كيفية إدارة أموالك واستثمارها بحكمة أثناء الركود التضخمي؟

لندن-راي اليوم
في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية، وعودة السياسات الحمائية إلى الواجهة، بات الحديث عن خطر الركود التضخمي (Stagflation) يتردد بقوة في الأوساط الاقتصادية، حيث يحذر محللون من أن بعض الاقتصادات الكبرى باتت تقف على أعتاب هذا السيناريو المعقد، الذي يجمع بين أعلى درجات التضخم وأدنى مستويات النمو.
وفي تصريح لافت، لم يستبعد جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لبنك جي بي مورغان –أكبر البنوك الأميركية– أن يواجه الاقتصاد الأمريكي هذا التحدي الاقتصادي المزدوج، في ظل تفاقم الديون الحكومية، وتزايد الضغوط السعرية، وغياب أفق واضح للتعامل مع المشهد المالي المضطرب.
لكن ما الذي يعنيه “الركود التضخمي”؟ وكيف يمكن للأفراد حماية أنفسهم ماليًا في ظل هذه الأجواء؟
ما هو الركود التضخمي؟
الركود التضخمي هو سيناريو نادر وصعب يتقاطع فيه تباطؤ النمو الاقتصادي مع ارتفاع معدلات التضخم. بعبارات مبسطة، هو مزيج من اقتصاد لا ينمو (أو يتقلص) وأسعار ترتفع بشكل مستمر، مما يضع الحكومات، والبنوك المركزية، والأفراد أمام معضلات صعبة.
فمن ناحية، يؤدي الركود إلى ارتفاع البطالة وتراجع الإنتاج، بينما يواصل التضخم تقليص القوة الشرائية للمواطنين، ما يجعل التوازن بين التحكم بالأسعار وتحفيز الاقتصاد مهمة شبه مستحيلة أمام صناع القرار.
من يدفع الثمن؟ الأفراد أولًا
في حالات الركود التضخمي، تتفاقم الأعباء المالية على الأسر والشركات، ومن أبرز الآثار:
فقدان الوظائف أو تجميد الرواتب، نتيجة تراجع النشاط الاقتصادي.
الغلاء المعيشي الناتج عن ارتفاع الأسعار مع تقلص الدخل.
ضعف الادخار نتيجة ارتفاع تكاليف المعيشة.
انخفاض عائدات الاستثمارات، بسبب اضطرابات الأسواق وانكماش الطلب.
تخبط السياسات النقدية، إذ أن رفع الفائدة يكبح الاقتصاد، وخفضها يفاقم التضخم.
كيف تتصرف الأسر في مواجهة الركود التضخمي؟
النجاة من آثار الركود التضخمي تتطلب استراتيجية مالية واقعية ومرنة، تشمل:
ترشيد الإنفاق: تقليل الكماليات والاقتصار على الأساسيات.
الاعتماد على الطهي المنزلي بدلاً من الطلب من المطاعم.
الانتقال لاستخدام النقل العام لتوفير الوقود.
التمسك بالوظيفة الحالية والحرص على بناء احتياطي نقدي للطوارئ.
تجنب الديون قدر الإمكان، وخاصة تلك ذات الفوائد العالية.
الاستثمار في تطوير المهارات أو بدء مشاريع صغيرة تدر دخلاً إضافياً.
تنويع مصادر الدخل بدل الاعتماد على مصدر واحد.
استثمار ذكي في زمن معقد
رغم الظروف الصعبة، يرى محللون أن فترات الأزمات قد تكون فرصة ذهبية لبناء الثروات، شرط أن تتم الاستثمارات بحكمة وحذر. إليك بعض النصائح:
لا تتبع القطيع: تجنب الانجراف وراء موجات الشراء أو البيع الجماعية في الأسواق.
وزع استثماراتك بين مجالات متعددة لتقليل المخاطر.
اعتمد على خطة استثمارية واضحة قائمة على دراسات سوق دقيقة.
استشر أصحاب الخبرة قبل اتخاذ قرارات مالية كبيرة.
ابتعد عن الاقتراض للاستثمار في ظل عدم استقرار العوائد.
الركود التضخمي ليس مجرد مصطلح اقتصادي، بل واقع له تأثير مباشر على دخل الأسر، نمط إنفاقها، ومستقبلها المالي. وتكمن خطورته في أنه لا يترك مجالاً سهلاً للمناورة، لا للحكومات ولا للأفراد. لكن بالإدارة الحكيمة والوعي المالي، يمكن تحويل الأزمات إلى فرص… ولو بعد حين.