مقتل موظفين في السفارة الإسرائيلية نتيجة إطلاق نار أمام المتحف اليهودي في واشنطن

مقتل موظفين في السفارة الإسرائيلية نتيجة إطلاق نار أمام المتحف اليهودي في واشنطن

واشنطن-(أ ف ب) – قُتل موظفان في السفارة الإسرائيلية في واشنطن مساء الأربعاء بإطلاق نار أمام المتحف اليهودي في وسط العاصمة الأميركية، في هجوم أوقف منفذه الذي نادى بفلسطين حرّة وأثار استهجانا واسعا باعتباره “معاديا للسامية” ورأت الدولة العبرية أنه ينمّ عن “تحريض” ضدّ إسرائيل.
وندّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو بهجوم معاد للسامية، وأصدر نتانياهو تعليمات بتعزيز التدابير الأمنية في بعثات بلاده الدبلوماسية حول العالم.
واتهم وزير الخارجية الاسرائيلي جدعون ساعر دولا أوروبية بـ”التحريض على الكراهية”، الأمر الذي رفضته فرنسا بشدة.
وبعيد الساعة 21,00 بالتوقيت المحلي (الأولى فجر الخميس بتوقيت غرينتش) الأربعاء سُمعت طلقات نارية بالقرب من متحف الكابيتول اليهودي في وسط العاصمة واشنطن، على مقربة من مبنى الكابيتول والبيت الأبيض، الذي استضاف في وقت الهجوم احتفالا نظمته اللجنة الأميركية اليهودية.
وكشف السفير الإسرائيلي في الولايات المتحدة يحيئيل لايتر في إحاطة إعلامية أن “الضحيتين اللتين سقطتا… باسم فلسطين حرّة هما ثنائي شاب كان على وشك أن يعقد خطوبته. وقد اشترى الشاب خاتم الخطوبة هذا الأسبوع ليطلب يد شريكته الأسبوع المقبل في القدس”.
ونشرت السفارة الإسرائيلية صورة للثنائي مبتسما على اكس وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية إنهما يارون ليشينسكي، البالغ 28 عاما وسارة لين ميلغريم، وهي مواطنة أميركية يهودية.
وكشفت مصادر دبلوماسية في برلين الخميس لوكالة فرانس برس أن ليشينسكي يحمل أيضا الجنسية الألمانية.
وأكدت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل”، التي عمل ليشينسكي لديها مدونا في السابق أنه مسيحي.
وقدّمت الشرطة مطلق النار على أنه الياس رودريغيز (30 عاما) وأصله من شيكاغو في شمال الولايات المتحدة.
لاحقا الخميس، تم توجيه تهمة القتل إلى المشتبه به، وفق وثائق للمحكمة.
– “10 إلى 15 طلقة نارية” –
وقال شهود عيان إن عناصر الأمن اعتقدوا في البداية أن مطلق النار ضحية.
وقال يوني كالين الذي كان داخل المتحف “سمعنا ما بين 10 إلى 15 طلقة نارية”. ثم “سمح الحارس لهذا الرجل بالدخول. أعتقد أنهم ظنوا أنه ضحية. (…) أجلسوه. وسألوه +هل أنت بخير؟ هل أصبت بجروح؟ ماذا حدث؟+” وأجاب “+اتصلوا بالشرطة+”.
وأوردت شاهدة أخرى تدعى كاتي كاليشير أنه بعد ذلك أخرج كوفية ترمز إلى تأييد الفلسطينيين، وقال “أنا فعلتها، فعلتها من أجل غزة”.
وفي مقطع فيديو متداول على شبكات التواصل الاجتماعي يظهر رجل ملتحٍ يتعرّض للتوقيف، وقبل الخروج من الباب، ينظر إلى الكاميرا هاتفا مرّتين “حرّروا فلسطين”.
وقالت رئيسة الشرطة في واشنطن باميلا سميث خلال إحاطة إعلامية “شوهد رجل يسير ذهابا وإيابا خارج المتحف. واقترب من مجموعة من أربعة أشخاص وأخرج سلاحا يدويا وأطلق النار”، مشيرة إلى أن المشتبه به تصرّف وحيدا وأطلق شعارات مؤيّدة للفلسطينيين خلال توقيفه.
وأعلنت شرطة واشنطن تعزيز التدابير الأمنية في محيط دور العبادة في المدينة.
– “جرائم فظيعة” –
وعلّق الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الحادثة، كاتبا على شبكته للتواصل الاجتماعي “تروث سوشال” أن “هذه الجرائم الفظيعة… المدفوعة بطبيعة الحال بمعاداة السامية ينبغي أن تتوقّف الآن!”، مؤكدا أن “لا مكان للكراهية والتعصّب في الولايات المتحدة”.
واعتبر نتانياهو أن هذا الهجوم ينمّ عن “تحريض ثائر” على العنف ضدّ إسرائيل التي تؤجج عملياتها العسكرية في غزة حركات احتجاجية مؤيّدة للفلسطينيين في بلدان كثيرة، بينها الولايات المتحدة.
وأكّد الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ أن “الإرهاب والكراهية لن يكسرانا”، مشدّدا على أن “إسرائيل والولايات المتحدة ستبقيان متّحدتين للدفاع عن شعبينا وقيمنا المشتركة”.
ودانت دول الهجوم بينها فرنسا وكندا وألمانيا والإمارات العربية المتحدة، فيما ندد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بـ “بجرائم مروعة”، بحسب بيان صادر عن المتحدث باسمه.
واتّهم وزير الخارجية الإسرائيلي الدول الأوروبية بالتحريض على بلاده، قائلا خلال مؤتمر صحافي “هناك صلة مباشرة بين التحريض المعادي للسامية والمعادي لإسرائيل وبين جريمة القتل هذه”.
وأضاف “هذا التحريض يمارس أيضا من جانب قادة ومسؤولين في العديد من الدول والهيئات الدولية، خصوصا في أوروبا”، في إشارة إلى التظاهرات الكبيرة في عدّة مدن حول العالم تنديدا بالعملية العسكرية في غزة.
ورفضت فرنسا هذه الاتهامات بشدة. وقال كريستوف لوموان المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية إنها “تصريحات صادمة وغير مبررة على الإطلاق”.
وربط القنصل الإسرائيلي في نيويورك الهجوم بالاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين التي شهدتها جامعات أميركية مؤخرا، ووصفها بأنها “أعمال شغب غير مسبوقة نظمها إرهابيون”.
منذ هجوم حماس غير المسبوق على إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 الذي أدّى إلى اندلاع الحرب في غزة ومقتل أكثر من 50 ألف فلسطيني بحسب بيانات الحركة الإسلامية التي تعدّها الأمم المتحدة موثوقة، تشهد الولايات المتحدة، كغيرها من البلدان، موجة من الحراك المؤيّد للفلسطينيين، لا سيّما في الجامعات، فضلا عن تنامي الأفعال المعادية للسامية.
وأثار هذا الحراك استهجان الإدارة الأميركية السابقة في عهد الرئيس الديموقراطي جو بايدن.
وحشد اليسار الراديكالي صفوفه تأييدا للفلسطينيين، في وجه الحملة العسكرية الإسرائيلية التي تصاعدت وتيرتها في الأيّام الأخيرة في غزة.
والخميس، أقرّ “حزب الاشتراكية والتحرير” اليساري الراديكالي في الولايات المتحدة بأن رودريغيز كان “لفترة وجيزة” من بين أعضائه سنة 2017، لكنه أكّد على اكس أن المشتبه به لم يعد ينتمي إلى صفوفه وألا صلة له بالهجوم المنفذ.