شعر نور الدين برحيلة: أنفاس فجر الذبيح

شعر نور الدين برحيلة: أنفاس فجر الذبيح

 

شعر نورالدين برحيلة

كفى عويلًا… يا قيثارةَ الصمتِ اليتيم..
الفجرُ يتسلل  في ثوبِ الليلِ المتعبِ،
يُداعبُ أغصانَ روحِ ممزّقة،
 بـأناملٍ من ضياءٍ الرجاء،
ودمعَ الندى يترقرق
 على وريقاتِ سنديانة
تحتضر..

ما ماتَ منْ وهبَ قلبه للفراشاتِ،
لتُحلّقَ في فضاءِ الأمل..
كي تُغازلَ نجمًا بعيدا،
مسكونا بالألم..
ما ماتَ منْ نسجَ منْ خيوطِ الظلامِ،
نورًا يُغازلُ أنوثة المشكاةِ،
همسًا يُوقظُ عصفورَ الفجرِ
من عشقه الشجي،
ليُغنيَ لحنًا صادما،
يتمرَّدُ على أفولِ الشمسِ في الغسق.
أيتها النائحاتِ القبيحات،
أصواتُكنَّ تلامسُ حُطامَ النجومِ،
تُلقي بـظلالِ اليبابِ على بساتينِ الضباب..
لِمَ الحدادُ؟ لِمَ النياحُ؟ لِمَ السوادُ؟
والأمةُ نهرٌ يتدفقُ في عروقِ الخلود،
نهر عنيد ينحتُ الصخرَ بـصبرٍ جميل،
يُورِقُ في صحراءِ اليأسِ نخلًا من أملٍ أخضرَ..
الشهداءُ  عصافيرُ روحٍ تحلّقُ في سماءِ الفِداءِ،
فرحينَ بـنبيذِ الخلودِ، يرتشفونَ  سِرَّ البقاءِ..
 ليسوا عدما، بل عطرٌ يفوحُ من الوجود،
صوتٌ يُشعلُ قناديلَ الدروبِ،
بصمةُ ضوءٍ على جبينِ الغدر،
نغمةُ حُلْمٍ في تجاعيد البقاءِ.
كفى عويلًا…
الروحُ لا تموتُ،
 هيَ طيور
تُعانقَ كل يوم خيوطَ الفجرِ..
ما ماتَ منْ نثرَ بذورَ اليقينِ
 في تربةِ الشكِّ البئيس..
تزهر السنابل منْ أشعة الشفق..
في مروج النور الهاجم.
ما ماتَ منْ كانَ برزخا بينَ الموتِ والحياةِ،
همسةَ غياب تُعيدُ للوجودِ نشيد الصمود…
كفى عويلًا..
دعوا الوردةَ تُفصحُ عن عِطرِها،
والنجمةَ تُضيءُ دربَ التائهينَ،
دعوا الأنفاسَ تتشابكُ في صلاةٍ  الأملٍ الأبدي،
فالخلودُ ليسَ معيشا مزيفا، بل نحتِ  لا يذوب،
الخلود حُلْمٍ يُورِقُ في قلوبِ الأحرار لا العبيد..
حلم سرمدي لا يغيب..