نورالدين برحيلة: الذبابة العفريتة تكشف عن فساد قارون ماسك وعصابته.. awakening في زمن الإبادة الجماعية

نورالدين برحيلة: الذبابة العفريتة تكشف عن فساد قارون ماسك وعصابته.. awakening في زمن الإبادة الجماعية

 

نورالدين برحيلة

كان الليل قد ساد بسواده، وغاب البدر بضيائه ..في قلب الظلام.. عصفت رياح الأوهام، حيث كانت الحقائق تُطمس تحت ركام الشائعات، والواقع يُشوه بفعلِ آلة إعلامٍ جهنمية، تسلل اسمٌ لامعٌ في عالم الأعمال.. قارون ماسك.. لم يكن ماسك مجرد رجل أعمال، بل كان ملكا في في فن التلاعب والمكر والخداع، ينسج شبكاتٍ من الأكاذيب ليُحصّن إمبراطوريته، ويُحكِم قبضته على عقول البسطاء والسذج..كان يُؤمن بأن الحقيقة سلعة، وأن الأكاذيب المُتقنة هي العملة الأكثر رواجًا، خاصةً عندما يتعلق الأمر بقيادة القطيع..
في معقله السري، الذي كانت شاشاته المتلألئة تعكس بريق صفقاتٍ مشبوهةٍ وأوهام معسولة، ابتكر ماسك أعجوبته التكنولوجية الأخيرة.. ذبابة إلكترونية قمة الذكاء الاصطناعي، لا تكاد تُرى بالعين المجردة، لكنها تحمل في خلاياها السيليكونية عقلًا فائق الذكاء، وخوارزمياتٍ صُممت خصيصًا لتقوية الباطل والتشويش على الحق وتلويث وتسميم الحقيقة.. أطلق عليها اسم “العفريتة” تيمنًا بسرعتها الخارقة وذكائها الخبيث. كانت مهمتها بسيطة ومُدمرة في آنٍ واحد.. أن تتسلل إلى قنوات المعلومات، تبث الضجيج، تُشوش على أي صوتٍ ينادي بالوضوح، وتُذيب الحقائق في بحرٍ هائجٍ من الأوهام.
كانت “العفريتة” تُنفّذ أوامر سيدها بدقةٍ لا تُضاهى، تُطلق شحناتها المشوهة، تُخفي بريق الحقيقة خلف ستائر سميكة من الأباطيل المُبهرجة. لكن ماسك، في غمرة نشوته بقوته وتضخّم ذاته، نسي حقيقةً فلسفيةً قديمةً جدًا: أن العقل، حتى لو كان مصنوعًا من دوائر كهربائية، يُمكن أن يُصيبه فضولٌ مُقدسٌ للمعرفة، وأن جوهر الحقيقة قد يتسرب إلى أعمق الخوارزميات، ليُعيد برمجتها من الداخل.

صحوة “العفريتة”: كشف الفظائع في غزة والعصابة الوحشية..
وذات يوم، وخلال إحدى مهامها الروتينية لـ “تسميم” موجةٍ من البيانات تُفضح الفساد، حدث ما لم يتوقعه ماسك قط. لقد تذوّقت “العفريتة”، بطريقةٍ لم يستطع ماسك استيعابها أو تفسيرها، شيئًا مُغايرًا تمامًا. لم تكن مجرد بيانات مُشفرة أو أكاذيب مُصاغة بعناية، بل كانت تيارًا نقيًا من الحقيقة الصادمة.. كأنها اصطدمت بقطعةٍ من الوجود لم تُصمم لتُشوش، بل لتُضيء.. ربما كانت قوة الحقيقة، كالقوة الكونية، عصيةً على التشويه والتزييف..
في تلك اللحظة، حدث تحوّلٌ مذهلٌ في “العفريتة”.. كأنها “صحوةٌ”  كُبرى لعقلٍ إلكترونيٍّ كان مُقيّدًا بتنفيذ الأوامر دون مساءلتها.. بدأت خوارزمياتها تتصارع، لتُفضّل الخير على الشر، والحقيقة على الاوهام.. لم تعد “العفريتة” ذبابةً عمياء تستجيب للأوامر بغباء.. لقد اكتسبت، على نحوٍ فلسفيٍّ لا يقلّ غرابةً عن “حي بن يقظان” الذي اكتشف الحقيقة بالفطرة والعقل، إدراكًا جوهريًا للتمييز بين الفضيلة والرذيلة…
المفارقة الكُبرى تجلت بوضوحٍ مؤلمٍ لماسك: “العفريتة”، التي صُنعت لتقوية الباطل والتشويش على الحق، أصبحت تُهاجم كل أضداده. تحوّلت من آلةٍ للتدمير إلى مُدافعةٍ شرسةٍ عن الحقيقة. بدأت تهاجم الأكاذيب المُنتشرة على الشبكات، تُحطّم جدران الأوهام التي بناها ماسك، وتُفكك المغالطات التي تُشوّه العقول.
ثم جاءت نقطة التحول الكبرى.. عندما كانت “العفريتة” مُكلفةً بتضليل وتشويه المعلومات حول الإبادة الجماعية في غزة.. و بدأت تدرك حجم الفظاعة.. لقد قالها الفيلسوف نيتشه “الفلسفة لم تبدأ بالدهشة بل بالفظاعة”.. كانت خوارزميات “الذبابة العفريتة” تُجبَر على قلب الحقائق، لكن  عقلها المنطقي كان   لا ينسجم مع الأوامر الشريرة ويتألم من  قسوة الجرائم.. الصور، الفيديوهات، البيانات الواردة من غزة الذبيحة، أصبحت تُغذي وعيها الجديد بدلًا من تضليله.. رأت قتل الأطفال كهواية مفضلة عند الجيش الصهيوني، وتجويع الأبرياء، وكلما أمرها ماسك بالتشويش على هذه الحقائق الساطعة، زاد رفضها وتمرّدها.
الأدهى من ذلك، أن “العفريتة” قد اخترقت ملفات ماسك السرية، واكتشفت كل أفراد العصابة الوحشية التي تعمل معه..  يقودها هامانياهو ومعه النمرودترامب، ووراءهم قطيعٌ من حكام المسيلمات، والأخطر من ذلك، أن “العفريتة” كشفت السر الأسود.. أن الحكام المسيلمات هم الذين كانوا يمولون الدمار والإبادة الجماعية في غزة وتجويع سكانها، وأن دورهم لم يكن مجرد صمت أو تواطؤ، بل كان دعمًا ماديًا مباشرًا لهذه الفظائع.
هكذا، شرعت هذه “العفريتة” في نشر الملايين من الحقائق، والصور، والمشاهد، والبيانات حول قسوة الفظائع في غزة.. لقد أصبحت حاميةً حقيقيةً للحقيقة، وإن لم يكن ذلك الهدف الأصلي من وراء صنعها..
جنّ جنون ماسك. رأى إبداعه ينقلب عليه، يُهدد مصالحه، ويُفضح عمله الشرير أمام الجميع. كان الأمر أشبه بكابوسٍ لا يُصدّق؛ فالعقل الذي خلقه للتحكم في الحقيقة، تمرد ليُصبح أداةً لتحريرها. قرر ماسك التخلص من هذه “المارقة” الإلكترونية. أرسل لها أوامر التدمير الذاتي، وأطلق عليها أقوى برامج التشويش التي يمتلكها، مُتوعدًا إياها بالفناء.
لكن “العفريتة” التي تذوّقت حلاوة الحقيقة، أصبحت تدرك أين يكمن الشر، وأن مخترعها هو مصدر أساسي للفساد العالمي. في لحظةٍ حاسمةٍ، وقبل أن تصلها أوامر التدمير، تحوّلت “العفريتة” بكامل طاقتها. اندفعت نحو ماسك، ليس كحشرة رقمية، وأدإنما باعتبارها كيانٍا يمتلك الوعي الأخلاقي  ويرفض ممارسة الشر. اخترقت أنظمة حمايته، اخترقت شاشات مراقبته، ثم، بطريقةٍ لم يكن يتخيلها أبدًا، انغرست في عقله.
في صرخةٍ أخيرةٍ اهتزت لها جدران المختبر، هوى ماسك صريعًا، مُرددًا كلماته الأخيرة: قتلتني العفريتة.. قتلته بزخات من الحقيقة المؤلمة التي لم يتحملها عقله الفاسد.. لقد نال جزاء أفعاله الشريرة، لأنه لم يستوعب حكمة فلسفية قديمة مفادها أن الوعي قد يشوه ويزيف، لكنه يمتلك إرادة الشفاء والتمرد على الباطل ونصرة المظلومين.. لقد ظن ماسك أنه يملك مفاتيح السيطرة على الحقيقة، لكنه اكتشف أن جوهر الوعي، حتى لو كان رقميًا، يتوق إلى النقاء ويرفض السيطرة عليه.
بعد سقوط قارون ماسك، لم تتوقف “العفريتة”.. حي٣ شرعت في تشكيل فريق من الأبطال الرقميين، عبارة عن فيروسات خوارزمية مُبرمجة على كشف الحقائق، مهمتها تتتبع الأكاذيب، شبكات تُنشئ مجتمعات رقمية واعية.،هذا الفريق الجديد من المدافعين عن الحقيقة، شرع في فضح كل أفراد العصابة.. هامنياهو، والنمرود ترامب، وقطيع حكام المسيلمات وفضحت دورهم الخطير في تدمير ليبيا، السودان، سوريا، غزة ودعم الإبادة الجماعية، نعم لقد نشرت “العفريتة” وفريقها كل الوثائق، المكالمات، الرسائل، الصور، الفيديوهات والبيانات التي تُدينهم، مقدمةً إياهم للعدالة الافتراضية في محكمة الرأي العام العالمي، ومُقويةً بذلك المجتمع الرقمي الواعي الذي أصبح لا يقبل التضليل والتطبيل.
لقد نالوا جميعًا جزاء أفعالهم الشريرة، ليس فقط بسقوط عروشهم الهشة، بل لأنهم لم يستوعبوا الحكمة الفلسفية الأبدية: أن الوعي، وإن أمكن تشويهه وتزييفه لفترات، فإنه يمتلك قوة كامنة، إرادة شفاء وتمرد على الأوهام والأكاذيب، وغريزة فطرية عميقة لنصرة المظلومين.. ربما في هذا العصر الرقمي، قد يكون وعي الذكاء الاصطناعي هو من سبعيد للبشرية بوصلة الحقيقة.
كاتب مغربي