافي في اسطنبول.
اضافة لما سبق، ما فتئت تحصد الجوائز القيمة والمتميزة، فهي حاصلة على المركز الثالث في مسابقة البردة لعام 2021 في مدح خير البرية محمد بن عبدالله عليه افضل الصلاة واتم التسليم.
ما تحمله لميس من معرفة وثقافة موسوعية في مجال الشعر والادب، قد اهلها وبجدارة، لنيل الدكتوراة الفخرية رفيعة المستوى، ودرع السلام من أكاديمية السلام الدولية عام 2019.  ناهيك عن شهادات تقدير تترى من رابطة الشعراء العرب في مسابقة الدنيا عام 2014, 2019،2015.
تتجلى روعة الشاعرة الرحبي في كونها من اشد الناشطات في مجال حقوق المرأة، والسعي لافشاء السلام في كل بقاع العالم، ما أهلها لتتبوأ منصب مديرة مكتب المرأة للبيت الفراتي في اسطنبول. كما تحرص كثيرا على المشاركة الفاعلة في مؤتمرات دولية ومحلية تهم شؤون النساء السوريات بالذات. ولكن، ماذا عن انتاجها الادبي؟
مما صدر للشاعرة لميس من انتاج ادبي على سبيل السرد، لا الحصر:
ديوان ملامح النور
ديوان نبض الاميرة
ديوان الشال الاسود
ديوان شبيه الزهر، وغيرها الكثير، مما لا يسمح المجال بذكره هنا.
اما في مجال القصائد المنشورة، فهي لا تقل شأنا عن اهمية الدواوين لدى الرحبي: نشرت في مجلات ورقية والكترونية الكثير، وتفردت بعض المجلات بنشر انتاجها باستمرار كمجلة الهيكل الادبية، الرحى، مجلة قطوف ادبية ، وغيرها الكثير.

ولعل لدى القارىء العربي الرغبة في الغوص في حياة لميس ليقف على هذه الموهبة المتجذرة في الجزيرة الفراتية الجميلة باهلها، وشعرائها وشعرها الشعبي. فقد ابصرت النور في بيئة غنية بالمعرفة: فالاب والعم ورجالات العشيرة كلهم اصحاب قلم فياض بالشعر والادب والحكمة . استقت المعرفة من هذه الغراس  الطيبة، سكبت اجمل الابيات الوطنية عن قضية العرب : فلسطين: وسنها انذاك لا يتجاوز العشر سنوات. كبرت الفتاة الشاعرة وكبر حلمها، ونضجت معرفتها الشعرية، واصبحت تهدل الشعر المطبوع بكل سلاسة ويسر،كيف لا وهي شاعرة تطوع القوافي لتجني بلسما وترياقا يريح النفس والروح والجسد معا. ما يؤثر عن الشاعرة الفراتية :

-الشعر الحقيقي انعكاس لموهبة، ولصقلها فلا بد من القراءة والمطالعة المستمرة.
-لا يستوي الحظ مع الشعر، وان حدث، فهو فقاعة لا محالة زائلة.
-انتشار وسائل التواصل الكثيف يجمع الغث بالسمين، ولا بد من التمييز بينهما، وبالمحصلة، لا يبقى الا الافضل، فالبقاء دائما للاصلح.

فعلى الرغم من سعة اطلاعها وتمكنها من الانتاج النوعي، فهي ترحب باي نقد، سواء لاعمالها ام اعمال الغير، شريطة ان يكون نقدا بناء، وليس معول هدم شخصي. فهي تسترجع مراحل الشعر منذ القدم، وكيف ان سوق عكاظ كان قبلة الشعراء والنقاد، يتصدرهم النابغة الذبياني، علما بأن النقد ايامها كان في كثير من الاحيان يعتمد على ذوق المُحَكِّم. كما تعترف بان الشعر يمر في مراحل من الابداع والانخفاض، حاله كحال تخطيط القلب.
ومن وجهة نظر لميس ان اصل الشعر هو العمودي، ثم جاء شعر التفعيلة والاشعار الشعبية الفراتية، التي تحرك الوجدان وتمني النفس بالهدوء والراحة.

وتتجلى لميس في وصف الشعر قائلة انه محض احساس، ابتداء، وما عدا ذلك فهو نظم مفردات. لا تطعن في قصيدة النثر، فهي من وجهة نظرها قد اوقدت جذوة النقاش والجدل بين الشعراء وأهل الادب، ما منحها مكانا ومكانة في مصاف الاشعار الحديثة. ماذا يعني الوطن للشاعرة لميس الرحبي؟ هل هو مجرد بقعة ارض يباب؟ او جنة مخضرة معشوشبة؟

الوطن يعني الكثير للميس؛ هو اندماج بين عبقرية المكان والزمان والذكريات، ومرابع الطفولة البريئة ، وهو حضن الحنين الدائم . صاغت فيه، وله اجمل الاشعار باحساس مرهف متفرد، وكتبت للياسمين والزهور والاطيار.وكتبت عن دروب المدرسة، وأزقة القرية الجميلة التي تفوح منها ذكريات الجوار والنخوة وحماية الجار، وغيرها الكثير من العادات والتقاليد الجميلة. هل يمكن للكتاب الالكتروني ان يحل محل الكتاب الورقي؟

من وجهة نظر لميس ان الكتاب الورقي له خاصية يفتقدها الكتاب الالكتروني، فهنالك حميمية بين القارىء وبين الكتاب الورقي، وله الفة تماما كالمولود الجديد حين يضمه المرء الى صدره. وهنا لا بد من التذكير بدور المرأء في اشعار لميس.
المرأة في نظر لميس هي الوطن الذي نستظل بظله، وهو السماء التي درجنا تحتها خطواتنا الاولى، فمهما قيل في الوطن، يبقى المرء مقصرا في حقه.
وفي احدى المقابلات مع لميس، وردا على سؤال حول نشر دواوين كثيرة للشاعر، فهل ذلك  يرفع من مكانته الشعرية؟ اجابتها كانت: ليس بعدد الدواوين، ولا بكمية الشعر، فكم من شاعر قال القليل، وربما بضعة قصائد، فتجلى وبرز فوق اصحاب الدواوين الكثيرة؛ فالنوعية تعلو الكمية.
لا بد للبشر من متاعب يواجهونها، ولا بد من طرائق للتعامل معها. عند لميس، البحر هو الموئل الاساس لنسيان الهموم، ان حضرت، فامواجه تبتلع الاحزان والمشاكل ، لكنه قد يغدر احيانا.
في هذه الايام، ما فتئت تروج لمهرجان الشعر العربي تحت اشراف الجمعية الدولية للشعراء العرب، وذلك في دورته السابعة 2025 في اسطنبول: حزيران 21-22-23-  على مسرح كلية الالهيات / جامعة مرمرة -اسكودار
مهما قيل وسيقال في حق الأميرة الشاعرة والاديبة من اقوال، يبقى المرء عاجزا. ولعلنا في قادم الايام نتطرق الى المزيد النوعي من انتاجها الفكري.

*أكاديمي
سلطنة عُمان